القاهرة | الجدل حول احتمالات تأجيل الانتخابات هو السائد لدى قطاع من الرأي العام منذ تلقف بيان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أول من أمس، الذي علقت فيه أعمالها احتجاجاً على تعديلات في قانون الانتخابات الرئاسية أقرها مجلس الشعب قبلها بساعات.التعديلات انصبت على إلغاء فترة الصمت الانتخابي، واشتراط اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية بحضور ممثلين عن المرشحين ومنظمات المجتمع المدني، وأن تجرى أعمال الفرز لأصوات الناخبين باللجان الفرعية، بحضور وكلاء ومندوبي المرشحين، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والإعلان عن نتائج اللجان الفرعية بحضورهم عقب الفرز مباشرة.
لكن التعديل الأبرز، والذي نظر له كسبب رئيسي وراء ثورة اللجنة، هو ذاك الذي حظر تعيين أحد أعضاء لجنة الانتخابات الرئاسية أو أحد أمنائها في منصب قيادي تنفيذي أو في مجلسي الشعب والشورى مدة ولاية الرئيس المنتخب، اعتباراً من أول انتخابات بعد سريان القانون. وهو حظر يشمل كل القضاة بعد تقاعدهم في مشروع قانون السلطة القضائية الذي يطالب بإقراره ما يعرف بتيار الاستقلال بين القضاة.
بيان اللجنة سارع إلى الاستنجاد بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي طالبته بـ«أن يمارس سلطاته الدستورية بحسبانه حكماً بين السلطات، تمكيناً للجنة من مواصلة أدائها لأعمالها، وإنجازاً لما تبقى من إجراءات، وانهاء العملية الانتخابية في مواعيدها المحددة سلفاً، إعلاءً للمصلحة العليا للوطن»، في اشارة ربما إلى اعاقة القانون الجديد.
وبررت اللجنة غضبها بما قالت إنها لاحظته من «تطاول» أثناء مناقشة التعديلات الجديدة «يوحي بعدم الثقة في اللجنة، ابتغاء منعها من مواصلة العملية الانتخابية». وشدد على أنه «ليس بمسوغ قبول ما قاله بعض من نواب الشعب في هذا الخصوص»، بحسب نص البيان الذي لم يبد مع ذلك أي اعتراض على نصوص التعديلات نفسها.
من جهته، رأى أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاهرة، جابر جاد نصار، في حديث مع «الأخبار»، أن أي قرار بتأجيل الانتخابات كنتيجة لقرار اللجنة تعليق أعمالها سيعد مخالفة دستورية واضحة، لافتاً إلى أن الاعلان الدستوري، الصادر عن المجلس العسكري العام الماضي، لا يتضمن نصاً ينظّم تأجيل الانتخابات.
وأوضح نصار أن احتجاج اللجنة لا يبيح لها تأجيل الانتخابات أو حتى التسبب في تأجيلها، «اذ يجوز لها مثلاً اللجوء للنائب العام في حال ارادت الابلاغ عما يعيق عملها». ويضيف «أما المجلس العسكري فيمكنه بطبيعة الحال عرقلة صدور التعديلات على قانون الانتخابات الرئاسية ببساطة بعدم التصديق عليها، وهو شرط لصدورها بطبيعة الحال».
ولفت نصار إلى أنه «من غير المفهوم طبعاً احتجاج اللجنة على حظر تولي أعضائها مناصب تنفيذية في فترة حكم الرئيس القادم»، مضيفاً «جميعهم تخطوا سن السبعين أصلاً فأي مناصب تلك التي يحتاجون إليها؟».
لكن الثابت على كل حال، أن اللجنة لن تجد من يدافع عنها حتى ضمن خصوم جماعة الاخوان المسلمين، اللهم إلّا المجلس العسكري نفسه ربما.
فاللجنة، المحصنة من الطعن في قراراتها بنص المادة 28 من الإعلان الدستوري، مؤلفة من عدد من القضاة يتولون مناصبهم، وفقاً للإعلان الدستوري، بناءً على مواقعهم القضائية، وطالتهم جميعاً تقريباً سهام النقد، وخصوصاً رئيسها فاروق سلطان الذي تولى موقعه في اللجنة لكونه رئيساً للمحكمة الدستورية العليا. وهو منصب وصل إليه في العام 2009 بناءً على قرار جمهوري من الرئيس المخلوع حسني مبارك. وكان سلطان قد انتدب للعمل في النيابة العسكرية، وعمل في مكتب المدعي العام العسكري لسنوات. أما عبد المعز إبراهيم، عضو اللجنة ورئيس محكمة استئناف القاهرة، فهو بطل قضية التمويل الأجنبي السيئة الصيت بعدما اتهمه محمود شكري، القاضي الذي تنحى عن الحكم في قضية التمويل الأجنبي غير القانوني للمنظمات غير الحكومية، بالتدخل في سيرها والسماح للمتهمين الأميركيين فيها بالسفر ومن ثم هروبهم.