بغداد | هي المرة الأولى التي يتحدث فيها المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الذي يمكن اعتباره أحد أبرز مؤسسي ورعاة العملية السياسية في العراق، عن إمكانية انسحابه من المشهد السياسي بلهجة «انفصالية» و«تمرّدية»، بعد انقلابه الأخير على حليفه «التيار الصدري» بسبب «الكابينة» السياسية، التي أقصت وزراء «المجلس» وأذعنت لما طالب به الصدر.
وبدأت كوادر المجلس الأعلى و«كتلة المواطن» (الذراع السياسية للمجلس) التحشيد لكلمة «مفصلية» للحكيم، من المقرر أن يلقيها يوم غد الجمعة أمام حشد جماهيري في بغداد، فيما سيجري نقلها عبر شاشات عرض عملاقة في 14 محافظة عراقية مباشرة. وبحسب قيادي في ائتلاف «المواطن» تحدث لـ«الأخبار»، فإن خطاب الحكيم سيكون «مفصلياً»، وسيحدد موقف المجلس الأعلى من العملية السياسية بعد التطورات الأخيرة.
وكان الحكيم قد شن، السبت الماضي، هجوماً مبطناً على رئيس الحكومة حيدر العبادي بشأن الكابينة الوزارية، مهدداً بأن كافة الخيارات ستكون مفتوحة إذا وصلت الأمور إلى «طريق مسدود»، داعياً إلى إعادة «العقلانية والتوازن» إلى العملية السياسية والتغيير الوزاري.
في هذه الاثناء، علمت «الأخبار» بأن تقارباً «مهماً» حصل بين الحكيم والعبادي، خلال الساعات القليلة الماضية. مصدر مطلع قال إن التقارب أدى الى موافقة العبادي على الجزء الأول من مبادرة الحكيم الخاصة بتأليف حكومة تكنوقراط، واعتماد الوزراء الذين قدمهم العبادي في كابينته الوزارية مع فتح باب الترشيح للهيئات المستقلة.
عاودت واشنطن الحديث عن ضرورة تحجيم «الحشد الشعبي»

في موازة ذلك، أفاد مصدر حكومي بأن ما يصدر عن الكتل السياسية والنواب بشأن التصويت على الكابينة الوزارية مجرد آراء وتصريحات في إطار ممارسة الضغوط السياسية. المصدر أشار لـ«الأخبار» إلى ان اللجان البرلمانية لا تملك من الناحية القانونية حق رفض المرشحين الذين قدمهم العبادي حيث إن عملها ينحصر بتقديم توصيات وتقارير. كذلك، أكد المصدر أن التغيير الوزاري سيمضي بالرغم من أنه قد يواجه بعض الإشكالات والمعوّقات، مجدداً التأكيد على أنه لا توجد أية مشكلة في استبدال أو تغيير بعض المرشحين إذا اقتضت الضرورة، أو كان هناك أية ملاحظات جدية حولهم.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى جهة قضائية) قد أصدرت، أمس، قراراً داعماً للعبادي في قضية إقالة الوزراء. وقال المتحدث باسم المحكمة القاضي عبد الستار بيرقدار، في بيان رسمي، إن «المحكمة تلقت طلباً تفسيرياً بشأن جواز قيام مجلس النواب بالتصويت في قرار واحد يصدر عنه بالموافقة على إقالة لوزير مقترناً بالوقت ذاته بالموافقة على تعيين بديل عنه»، مشيراً إلى أن «المحكمة ذهبت إلى أن المادة (78) من الدستور قد خولت رئيس مجلس الوزراء حق إقالة الوزير بموافقة مجلس النواب... وأن العبادي وفقاً للنص الدستوري هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة».
بدوره، يرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أن جميع المعطيات المتوافرة، حتى الآن، تشير إلى أن التغيير الوزاري ماضٍ، وأن الكابينة الوزارية سيجري التصويت عليها عاجلاً ام آجلاً. وأكد الشمري لـ«الأخبار» أن هناك توافقاً أميركياً إيرانياً حول بقاء العبادي، وهذا ما أظهرته الوفود التي التقت بالعبادي خلال الأيام الماضية.
وفي السياق، كشف مصدر مطلع لـ«الأخبار» أن الإدارة الأميركية عاودت الحديث عن «الحشد الشعبي» وعن ضرورة تحجيمه، ومنع مشاركته في المعارك المقبلة. وأوضح المصدر أن اللقاءات التي جمعت العبادي بالوفود الأميركية، وأبرزها مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون التحالف الدولي ووفد من الكونغرس، أعادت الاسطوانة الخليجية المعروفة بشأن «انتهاكات الحشد الشعبي والميليشيات، وضرورة العمل على تنقية الجيش من تلك الجماعات».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية القطرية الافراج عن أحد الصيادين القطريين المختطفين، منذ نهاية العام الماضي. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية إن الصياد الذي اختُطف، هو أحد أفراد العائلة الحاكمة مع مرافقه الباكستاني، مشيراً إلى أن المفاوضات جارية للافراج عن البقية.
وفي الوقت الذي لم يذكر المسؤول أي تفاصيل عمن خطفهما أو كيف أفرج عنهما، امتعنت السلطات العراقية عن إصدار أي موقف أو بيان بشأن عملية لافراج عن الصياديين، وهل جرت بعلم الحكومة أو عدمها.