■ ماذا يجري في سوريا هذه الأيام؟ - ما يجري هو استمرار لأزمة سورية ظُهّرت بشكل نهائي منذ سنة ونصف السنة ولا تزال قائمة. الأزمة عميقة وبنيوية شاملة لكل مفاصل الحياة السورية. وشكلها النهائي أو مشهدها النهائي حالة عنف مستمرة تُزهق الكثير من الأرواح وتُسيّل الكثير من الدماء. هذا في العنوان الرئيسي، أما في التفاصيل فتمتد الأزمة السورية، التي لم يُحسن أحد حل مفاصلها، عبر سنوات طويلة تركت مواطن خلل وضعف في الداخل السوري. إزاءها، بدأ حراك شعبي وطني سلمي حقيقي على الأرض كانت له في البداية مطالب محقة. لكن، استطاع أصحاب المشروع الخارجي أن يدخلوا على خط الأزمة ويستغلّوا الطاقات الحيوية للشباب السوري ومطالبهم المحقة ومشاعرهم الجيّاشة لتغليب صورة عنفية على الحراك السياسي، الذي كان يُفترض أن يبقى سلمياً رغم كل العنف الذي قد يمارسه الطرف الآخر.

■ حصلت المعارضة السورية على وزيرين في الحكومة الجديدة، هما أنت وقدري جميل. برأيك هل هذا يكفي؟
- بالتأكيد لا. نحن لم نقل إنها حكومة وحدة وطنية كما كنا نطالب بها منذ أشهر طويلة. لكن، في الظروف الحالية، وفي ظل رفض المعارضة داخل الطيف المعارض القبول بالدخول في مثل هذه الحكومة، لم يكن في الإمكان أحسن مما كان. علماً أن لدينا ملاحظات كثيرة في هذا الخصوص. وقد اعتبرنا أنها خطوة إلى الأمام وخطوة باتجاه فتح الأبواب لإطلاق عملية سياسية حقيقية في سوريا لتُنجز ما يطلبه الشعب السوري.
وفي الشق المقابل، المسألة ليست مسألة عددية قياساً لوزيرين، لكن لو غصنا في التفصيل لوجدنا أن الموقعين اللذين تبوّأهما طرفا المعارضة السورية الداخلية التي قبلت دخول الحكومة، تسلّما مفصلين مهمين جداً.

■ هل تعتبر ان الانتخابات البرلمانية، في الظروف التي أجريت فيها، تلبي وعود الإصلاح، وخصوصاً أن سيطرة «البعث» بقيت واضحة على البرلمان؟
- نحن قبل الانتخابات البرلمانية كنا قد طالبنا بتأجيل كل العملية، ولا سيما أنها محور من محاور العملية السياسية الإصلاحية. كما طالبنا بتأجيل الاستفتاء على الدستور للمزيد من الدراسة، بناء على معطيات لدينا، بأن العملية لم تنضج بعد. لكن، عندما ذهبنا إلى الانتخابات البرلمانية، كان من أجل ألا نقع في فراغٍ دستوري، لأن الجميع يعرف أننا أمام دستورٍ جديد وضعنا أمام استحقاقات زمنية لا تسمح بالتأجيل إلى ما لا نهاية. ومع ذلك، كانت لدينا ملاحظات ليس فقط على التوقيت الذي أُنجزت فيه الانتخابات النيابية، بل حتى على طريقة إنجازها. وللعلم فنحن كنّا بين من طعن أمام المحكمة الدستورية العليا في صحة الانتخابات وطالبنا بإلغائها وإبطالها ككل.

■ تتعرّضون للتخوين من المعارضة الخارجية لأسباب خلافية. ما هي هذه الأسباب؟
- خلافنا مع كل المعارضة الخارجية في الأساس يتمحور حول عنوانين: قسم من المعارضة طرح القطع مع النظام. وبالمناسبة هذا شعار رفعته بعض قوى المعارضة منذ العام 2005. وكان حاملوه يقولون بعدم الحوار مع النظام لأن يديه ملوثتان بالدم. نحن نعارض هذا الطرح، باعتبار أن القطيعة مع النظام تعني قطيعة مع ما يمثّل من شعبية. العنوان الثاني الذي كان يطرحه بعض هؤلاء هو الاستفادة من المتغيرات الدولية في تغيير بنية النظام الداخلي. وهذا العنوان يعني القبول بتدخّل خارجي. هذان العنوانان طرحا منذ العام 2005 على خلفية دخول أميركا إلى العراق. وربما برزا نتيجة الرسائل الخاطئة التي كانت تُرسل إلى أطياف المعارضة والتي ساهمت في وقف العمل على الحوار.

■ فوجئ المتابعون بإسناد حقيبة مستحدثة لكم هي حقيبة المصالحة الوطنية، كيف تم ذلك ولماذا هذه الحقيبة بالتحديد؟
- في بداية المشاورات لتشكيل الحكومة، التقانا رئيس الحكومة رياض حجاب ليبحث معنا موضوع التشكيل. فكان جوابنا فلنبحث في التركيب أولاً. أي كيف ستركب الحكومة ومن سيشارك فيها. وأشرنا إلى أن هناك أسئلة يجب الإجابة عنها سلفاً تتعلق ببرنامج عمل الحكومة وبيانها الوزاري وصلاحياتها، مشترطين أن يكون ذلك قبل البحث في التركيب. من هنا، وبعد حوارات متكررة، التقينا 5 مرات. وفي هذا الوقت، برزت فكرة أن عنوان مشروع الحكومة يجب أن يكون المصالحة الوطنية على قاعدة الاقتناع بأن أحداً لا يمكنه الانتصار على أحد. لا يوهم أحد نفسه بأنه يمكنه ذلك. الجيش غير قادر على تنظيف الأرض بالكامل وإنهاء الحالة المسلّحة من دون حل سياسي للأزمة، حاله حال المسلّحين الذين لا يمكنهم ذلك أيضاً. فالتقاتل لن يؤدي إلى نتيجة لا في شهر ولا في سنة ولا حتى إلى الأبد. القتال قد يمتد لعشرات السنين كالحرب الأهلية اللبنانية. لماذا نذهب إلى عنف وعنف مضاد. سوريا لا يمكنها الخروج من أزمتها إلا بمصالحة. وكل الدول التي تدخل في أزمات، تنتهي بمصالحات على طاولات الحوار. نحن لماذا ننتظر سنوات للوصول إلى هنا. لماذا ننتظر حتى يصل عدد الضحايا إلى 100 ألف. لماذا ننتظر حتى تخرب سوريا، وتصل الليرة السورية إلى ما وصلت إليه الليرة اللبنانية. لماذا ننتظر ما دمنا نعرف أنه في النهاية لا بد أن نجلس معاً؟ مشروعنا هو مشروع تعجيل الحل وتسريعه قبل سقوط آلاف الضحايا.

■ هل لديكم برنامج لتحقيق هذه المصالحة؟
- هناك عدد من الملفات بدأنا الخوض فيها. أبرزها ملف المخطوفين والمعتقلين وملف إعادة المهجرين وإعادة البناء. وقد بدأت أعمل على تجهيز ملف كامل للمهجرين في لبنان وتركيا والأردن. وأهيئ كل الأجواء لعودة كريمة في كل الملفات، وحتى ملف حملة السلاح، علماً أنني بدأت اتصالاتي بهؤلاء. كما أن أبوابي مفتوحة أمام الجميع. لا أريد أن يعتبر أحد أنه ذليل وهُزم ويبقى منحني الرأس. وحتى من يريد أن يقدم سلاحه يجب أن يكون على قناعة أن هذا النوع من النضال لن يُجدي في الأيام المقبلة. وأريده أن يقتنع بأن هناك نضالاً من نوع آخر يُحقّق لي طموحي.

■ هل يتوافق برنامجك الخاص للمصالحة مع الرؤية التي يريدها النظام؟
- هناك أماكن قد نصطدم فيها مع النظام. لكن بداية أود القول إننا لا نريد أن نتكلم عن النظام كلبنة واحدة. أنا أقول إن هناك متشددين في كل المواقع. هناك متشددون في النظام، وهناك متشددون في المعارضة الداخلية والخارجية. لذلك مشروعنا اليوم سيصطدم مع كل المتشددين، سواء كانوا مع النظام أو وسط المعارضة. مشروعنا في الأساس هو فك كل الهيكليات الموجودة وتركيب حالة تجتمع على مشروع وطني تحاصر كل المتشددين أينما وُجدوا.

■ هل بدأتم الاتصال مع قوى المعارضة الخارجية في سوريا؟
- أبوابي مفتوحة. حالياً بدأت اتصالات غير مباشرة. وهناك رسائل أوجّهها عبر الإعلام وبواسطة أشخاص غير مباشرين بأن أبوابي مفتوحة من خلال وزارتي للقاء الجميع والتواصل معهم. أما من لديه حجة بألا يذهب إلى دمشق خوفاً من الاعتقال أو ما شابه، فأقول له إنه إذا ما قبل ضماناتنا فسأكون أنا المسؤول عن حمايته. كما أني مستعد أن ألتقيه في بيروت، ففي لبنان، الجميع يضمن القدوم. وباعتراف الجميع ان الكل يضمن أمنه هنا (في لبنان). فلنتحاور هنا ثم نقرر ماذا
سنفعل.
■ وماذا عن مقاتلي المعارضة في الميدان السوري، كيف ستقنعونهم بإلقاء السلاح؟
بداية، من هم مقاتلو المعارضة؟ ليس كل من حمل سلاحاً صاحب مشروع. يجب التمييز بين حملة السلاح. فهناك من حمل السلاح خوفاً على بيته. وهناك من حمل السلاح ثأراً. وهناك من حمل السلاح لأن لديه قناعة بأنه يستطيع حماية الحراك الشعبي السلمي بهذا السلاح. وهناك الأدوات. يجب التمييز بين الأربعة. فالحل مع الأول والثاني سهل. وكذلك في ما خصّ الثالث الذي ستُحل مشكلته فور بدء العملية السياسية التي ستُلبي مطالب المعارضة. أما الأدوات، الذين تجدهم في كل زمان ومكان، فسيكونون من مسؤولية الجميع.

■ علمنا أن هناك مجموعات مقاتلة بدأتم بالتواصل معها، هل يمكنك أن تخبرنا أين أصبحت؟
- نعم هناك مجموعات من حملة السلاح في أكثر المناطق بدأنا التواصل معها. ونحن قبل إنجاز شيء ملموس على الأرض لن نُعلن شيئاً. هناك بعض من سلّم سلاحه، لكن الأعداد قليلة ولم تذكر في الإعلام. غير أننا نعمل اليوم على مشاريع كبيرة تطال مجموعات كبيرة تملك حضوراً ميدانياً. وذلك إذا نجح يشكل تحوّلاً نوعياً في الحضور المسلّح على الأرض.

■ كيف يمكن للمعارضين أن يتواصلوا معك؟
- هذا رقمي الهاتفي 00963933262877، علماً أني كنت قد وضعته على الهواء مباشرة بقصد تعميمه. وبات يردني عليه يومياً أكثر من ألف اتصال. وهناك شاب فرّغته لتلقي جميع الاتصالات. هذا الأسبوع سوف نأخذ بناء يكون مقرّاً للوزارة، التي لا تزال بلا مبنى وبلا موظفين، وكل الذين يعملون معي هم رفاق في الحزب القومي. كما أننا بصدد إنشاء موقع إلكتروني تفاعلي لكل من يريد الاتصال بنا. كما سيكون هناك قريباً رقم فاكس وأرقام أرضية.

■ كيف ترى سبل الخروج من الأزمة؟
- قبل كل شيء يجب الاعتراف بالآخر. على كل الأطراف أن تعترف ببعضها. يجب أن لا يبقى هناك أحد يقول إنه الممثل الشرعي والوحيد فيما الآخر خائن وعميل. يجب أن نعترف بأن الأزمة سورية وأن حلّها سوري. والأزمة في شمولها وعمقها سياسية، لذلك يُفترض أن يكون الحل سياسياً وليس عسكرياً. والحل السياسي أداته الوحيدة هي الحوار ولكن على ثوابت رفض التدخّل الخارجي ورفض العنف ورفض تبرير العنف.
سوريا على فوهة بركان والأزمة عميقة وليست سطحية. لا يظن أحد من السوريين أنه يستطيع أن ينتصر بمفرده في هذه المعركة. والانتصار ليس من سوريين على سوريين. الانتصار بالسوريين أنفسهم.




يستغرب الوزير السوري علي حيدر اتهامه بالخيانة، متسائلاً: «كيف يتّهمونني بالخيانة وفي الوقت نفسه يتهمون النظام باغتيال ابني». ويرفض استباق التحقيق في اغتيال ابنه اسماعيل (الصورة). ويرى أن العملية جاءت ضمن توجّه دولة إقليمية وضعت لائحة اغتيال لبعض الأسماء كان اسمه من بينها