أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقائه مع نائب وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز في رام الله أمس، أن تعثر العملية السياسية يعود إلى التعنت الاسرائيلي، فيما حذرت الأمم المتحدة من جمود عملية التسوية. وجاء في بيان للرئاسة الفلسطينية أن عباس أطلع بيرنز «على آخر مستجدات العملية السياسية المتعثرة بسبب موقف الحكومة الإسرائيلية المتعنت والرافض الالتزام بأي من الاتفاقات الموقعة بين الجانبين، وبمرجعيات عملية السلام، ووقف الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى الذين اعتقلوا قبل عام 1994». وأضاف «أكد الرئيس عباس أن استئناف المفاوضات يتطلب إلزام الحكومة الاسرائيلية بتنفيذ التزامها بوقف النشاطات الاستيطانية، وبما يشمل القدس، وقبول مبدأ حل الدولتين، ولا سيما أن هذه ليست شروطاً فلسطينية مسبقة، بل التزامات ترتّبت على إسرائيل ضمن خطة خارطة الطريق».
من جهته، رأى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن عملية السلام الفلسطيني ــ الإسرائيلي في حالة جمود خطير، وحثّ المجتمع الدولي على العمل لوضع حدّ لهذا المأزق. وقال بان، في رسالة قرأها نيابة عنه مدير شعبة حقوق الفلسطينيين في إدارة الأمم المتحدة للشؤون السياسية، ولفغانغ غريغر، خلال اجتماع آسيا والمحيط الهادئ لدعم السلام الإسرائيلي ــ الفلسطيني المنعقد في بانكوك، إن «عملية السلام الإسرائيلي ــ الفلسطيني هي منذ بعض الوقت في حالة جمود خطير، وفيما نتحدث هنا تبذل جهود مكثفة مستمرة بين الأطراف لتفادي تجدد المأزق». وأضاف أن «الإجراءات الأخيرة على أرض الواقع لم تسهم في خلق بيئة مؤاتية للحوار، إذ واصلت إسرائيل نشاطها الاستيطاني، الأمر الذي يخالف القانون الدولي والتزاماتها بموجب خارطة الطريق، فضلاً عن الجدار الذي يعوق حركة الفلسطينيين، كذلك تصاعدت أعمال العنف بين المستوطنين الإسرائيليين والفلسطينيين». وأشار إلى أنه «منذ بداية العام تم هدم أكثر من 370 مبنى للفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وتشريد نحو 600 شخص، بمن فيهم الأطفال والنساء».
في غضون ذلك، حذر الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز، أول من أمس، من العواقب الديموغرافية للاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية، ما أثار غضب ممثلي المستوطنين، بحسب الاذاعة العسكرية الاسرائيلية. وقال الرئيس الاسرائيلي في حفل أُقيم في القدس إن «المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي ذات الكثافة العربية تنطوي على تغيير ديموغرافي يجب علينا التفكير جيداً في كيفية التصرف حياله». وأضاف «من المشكوك فيه أن تبقى الدولة اليهودية يهودية دون أغلبية يهودية»، في ردّ ضمني على تقرير صدر قبل يومين.
ورفض رئيس مجلس المستوطنات، داني دايان، ما قاله بيريز، متهماً إياه «بانتهاك المؤسسة الرئاسية مرة أخرى» من خلال اتخاذ مواقف سياسية مثيرة للجدل. ورفض الحجج الديموغرافية التي قدمها بيريز، قائلاً «اليهود هم الغالبية في غرب الاردن، أي في مجمل أرض اسرائيل ويهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وهذه الغالبية لم يجر التشكيك فيها على مرّ السنين».
وفي السياق، رأت صحيفة «نيويورك تايمز» أن قرارات اللجنة التي عيّنتها الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة تمثّل ضربة «قد تكون كارثية» بإصدارها تقريراً يؤكد أن وجود إسرائيل الاحتلالي على مدار 45 عاماً فى الضفة الغربية لا يعتبر احتلالاً. وقالت الصحيفة، في افتتاحيتها الرئيسية بعنوان «التوقيت الخاطئ لمستوطنات جديدة»، إن اللجنة صدقت على حق إسرائيل القانوني في الاستيطان هناك، وأوصت بأن توافق الحكومة على عشرات المستوطنات الإسرائيلية الجديدة.
وأضافت الصحيفة أن آمال الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة دائماً ما تزداد خفوتاً مع دفع إسرائيل باتجاه إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية وبسط سيطرتها على قطاعات جديدة من القدس الشرقية التي يعلن الفلسطينيون أنها عاصمتهم، مشيرة إلى أنه في الوقت نفسه فإن «محادثات السلام التي تعد الضمان الأفضل لحل قابل للاستمرار لا تحرز تقدماً».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)