القاهرة | بأعصاب باردة، تبرأ المجلس العسكري الحاكم في مصر من أي مسؤولية عن الاعتداءات على المعتصمين في محيط وزارة الدفاع وميدان العباسية القريب من الوزارة أول من أمس، وهدد أي مواطن يفكّر في الاقتراب من وزارة الدفاع خلال الاحتجاجات التي دعا عدد من القوى الثورية إلى تنظيمها اليوم وسط العاصمة المصرية، فيما تمسكت جماعة الإخوان المسلمين بميدان التحرير، معتبرة أنه أكثر أماناً من ميدان العباسية.
وحذر ثلاثة أعضاء المجلس العسكري، في خلال مؤتمر صحافي في القاهرة، كل من هدد بالزحف نحو وزارة الدفاع للمطالبة بأنه «ليس عليه إلا أن يحاسب نفسه»، معربين عن رفضهم لمليونية «الزحف إلى وزارة الدفاع»، احتجاجاً على «استمرار سياسات قتل الثوار»، وطالبوا بالتجمع في ميدان التحرير.
في هذا الوقت، قال عضو المجلس اللواء مختار الملا إن «من يقترب من وزارة الدفاع لن نتركه وسندافع عن أنفسنا بشكل شرعي»، مؤكداً «أن ما يحدث في ميدان العباسية هو إفشال لخريطة الطريق التي تستهدف تسليم السلطة للشعب في حزيران المقبل».
وتعليقاً على المطالبات بتحديد الفاعل الحقيقي في أحداث العباسية، قال الملا: «نحتاج إلى وقت، والأمر فيه الكثير من الإجراءات، فيجب أن تكون هناك أدلة إدانة، والنائب العام كلف وزارة الداخلية بعمل التحريات اللازمة».
بدوره، شرح عضو المجلس العسكري اللواء محمد العصار ما حدث في ميدان العباسية من وجهة النظر الرسمية، قائلاً إنها «بدأت بتحرك مجموعة من ميدان التحرير في اتجاه العباسية، والجميع على علم بانتماء هذه المجموعة»، مضيفاً: «نحن نعلم لمن تنتمي هذه المجموعة. ووصلت الساعة الثانية صباحاً الى نحو 3 آلاف شخص، حاولوا الاحتكاك بعناصر الأمن التابعة للقوات المسلحة الموجودة في شارع الخليفة المأمون، المؤدي إلى وزارة الدفاع، حيث تطورت الأحداث الى أن قرر هؤلاء الشباب الاعتصام أمام جامعة عين شمس». ورفض اعتبار المعتدين على المعتصمين بلطجية مأجورين، مشيراً إلى أن «أحداثاً مؤسفة وقعت بين أهالي العباسية والمعتصمين فجر يوم الأول من أيار الحالي، نتيجة تضرر أهالي العباسية من قطع الطرق والاعتداء على المساكن والمتاجر»، مضيفاً إنه «توالت الأحداث بعد ذلك إلى أن حدثت اشتباكات أخرى فجر الأربعاء أيضاً نجم عنها 7 وفيات وبعض المصابين». وأكد أن «عقيدة القوات المسلحة هي ألا تستخدم العنف ضد الشعب من مبدأ أنها ملك لهذا الشعب قولاً وفعلاً». وأكد أن عدد الوفيات وصل حتى الآن في أحداث العباسية إلى تسعة قتلى وأكثر من 160 مصاباً.
وانتقد عضو المجلس الحاكم المطالبات المستمرة بعودة العسكر إلى ثكنهم وتسليمهم الحكم إلى سلطة مدنية، قائلاً: «أتعجب من مطلب تسليم السلطة، ونحن نؤكد دائماً أن السلطة سيتم تسليمها قبل 30 حزيران 2012»، مضيفاً: «نتعجب أيضاً من وجود أي تشكيك بالقوات المسلحة بشأن نزاهة الانتخابات الرئاسية، ولو كنا نريد تزوير الانتخابات لزورنا الانتخابات البرلمانية والتي شهدها العالم أجمع». وقال «نحن ملتزمون بنزاهة الانتخابات البرلمانية 100 في المئة وليس لنا مصلحة مع أحد»، مشدداً على أنه ليس للعسكر مرشح للرئاسة.
الى ذلك، تواصلت الاستعدادات لتظاهرات «جمعة النهاية» اليوم، والتي اتفقت عدة قوى سياسية غير إسلامية باستثناء أعداد من مؤيدي المرشح السلفي المستبعد من سباق الانتخابات الرئاسية حازم صلاح أبو اسماعيل، على تنظيمها في اتجاه ميدان العباسية.
وقال عضو الاشتراكيين الثوريين مصطفى الأصفهاني لـ«الأخبار» إن اجتماع أول من أمس الذي حضره ممثل عن حركته للتنسيق بين الحركات السياسية الداعية إلى جمعة النهاية ضم حركات 6 نيسان وشباب العدالة والحرية وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي والجبهة القومية للعدالة والحرية وائتلاف شباب الثورة. وقال إن هذا الاجتماع انتهى الى اتفاق على تنظيم مسيرتين من مسجد رابعة العدوية في شرق القاهرة، ومن مسجد الفتح في وسط العاصمة المصرية الى ميدان العباسية، حيث يقع مقر وزارة الدفاع.
واللافت أن جماعة «الإخوان المسلمين» وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، شرعت في تنظيم تظاهرة بعنوان «لا لسفك دماء المصريين» المزمعة اليوم، لكن في ميدان التحرير بمعزل عن التنسيق مع بقية القوى في العباسية. وهو ما برره عضو مكتب الإرشاد في الجماعة مصطفى الغنيمي، في تصريحات لـ«الأخبار»، قائلاً إنه «تفادياً لمزيد من الدماء... فميدان العباسية الآن مدجج برمته بالسلاح الذي لا يعرف أحد من يحمله ومن أين جاء، كما أن أحداً لا يعرف من يقتل من».
بدوره، أكد رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتنى، فى بداية اجتماع طارئ لأربع لجان نوعية في مجلس الشعب أمس لمناقشة أحداث العباسية، أن البرلمان لن يتخلى عن أي مواطن يدافع عن حق التظاهر والمتظاهرين، وسيحاسب المقصر الذي لم يؤدّ الدور المطلوب منه حيال ما حدث.