القاهرة | ما بين المحكمة الدستورية العليا في ضاحية المعادي جنوب القاهرة، ومحكمة مجلس الدولة في منطقة الدقي بمحافظة الجيزة، ومجلس الشعب، بوسط القاهرة، تنقلت أنظار المصريين أمس. المحكمة الدستورية نظرت دعاوى قدمت إليها تطالب «بوقف تنفيذ» قرار الرئيس المصري محمد مرسي، بإلغاء قرار المجلس العسكري بحل مجلس الشعب واستعادة الاخير سلطاته التشريعية.
واكد مصدر قضائي ان المحكمة الدستورية العليا قررت «وقف تنفيذ» قرار الرئيس المصري محمد مرسي بعودة مجلس الشعب الى الانعقاد. وقضت المحكمة بـ«وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية» بالغاء قرار المجلس العسكري ودعوة مجلس الشعب الى الانعقاد مجددا. واضاف المصدر أن المحكمة «أمرت بتنفيذ حكمها السابق ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب الذي جرت بموجبه الانتخابات، بما يترتب على ذلك من حل المجلس واعتباره غير قائم بقوة القانون».
ورفضت هيئة الدفاع عن قرار الرئيس المصري الحكم فور صدوره، وتلا ممثلها المحامي عبد المنعم عبد المقصود بيانا امام الصحافيين اكد فيه ان هذا الحكم يعتبر «منعدماً». وصرح لقناة «الجزيرة مباشر مصر» ان «المحكمة الدستورية جنبت القانون واستدعت السياسة»، بينما اكد عضو آخر في هيئة الدفاع عن مرسي، المحامي ممدوح اسماعيل، للقناة نفسها ان الحكم «مسيس».
عضو قسم التشريع بمجلس الدولة، المستشار أحمد وجدي، أكد من جانبه أن حكم المحكمة الدستورية واجب النفاذ ولا توجد أي جهة قضائية من شأنها مراجعته أو التعقيب عليه، لافتاً الى أن منطوق حكم المحكمة تجاوز الاختصاص الولائي المنعقد لها، فنص على وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رغم أن المحكمة الدستورية غير مختصة ولائياً بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية وإنما مجرد التأكيد على استمرار حكمها الذي سبق أن أصدرته في 14 حزيران بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب فتقضي فقط باستمرار تنفيذ حكمها. وعن خطوات تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، قال وجدى إن الحكم ينفذ بمجرد إعلام هيئة قضايا الدولة التي تمثل الحكومة به والتي تقوم بدورها بإخطار مؤسسة الرئاسة بالحكم لينفذ على الفور.
أما في مجلس الشعب، فكان الموعد مع أول جلسة للبرلمان العائد بقرار من مرسي. الجلسة لم تستمر أكثر من 15 دقيقة، تلى فيها رئيس المجلس محمد سعد الكتاتني تفاصيل الأزمة التي حدثت منذ قرار المحكمة الدستورية في 14 حزيران الماضي، ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب، وقرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعده بتنفيذ قرار المحكمة ومنع نواب البرلمان، صاحب الأغلبية الإسلامية، من الدخول إلى البرلمان. وقال الكتاتني في الجلسة الأولى، بعد توقف دام 25 يوماً، إنه تشاور مع هيئة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان في كيفية تطبيق منطوق حكم المحكمة الدستورية العليا، والحيثيات المرتبطة به، قبل أن يضيف «إعمالاً بمبدأ سيادة القانون واستجابة لقرار رئيس الجمهورية، فإننا مجتمعون اليوم لمناقشة تطبيق حكم الدستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة الثانية والمادة الثالثة وبعدم دستورية نص المادة الأولى من المرسوم بقانون الخاص بانتخابات مجلس الشعب».
وأكد رئيس المجلس العائد، في كلمته على أن «قرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب لم يتعرض لحكم المحكمة الدستورية العليا»، لافتاً إلى أن سيادة القانون في الدولة هي محور نظامها القانوني وأساس شرعيتها وممارستها لسلطاتها، وأن الدولة تكون مقيدة في كافة مظاهر نشاطها بقواعد القانون لتصبح ضابطاً لاعمالها وتصرفاتها باشكالها المختلفة. وأضاف «المجلس لا يعترض على حكم المحكمة الدستورية»، «بل إننا نؤكد عليه ومدى تطبيق الحكم». واقترح على النواب «إحالة الموضوع إلى محكمة النقض للنظر والإفادة»، طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 40 من الإعلان الدستوري. وهو ما وافقت عليه أغلبية نواب البرلمان، الذين حضروا الجلسة، وسط غياب واضح وملحوظ من أحزاب التيار المدني في المجلس، وعدد من المستقلين. اذ لم يحضر الجلسة سوى عدد من نواب حزب الوفد الجديد، مخالفين بذلك قرار الهيئة العليا للحزب، التي اتخذت قراراً مساء أول من أمس بمقاطعة الجلسة. ومن بين نواب الوفد الذين حضروا أمس، القيادي في الحزب ووكيل مجلس الشعب النائب محمد عبد العليم داود، الذي قال في تصريحات صحافية «للأسف لن انصاع لقرار الوفد الذي تم اتخاذه دون مشاورة النواب وعدم دعوتهم إليه».
من جهته، أصدر رئيس الحزب السيد البدوي، قراراً مساء أمس بفصل نائبين ممن شاركوا في جلسة البرلمان، وإحالة النائب محمد عبد العليم داود مساعد رئيس حزب الوفد للشؤون البرلمانية إلى الهيئة العليا للتحقيق معه لخروجهم على قرار الهيئة العليا للحزب.
في هذه الأثناء، حسم الأزهر أمس حالة الجدل المثارة في الفترة الأخيرة في الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، حول المادة الثانية من الدستور المصري، التي تنص على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع».
وفي حين يريد نواب حزب النور السلفي إلغاء كلمة «مبادئ»، والإبقاء على الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، قال شيخ الازهر أحمد الطيب، أمس «يهيب الأزهر الشريف بكل الإخوة المعنيين بهذه المادة الإبقاء عليها كما وردت في دستور 1971، لأنها تمثل عقيدة الأمة والمصدر الأهم لهويتها، ومبادئها وأصولها هي المصدر الرئيـسي لتشريعاتها». وأكد أن موقفه النهائي والحاسم هو «عدم المساس بالمادة الثانية من الدستور بصيغتها الحالية زيادة أو حذفاً».