الجزائر | عرض حزب جبهة القوى الاشتراكية في الجزائر على القوى السياسية إنجاز ما سمّاه «العقد الوطني الديموقراطي الشامل» لإتاحة الفرصة أمام قيام «الجمهورية الثانية» لإنقاذ البلاد وتنميتها وتجنيبها الهزات التي عصفت بعديد من البلدان في المنطقة. وأعلن هذا الاقتراح الأمين الأول للحزب علي العسكري، على هامش مهرجان خطابي انتخابي احتضنته قاعة سينما «سيرا مايسترا» وسط العاصمة الجزائر أول من أمس. وقال العسكري، الذي انتخب على رأس الحزب قبل نحو شهرين: «نحن في جبهة القوى الاشتراكية نرى أن الوقت قد حان لتأسيس الجمهورية الثانية عبر ميثاق سياسي وطني ديموقراطي شامل تنجزه القوى السياسية المختلفة وتلتزمه لتفادي الانزلاق نحو المجهول». ورأى أن «تغييراً سلمياً» في الجزائر «ممكن»، واصفاً النظام القائم بـ«الخطير على البلاد»، لأنه يسبب دفع الناس إلى اليأس وفقدان الثقة بقدرة النهج السلمي على إحداث تحول ملموس في حياتهم. وذكّر بأن الجزائر عرفت طريق العنف، وهو لن يؤدي الى مخرج سليم ولا يفرز عوامل التغيير الإيجابي والاستقرار والتنمية.
العسكري حذّر أيضاً من أي مغامرة يمكن أن تدفع بالبلاد مجدداً إلى سكة العنف التي خلّفت نحو 200 ألف قتيل منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي. وأشار إلى أن آثار الدمار لا تزال قائمة حتى الآن في النفوس وسلوك جيل بكامله نشأ في أجواء مشحونة بالكراهية والضغط والميول إلى المواجهة بدل المناظرة.
ولم يعط المتحدث توضيحات بشأن ما إذا كان حزبه قد بدأ المساعي مع القوى السياسية لحشد الدعم للمبادرة، أو أن ذلك سيكون بعد انتخابات العاشر من أيار، لكنه قال: «سنعمل على إيصال فكرتنا إلى كل القوى السياسية التي تلتزم العمل السياسي السلمي لتغيير النظام الذي زاد دوره بقدر كبير في تعطيل تطور البلاد.
وتشارك جبهة القوى الاشتراكية في الانتخابات المقبلة بعدما قاطعت الدورتين السابقتين في 2002 و 2007، احتجاجاً على الطريقة العنيفة التي واجهت بها السلطات تظاهرات احتجاجية سلمية في منطقة القبائل عام 2001، قتلت فيها قوى الأمن 128 مدنياً بأمر من السلطات العليا.
وقدم حزب جبهة القوى الاشتراكية قوائم في معظم الدوائر الانتخابية وعددها 48 دائرة، لكن حظوظه قائمة في الولايات التي يقطنها بربر «القبائل» كلياً أو جزئياً، وهي تيزي أوزو وبجاية والبويرة وبومرداس وسطيف والبرج. كذلك يملك الحزب حظوظاً للخروج كأكبر أو ثاني قوة في العاصمة وأيضاً في بعض محافظات منطقة الأوراس التي تقطنها غالبية من بربر «الشاوية».
وتخوض جبهة القوى الاشتراكية الحملة الانتخابية بشعار «قم ترى»، وهو عنوان أغنية أندلسية جزائرية شهيرة. لكن المتتبعين يرونه مفرطاً في التفاؤل؛ لأن كلمات الأغنية تدور حول أشياء جميلة وتحث الناس على القيام لمشاهدة «براعم اللوز»، وهي تنمو استعداداً لموسم الزهر والثمار.
من جهة ثانية، هاجم مئات من الشباب الغاضب أول من أمس مقر ولاية جيجل، الواقعة على الساحل الشرقي للجزائر، وأصابوا موظفين وأتلفوا واجهة المبنى. وعلى مقربة منه أحرقوا مقراً للشرطة ورجموا مقر الإذاعة الحكومية المحلية ودمّروا ألواح الدعاية الانتخابية ورموا المؤسسات الرسمية بالحجارة والزجاجات والقضبان الحديدية.
وبحسب الشهود والأخبار المتداولة، بدأت حركة الغضب هذه لما أضرم شاب النار في جسده احتجاجاً على تحطيم الشرطة طاولة التجارة التي يكسب منها قوته في «حي موسى»، على غرار ما حصل مع محمد البوعزيزي في تونس.
إلى ذلك، قتل أمس أربعة شرطيين في هجوم نفذته مجموعة مسلحة على سيارة للشرطة القضائية في منطقة تيغزرت في ولاية تيزي أوزو. ووفقاً للمعطيات، أدى إطلاق النار على السيارة إلى مقتل شرطيين اثنين على الفور وإصابة ثلاثة آخرين بجراح متفاوتة قبل أن يرتفع عدد القتلى إلى أربعة.