رام الله | خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين، أمس، لإحياء الذكرى 36 ليوم الأرض، فالتقوا في قلنديا على المدخل الجنوبي للقدس المحتلة، وفي بيت لحم على المدخل الشمالي لها، وفي وسطها في منطقة باب العامود، بمشاركة مئات المتضامنين الدوليين، فيما خرج الآلاف إلى أراضيهم المهددة بالمصادرة في القرى الفلسطينية المتاخمة لجدار الفصل العنصري. وبالرغم من محاولة قوات الاحتلال منع عشرات الحافلات التي تقل الفلسطينيين من محافظات الضفة الغربية من الوصول إلى المعبر للمشاركة في المسيرة السلمية، إلا أن الآلاف منهم وصلوا، بينهم عدد من ممثلي الفصائل الفلسطينية.
وعلى الفور قامت قوات الاحتلال بمهاجمة المسيرة بقنابل الغاز المسيل للدموع، والمياه العادمة، وإطلاق الصافرات التي تسبب الصمم، وحطّم الجنود أبواب بعض العمارات السكنية المحاذية للشارع الرئيس واعتلوا أسطحها، واعتقلوا عدداً من المشاركين في المسيرة. وسجلت أكثر من 340 إصابة في صفوف الفلسطينيين برصاص جيش الاحتلال، غالبيتها بالقرب من معبر قلنديا، بإشراف مباشر من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهرونوفيتش، الذي حرص على القدوم شخصياً إلى المنطقة لمتابعة قمع المسيرة الفلسطينية، وكان من بين المصابين وزيرة الشؤون الاجتماعية ماجدة المصري، والأمين العام للمبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي، الذي أكد أن قوات الاحتلال اطلقت عليه الرصاص وقنبلة غاز بشكل مباشر، مما أدى الى اصابته لينقل بعد ذلك الى المستشفى لتلقّي العلاج.
رامي، حمدان أحد المشاركين في المسيرة، ويبلغ من العمر 36 عاماً، وهو عدد سنوات ذكرى يوم الأرض، أكد لـ«الأخبار» أن مشاركته في إحياء الذكرى بدأت منذ الصغر، وورث ذلك من والديه، اللذين علماه معنى الأرض، وكيف أنها تتساوى مع العرض في ثقافتنا، حيث هجر أهله من فلسطين المحتلة عام 48، وولد لاجئاً، وصودرت أرضهم مرة أخرى حيث يعيشون الآن قرب رام الله، ومنذ ذلك الحين لم يتغيب عن المشاركة في الذكرى.
أما في مدينة بيت لحم، فالحال لم تختلف كثيراً، حيث هاجم جنود الاحتلال المواطنين المشاركين في المسيرة المركزية السلمية، عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم. وأطلق جنود الاحتلال المتواجدون في منطقة مسجد بلال بن رباح «قبر راحيل» قنابل الغاز والصوت تجاه الفلسطينيين، ما أسفر عن إصابة علي عرفة 20 عاماً بجراح خطرة بعد إصابته بقنبلة غاز في رأسه.
أما صابرين، وهي لاجئة من قرى سخنين سابقاً، حيث بدأت أحداث يوم الأرض، فرغم أنها لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، إلا أنها عرفت بنشاطها ومشاركتها المستمرة في فعاليات يوم الأرض من كل عام. وأكدت صابرين لـ «الأخبار» أنه رغم لجوئها القسري وعائلتها إلى مخيمات بيت لحم، إلا أن الأهم أنها في أرضها الأم «فلسطين» ومستمرة في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي حتى زواله.
وفي مدينة القدس المحتلة، أصيب ستة فلسطينيين بجراح مختلفة بينهم المصور الصحافي عفيف عميرة، وذلك في المواجهات التي أعقبت صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، فيما صلّى الآلاف من الذين منعوا من الوصول في الشوارع الرئيسية والطرقات المقابلة لأسوار القدس.
وفي منطقة باب العامود «أشهر بوابات القدس العتيقة» انتشر المئات من جنود الاحتلال وشرطته في شوارع وطرقات وأزقة البلدة القديمة المؤدية إلى المسجد الأقصى، ونصبت الحواجز العسكرية على بوابات البلدة القديمة والمسجد الاقصى حيث دققوا ببطاقات هويات المواطنين.
أما في قرية كفر قدوم فقد أصيب 20 فلسطينياً من المشاركين في المسيرة الأسبوعية ضد الجدار والاستيطان بحالات اغماء جراء استخدام قوات الاحتلال قنابل الغاز بكثافة ضد المشاركين، فيما نقلت طواقم الاسعاف الفلسطيني خمسة شبان أصيبوا برصاص «معدني» في قرية عراق بورين قرب مدينة نابلس، الى مستشفى رفيديا في المدينة لتلقي العلاج. الجرحى سقطوا خلال مواجهات عنيفة جرت على أطراف قرية عراق بورين، بعد تصدي قوات الاحتلال لمسيرة سلمية ضد الجدار والاستيطان وإحياءً ليوم الأرض.
أما قرية بلعين، التي انطلقت منها شرارة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي، فشهدت هي الأخرى سقوط عشرات المواطنين والمتضامنين الأجانب بحالات اختناق شديد، إثر قمع الاحتلال للمسيرة الأسبوعية نصرة للقدس، حيث أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، ما أدى إلى إصابة العشرات من الفلسطينيين والنشطاء الأجانب. ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، ورايات عليها صور الأسير مروان البرغوثي، مرددين الهتافات الداعية إلى الوحدة الوطنية، ومقاومة الاحتلال وإطلاق سراح جميع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وفي الاراضي المحتلة من العام 1948، شهدت بلدة سخنين في الجليل مسيرة باتجاه عربة ودير حنا تخللها وضع أكاليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء يوم الأرض. واطلق المتظاهرون هتافات مؤيدة ليوم الأرض وللشعب الفلسطيني مرددين «اذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر».
وكان وزير الجيش الاسرائيلي قد قرر فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية لمدة 24 ساعة بمناسبة يوم الأرض، حيث توقع مسيرات ضخمة بهذه المناسبة. كما رفعت إسرائيل مستوى التأهب في صفوف جيشها، فيما عقد رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال بيني غانتس، جلسة لتقييم الأوضاع في يوم الأرض، بمشاركة قادة المناطق العسكرية وقادة الألوية المنتشرة في المناطق الفلسطينية، وقام غانتس بجولة على الحدود السورية وفي الضفة الغربية موعزاً لقواته بتشديد اليقظة.