دعا مجلسا النواب في الخرطوم وجوبا سكان البلدين إلى الاستعداد لحرب جديدة بينما تستمر المعارك منذ يومين على طول الحدود المشتركة بين السودان وجنوب السودان في منطقة هجليج النفطية المتنازع عليها، مطيحةً جهود الوساطة التي كانت تجري في أديس أبابا.
واتهم وكيل وزارة الخارجية السودانية، رحمة محمد عثمان، قوات الجيش الشعبي بأنها «توغلت 70 كيلومتراً في الأراضي السودانية وأصبحت داخل منطقة هجليج النفطية»، داعياً الأسرة الدولية إلى «الضغط على جنوب السودان لسحب قواته من هجليج بدون شروط مسبقة»، وواصفاً التوغل بأنه الأخطر منذ استقلال دولة الجنوب في تموز من العام الماضي.
بدوره، اتهم المتحدث باسم الجيش السوداني صوارمي خالد، جيش الجنوب بمهاجمة بلدة هجليج الحدودية مرتين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، مؤكداً أن «معارك ضارية لا تزال مستمرة والوضع لم يهدأ بعد»، فيما أكد سفير السودان لدى الأمم المتحدة، دفع الله الحاج علي عثمان، أن على المجتمع الدولي التحرك إذا أراد تجنّب الحرب. وأضاف «لقد تقدمنا بشكوى إلى مجلس الأمن مطالبين بإرسال رسالة قوية إلى حكومة الجنوب لسحب قواتها فوراً»، مشيراً إلى أن «بلاده أوضحت لمجلس الأمن أنه إذا لم تجد استجابة سريعة وانسحاباً لجميع قوات الجنوب فإنها سترد بشدة».
في المقابل، تحدث وزير إعلام جنوب السودان، رنابا مريال بنجامين، عن أن القتال يدور داخل الأراضي الجنوبية وليس داخل السودان، مشدداً على أن الجنوب يمارس الدفاع عن النفس فقط، فيما أكد نائب مدير الاستخبارات العسكرية في جنوب السودان، ماك بول، أن جيش جنوب السودان اتخذ مواقع في حقل هجليج النفطي الذي يطالب به البلدان. أما مقاتلو الحركة الشعبية لتحرير السودان وحركة العدل والمساواة فنفوا اتهامات الخرطوم لهم بمساندة جيش جنوب السودان في الهجوم على منطقة هجليج.
وأمام تصاعد وتيرة المعارك، اتخذ المجلس الوطني السوداني قراراً بوقف التفاوض مع جنوب السودان وسحب وفد الخرطوم المفاوض فوراً من أديس أبابا، إضافة إلى إعلان «التعبئة العامة لمجابهة الوضع الأمني الراهن»، فيما رفض مقترحاً بقطع العلاقات بين البلدين.
وقال رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر، «لقد فرضت علينا الحرب وعلينا أن نجهّز أنفسنا للقتال حتى نرد العدوان». وأضاف «قد نخسر معركة، ولكننا سننتصر بإذن اﷲ ونردّ الصاع صاعين لأعدائنا»، فيما تحدث وزير الدفاع، عبد الرحيم محمد حسين، عن مخطط جديد لإسقاط نظام الحكم في السودان يقوم على ثلاثة محاور. ووفقاً لحسين، يتعلق الأول بالسيطرة على عاصمة وﻻية شمال كردفان بواسطة قوات متمردة في دارفور، والثاني بدعم الحركة الشعبية المتمردة إلى حين الوصول إلى مدينة الدلنج بوﻻية جنوب كردفان، والثالث بتحريك العاصمة الخرطوم بواسطة الخلايا النائمة ودعم المعارضة. على المقلب الآخر، أكد رئيس برلمان جنوب السودان، جيمس واني ايقا، أن على شعب جنوب السودان الاستعداد من أجل الدفاع عن نفسه إذا ما سعى السودان «فعلاً إلى الحرب»، داعياً النواب إلى تعبئة الشعب ميدانياً ليكون على أهبة الاستعداد. وأضاف «ثمة تطورات خطيرة على الحدود، ومن الضروري أن نكون متيقظين في كل مكان، لأنهم يهاجموننا من كل الجهات. وفي هذا الوقت، وأينما كنتم، يجب أن تدافعوا عن أنفسكم»، وذلك في ظل تواتر أنباء عن عمليات تجنيد قسرية تقوم بها قوات الجيش الشعبي وسط الشباب والأطفال وترغمهم على الانتظام في معسكرات تابعة للجيش.
وفي محاولة لاحتواء الموقف، أصدر الاتحاد الأفريقي، الذي تولى جهود الوساطة بين البلدين، بياناً أعرب فيه عن قلقه من التصعيد في السودان، داعياً كلا البلدين إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس واحترام وحدة أراضي البلدين. ودعا الاتحاد الأفريقي كلاً من الدولتين إلى «سحب أي قوة عسكرية موجودة على أراضي الدولة الأخرى»، وإلى «وقف الغارات الجوية»، ووقف «إيواء ودعم القوات المتمردة في الدولة الأخرى». وأضاف البيان «يشير الاتحاد بقلق على وجه الخصوص إلى احتلال القوات المسلحة لجمهورية جنوب السودان لمنطقة هجليج ويدعوها إلى الانسحاب فوراً ودون شروط».
إلى ذلك، حذر وكيل وزارة الخارجية السودانية، رحمة الله محمد عثمان، من أن تجدد القتال مع جنوب السودان في المنطقة الحدودية المنتجة للنفط بين البلدين سيؤثر على إنتاج النفط السوداني، لافتاً إلى أنه سيتوقف الإنتاج على أقل تقدير.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)