حلب | اقتحم عناصر من الأمن المدينة الجامعية في حلب فجر أمس بأعداد كبيرة، وأطلقوا النار في حرم الجامعة، وذلك عقب خروج تظاهرة طلابية حاشدة تنادي بإسقاط النظام، ما أدى إلى مقتل أربعة طلاب على الأقل، وجرح 28 آخرين، واعتقال حوالى 200 طالب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، في حين قالت مصادر أمنية سورية إن القتلى اثنان، واحد من الموالين للنظام وآخر معارض. ويمثّل اقتحام جامعة حلب أحدث خرق لهدنة فرضتها الأمم المتحدة ودخلت حيّز التنفيذ قبل ثلاثة أسابيع. وظهرت لقطات من اقتحام جامعة حلب على تسجيلات مصورة على الإنترنت. وأظهرت اللقطات شباناً يرددون هتافات ضد عائلة الرئيس السوري بشار الأسد ويتعرضون لإطلاق نار. وبثّ النشطاء صورة شاب قالوا إنه قتل وقميصه ملطّخ بالدماء ولقطات فيديو لمبنى المدينة الجامعية وقد أشعلت فيه النيران وحطمت نوافذه. وبدا أن أروقة في المدينة الجامعية حطّمت وظهر أشخاص في اللقطات يجرّون الأثاث لإخراجه وطلاب يصرخون.
وخرجت تظاهرة في ساحة الجامعة احتجاجاً على أحداث المدينة الجامعية، واجهتها قوات الأمن بالقنابل المسيلة للدموع، بحسب المرصد. كذلك شهدت أحياء في مدينة حلب مسيرات نصرة للجامعة، بعدما تردّدت أنباء ما جرى فيها بين السكان، بحسب تنسيقيات مدينة حلب، ثانية المدن السورية، التي تشهد منذ أشهر تصاعداً في الاحتجاجات الشعبية والطلابية والنقابية. كذلك خرجت تظاهرات تضامناً مع الجامعة في مناطق عدة، ولا سيما في درعا ودير الزور، بحسب ما أفادت لجان التنسيق المحلية.
إثر ذلك، أعلنت إدارة جامعة حلب تعليق الدروس في كافة كلياتها «بسبب الظروف الحالية»، بحسب ما جاء في الموقع الإلكتروني للجامعة. وكتب الموقع الإلكتروني للجامعة على الإنترنت «نظراً للظروف الحالية تعطّل الكليات النظرية حتى موعد الامتحانات، وتعطّل الكليات التطبيقية والمعاهد حتى تاريخ 13 أيار».
وقال الناشط المعارض حمد الحلبي إن «الطلاب منعوا من دخول الجامعة، وأبلغوا هذا القرار، كما أبلغوا قرار إغلاق المدينة الجامعية (سكن الطلاب) حتى أجل غير مسمى». وأضاف أن عناصر الأمن «اقتحموا مساكن الطلاب قبل الظهر وطردوا الطلاب ورموا ممتلكاتهم وأحرقوا بعض الغرف».
بدوره، دعا المجلس الوطني السوري المعارض، في بيان، الطلاب السوريين إلى «الإضراب تضامناً مع زملائهم في جامعة حلب». وطالب اتحادات الطلبة العرب بـ«التضامن مع الطلبة السوريين بكل أشكال التضامن والدعم»، داعياً المؤسسات الدولية إلى «أن تتحرك بشكل عاجل لضمان حرمة الجامعات السورية، والعمل على إعادة فتح جامعة حلب، وإعادة الطلاب المفصولين من الجامعة والطلاب المحرومين من السكن الجامعي إلى جامعاتهم وسكنهم، وإطلاق سراح المعتقلين منهم».
وطالب بيان المجلس المراقبين الدوليين الموجودين في سوريا بـ«التحرك لكشف ما يجري في حلب»، ومجلس الأمن الدولي بـ«أن يصدر قرارات حازمة لإجبار النظام السوري على وقف العبث بأمن واستقرار سورية والمنطقة بالأساليب التي يفهمها نظام منفلت العقال».
وفي حين تقفل الجامعة إلى أسبوعين، يبدو واضحاً الانقسام في صفوف الطلاب، بين من يرى أن التظاهر والاعتصام هما تعطيل للدراسة وغير مجديين، وبين من يتظاهر منذ شهور لدقائق قبل أن يفر، ويرى هؤلاء أن التظاهر وشل الحياة الجامعية هما وسيلة الضغط الوحيدة المتوافرة لدى الطلاب بغية وقف عنف النظام تجاه الاحتجاجات الشعبية في المناطق الأخرى.
في المقابل، يميل الأساتذة عموماً إلى القول إن قانون تنظيم الجامعات يمنع التظاهر، وسير الدراسة هو المقدم على أي شيء سواه، الأمر الذي يطالب المعارضون بتطبيقه على حزب البعث الذي يقع مقر فرعه في قلب الجامعة، ويسيطر من خلاله على النشاطات السياسية والفكرية والطلابية. ويقول أحد طلاب كلية طب الأسنان «الجامعة ليس لها حرمة، الشبيحة يدخلونها ويعتدون على الطلاب، ولا يستطيع الأمن منعهم أو مواجهتهم، وهي لعبة من الأمن لكي نستنجد بهم».
كرم، وهو عضو منتخب في هيئة طلابية، يرى أن المشكلة ليست في التظاهر بذاته، مديناً «التعرض بالقمع للتظاهرات الطلابية». ويرى أن المشكلة هي «غياب البرنامج عن خطاب المعارضة وغلبة نزوع عاطفي وحماستي على التظاهرات، في وقت تجري فيه مواجهات مسلحة وانقسام وطني وتدخل خارجي بالتمويل والتسليح، يهدد الجميع الذين يحتاجون إلى الحوار والتهدئة لا إلى مزيد من التصعيد»، فيما ترى زين أنه آن الأوان للتوقف عن العنف وعن التظاهر، والذهاب إلى الحوار والعمل السياسي الحزبي بعد إنهاء حكم الحزب الواحد بإلغاء المادة 8.
لكن صديقها المعارض يرى أن «الإصلاحات شكلية ولن تثمر أي تغيير حقيقي، لكون السطوة الأمنية مستمرة، ولا تقيم أي وزن لحرمة الجامعة». ويضيف: «لا نية حقيقية لدى السلطة في الإصلاح، لأنه يكفي رفع القبضة الأمنية لكي ينزل الملايين إلى الشوارع. نحن نريد الحرية، وإسقاط النظام وإقامة نظام جديد».
ويذهب طالب معارض آخر إلى القول إن «الجامعة هي مؤشر الحياة السياسية. التظاهر ليس لدعم الجيش الحر كما يتهمنا الموالون، بل لإعادة الحياة السياسية إلى الجامعة، وإنهاء احتكار حزب البعث لكل شيء فيها»، في حين يجزم أحد الطلاب الناشطين في التظاهرات أن «السماح بالتظاهر سيجعل آلاف الطلاب الخائفين يشاركون في التظاهر، ما سيجعل فرع حزب البعث خارج الجامعة فوراً، حيث سيجري تحطيمه وتطهير الجامعة منه».