أعلن الرئيس السوري بشار الاسد أن دمشق لن توفر جهداً في إنجاح مهمة الممثل خاص للامم المتحدة إلى سوريا كوفي انان وأنها تأمل أن تساهم في إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد. وأعرب الأسد، في رسالة وجهها امس الى قمة قادة دول البريكس المنعقدة في العاصمة الهندية نيودلهي، عن أمله في ان «يتعامل انان بشكل شمولي مع عناصر الأزمة ولاسيما الدولية منها والاقليمية». ونقلت وكالة الانباء السورية (سانا) عن الاسد تقدير بلاده «لمواقف قادة المجموعة في تعزيز مبدأ احترام سيادة الدول واستقلالها وارساء العمل الدولي متعدد الأطراف بديلاً لسياسات الهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى». وأكد أنه «لا بد لإنجاح مهمة انان من أن يركز على تجفيف منابع دعم الارهاب الموجه ضد سوريا وخاصة من قبل الدول التي اعلنت على لسان مسؤوليها أنها تقوم بتمويل وتسليح المجموعات الإرهابية في سوريا».

وأوضح أنان أنه مقابل الالتزام الرسمي بانجاح مهمة انان، من الضروري ان يحصل على التزامات من قبل الاطراف الأخرى بوقف الأعمال الإرهابية من قبل المجموعات المسلحة وسحب أسلحتها ودعوتها الى وقف أعمالها الإرهابية وخطف الأبرياء وقتلهم وتدمير البنى التحتية للقطاعين العام والخاص.
واشار إلى «ضرورة اقناع الدول التي تدعم المجموعات المسلحة بالمال والسلاح بالتوقف عن ذلك فوراً، بما في ذلك دول الجوار التي تحتضن هذه المجموعات وتقوم بتسهيل عملياتها الارهابية ضد سوريا». واوضح ان دمشق اعلمت انان بموافقتها على الخطة التي تقدم بها مع ملاحظاتها حولها، داعياً الى «اجراء مشاورات شاملة حول التفاصيل المتعلقة بالانتقال الى تطبيق هذه العناصر وفق تفاهم مشترك كي لا تستغل المجموعات المسلحة اجواء تنفيذ الحكومة لالتزاماتها كما حدث اثناء التزام سوريا التام بتطبيق خطة العمل العربية التي أفشلتها الجامعة العربية بعدما صدر تقرير بعثة المراقبين العرب واثبت وجود عناصر ارهابية مسلحة مسؤولة عن العنف والقتل في سوريا».
وفي اول زيارة له منذ اندلاع الاحتجاجات، زار الرئيس الأسد، أمس، بلدة القنوات في محافظة السويداء، حيث قدّم التعازي الى عائلة شيخ العقل الأول للطائفة الدرزية في سوريا الشيخ أحمد سلمان الهجري. وكان شيخ العقل الأول للطائفة الدرزية في سوريا الشيخ أحمد سلمان الهجري، قد توفي يوم السبت الماضي بحادث سير، وتم تشييعه يوم الثلاثاء الماضي.
وتجري وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون محادثات يوم السبت في الرياض مع وزراء خارجية دول خليجية سوف ترتكز على خطة انان. ويتوقع ان تستخدم كلينتون مؤتمر «اصدقاء سوريا 2» في اسطنبول يوم الاحد للضغط على المعارضة المنقسمة لكي توحد صفوفها.
من جهة ثانية، اتفق اعضاء المجلس الوطني السوري المعارض اول من امس على توسيع وإعادة تنظيم المجلس الوطني السوري، في خطوة قد تقلل نفوذ الإسلاميين في المجلس. والتقت المعارضة في اسطنبول الثلاثاء في اجتماع سيطرت عليه الخلافات استجابة لدعوة من تركيا وقطر التي ترأس جامعة الدول العربية لتشكيل جبهة مشتركة في انتفاضتهم ضد الأسد.
وقالت مصادر من المعارضة إن الإخوان المسلمين وافقوا بضغط من تركيا على تشكيل لجنة من عشرة أشخاص لإعادة هيكلة المجلس الوطني السوري المؤلف من 350 عضواً يشكل الإسلاميون نحو 270 من أعضائه.
وقال نجاتي طيارة، عضو اللجنة، «نحن مجرد لجنة تمهيدية والهدف هو الوصول خلال ثلاثة اسابيع الى منظمة أكثر شمولاً - على غرار مؤتمر وطني - قد تحل محل المجلس الوطني السوري».
والهدف من هذا الإعلان هو أن تظهر المعارضة السورية للعالم أنها قادرة على تشكيل بديل حقيقي للحكومة الحالية قبل اجتماع وزراء خارجية مجموعة «أصدقاء سوريا» في اسطنبول في أول نيسان.
وفي جنيف، قال أحمد فوزي، المتحدث باسم كوفي أنان، إن زيارة المبعوث الدولي لطهران ما زالت رهن التشاور، مشيراً إلى أن «الأجندة تتضمن بالطبع زيارة طهران، ونحن بصدد التشاور مع السلطات الإيرانية في وزارة الخارجية حول تاريخ الزيارة المناسب للطرفين». وأبلغ أحمد فوزي «راديو سوا» أن وفداً من المبعوث الدولي كوفي أنان سيصل تركيا في موعد أقصاه 48 ساعة لإجراء مشاورات مع المعارضة لإيقاف العنف في سوريا.
في المواقف الدولية من الأزمة السورية، دانت فرنسا استمرار القمع في سوريا. وقال برنار فاليرو، المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، ان «المجتمع الدولي لن يرضى بالمراوغات». وصرحت وزيرة الخارجية القبرصية ايراتو كوزاكو ماركوليس بأن رفض تركيا دعوة بلدها الى اجتماع «اصدقاء سوريا» في اسطنبول يمثل «مشكلة كبرى للاتحاد الاوروبي». واضافت «من غير المقبول أن تقرر دولة مرشحة (للانضمام الى الاتحاد) من تريد أن تدعو من الاتحاد الاوروبي. لا يحق لتركيا معاملة الاتحاد بهذا الشكل». بدوره، أعلن وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أن حكومة بلاده ستزود المعارضة السورية بمعدات «غير فتّاكة»، وبدعم مالي إضافي.
ميدانياً، تواصلت العمليات العسكرية للجيش النظامي والاشتباكات مع المنشقين وعمليات المداهمة في عدة مناطق سورية امس، ما اسفر عن مقتل 23 شخصاً، 14 مدنياً وثمانية عسكريين بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. في المقابل، اعلنت «سانا» أن مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت ضابطين برتبة عقيد في حلب. وقال مصدر عسكري لمندوب «سانا» إن مجموعة إرهابية مسلحة اختطفت العميد الركن الطيار محمد عمر الدرباس في الغوطة الشرقية في ريف دمشق أثناء توجهه من منزله إلى مقر عمله.
الى ذلك، قتل صحافيان يعملان بصفة فردية، احدهما بريطاني من اصل جزائري، الاثنين الماضي على الحدود السورية التركية بيد الجيش السوري، حسبما اعلنت منظمة مراسلون بلا حدود للدفاع عن حرية الصحافة.
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)