أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بعد استقباله وفداً من «المجلس الوطني السوري»، برئاسة عبد الباسط سيدا، أمس، تمسّك روسيا بموقفها تجاه الأزمة السورية، داعياً الحكومة السورية وجميع أطياف المعارضة إلى بدء حوار يتيح للسوريين فرصة تقرير مصيرهم بأنفسهم. وأضاف لافروف: «نريد أن نفهم ما هي آفاق توحيد صفوف جميع أطياف المعارضة السورية على قاعدة الحوار مع الحكومة، وفق ما تنص عليه خطة كوفي أنان التي أقرها مجلس الأمن الدولي». وأعرب عن ارتياحه لهذه الفرصة لإجراء حوار مباشر مع ممثلي المجلس الوطني السوري في هذه الفترة المهمة بالنسبة إلى سوريا، مؤكداً رغبته في توضيح موقف موسكو من الأزمة السورية لأعضاء الوفد، وإزالة جميع التساؤلات والشكوك. وأشار إلى أن الجانب الروسي يسعى إلى الحصول على المزيد من التفاصيل بشأن علاقات المجلس الوطني السوري مع مختلف مجموعات المعارضة، وبالدرجة الأولى المعارضة الداخلية.
من ناحيته، قال سيدا، بعد لقائه لافروف: «نرفض السياسة الروسية، مهما كانت مسمياتها، لأن هذه السياسة الداعمة للنظام تتيح استمرار العنف». وأوضح أن «الشعب السوري لا يزال يعاني بسبب موقف روسيا في مجلس الأمن الدولي، حيث استخدمت موسكو حق الفيتو». وتابع: «نتيجة لذلك تستمر أعمال القتل والقصف ويستخدم النظام السوري الأسلحة التي سلمتها روسيا له لقمع شعبه». وقال سيدا إنه حاول إقناع لافروف بأن ما يجري في سوريا «ليس مجرد خلاف بين المعارضة والحكومة، بل ثورة»، مشيراً إلى أنه يشبه «ما شهدته روسيا عند انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991 عندما سارت على طريق الديموقراطية».
وبعد لقائه بلافروف، أجرى سيدا محادثات مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الاتحادي ميخائيل مارغيلوف. ولفت مارغيلوف إلى أنّه «مقتنع بشدة بأننا نحن الروس كنا وسنظّل دائماً نعدّ الشعب السوري صديقنا وشريكنا الوحيد».
على صعيد آخر، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية ليو وي إنّ «الصين تعتقد أن الحل الملائم للقضية السورية لا يمكن فصله عن دول المنطقة، وخاصة دعم ومشاركة تلك الدول التي لها تأثير على الأطراف المعنية في سوريا». بالمقابل، أشار المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إلى أنّه «بما يتعلق بإيران، لقد أوضحنا موقفنا بنحو جليّ، نحن نعتقد أن هذا البلد لا مكان له في مجموعة العمل، التي تضم بلداناً ولاعبين مشاركين بالفعل في جهود إيجاد حلّ سياسي وسلمي في سوريا».
بدورها، دعت منظمة العفو الدولية ومنظمة «هيومن رايتس ووتش»، و«معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان»، و«الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان»، يوم أمس، الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إلى تجديد بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا، وضمان تزويدها صلاحيات قوية. وقالت المنظمات «إن قرار تجديد بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا، يجب أن يتضمن رفدها بالعناصر والخبرات الكافية والمعدات اللازمة لأغراض التوثيق والإبلاغ عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من قبل جميع الأطراف».
وشددت المنظمات الحقوقية الأربع على ضرورة أن «يمتلك المراقبون القدرة على الرد السريع للتحقيق في الحوادث المحددة، ووجود دائم في بعض المدن خارج دمشق، وتزويدهم الحماية والدعم دولياً ومحلياً لتمكينهم من مواصلة عملهم بنحو فعّال». ودعت مجلس الأمن أيضاً إلى «مطالبة سوريا بمنح حق الوصول الكامل لمراقبي الأمم المتحدة وللجنة التحقيق الدولية المستقلة، بما في ذلك الحرية الكاملة لزيارة جميع مركز الاحتجاز من دون إشعار مسبق».
وفي سياق آخر، نقلت وكالة «إنترفاكس»، أمس، عن مساعد مدير الجهاز الفدرالي للتعاون العسكري، فياتشيسلاف دزيركالن، قوله إن روسيا ستواصل تسليم سوريا أنظمة مضادات جوية، مشيراً إلى أنها معدات «ذات طابع دفاعي محض». وأضاف: «لا يمكن بأي حال من الأحوال القول إننا بصدد فرض حظر على تسليم سوريا أسلحة أو تقنيات عسكرية». وأوضح أن روسيا ستستمر في التزام «العقود المبرمة، اعتباراً من عام 2008 حول تصليح مروحيات»، سلّمت لهذا البلد. وأكد المسؤول أن موسكو، من خلال هذا السلوك، لا تخرق «أياً من التزاماتها الدولية».
من جهة ثانية، ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أمس، أنّ «القوات الصاروخية السورية أنهت المناورات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة بمشروع عملياتي بالذخيرة الحية في ظروف مشابهة لظروف الأعمال القتالية، قامت خلاله التشكيلات الصاروخية بتوجيه ضربات مكثفة على أهداف معادية في عمق العدو المفترض». وأضافت الوكالة أنّه «يؤكد إطلاق الصواريخ بأنواعها المختلفة وإصابتها أهدافها بدقة عالية مستوى التدريب النوعي لرجال الصواريخ، وتمكنهم من استثمار الطاقة التدميرية للسلاح بالشكل الأمثل».
وأشار نائب القائد العام للجيش داوود عبد الله راجحة، في توجيهاته لقادة القطعات والتشكيلات الصاروخية المشاركة في المناورة، إلى أهمية المحافظة على جاهزية السلاح والاستعداد الدائم لتنفيذ أي مهمة تسند إليهم للدفاع عن أمن الوطن وسيادية قراره وصون كرامة أبنائه، حسبما نقلت «سانا».
ميدانياً، يشهد ريف العاصمةالسورية دمشق، منذ فجر أمس، اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين، غداة يوم حصدت أعمال العنف فيه 82 شخصاً، بينهم 30 مدنياً، عشرة منهم في حمص، مقابل 26 من المقاتلين المعارضين والمنشقين، وما لا يقل عن 26 من القوات النظامية، إثر اشتباكات في محافظات دير الزور ودرعا وحمص وإدلب وريف دمشق وحلب، بحسب حصيلة «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأفاد المرصد، في بيان، أن «اشتباكات دارت بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين في حيّ القدم في العاصمة دمشق». وأضاف أنه سُمع، بعيد منتصف ليل الثلاثاء، صوت انفجار شديد في دمشق «يعتقد أن مصدره حيّ الفحامة».
وفي سياق آخر، قالت مصادر المعارضة السورية، أمس، إن السفير السوري نواف الفارس، في العراق، انشقّ احتجاجاً على حملة قوات النظام السوري على الانتفاضة الشعبية. وتعليقاً على خبر انشقاق الفارس، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إنه لا علم لحكومته بذلك.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)