دعت موسكو أمس المعارضة السورية إلى «أن تحذو حذو دمشق» وتوافق «بوضوح» على خطة التسوية السلمية التي اقترحها المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان والتي أعربت السلطات السورية عن تأييدها. وصرحت الخارجية الروسية في بيان بأن «من المهم جداً على هذه الخلفية أن تحذو مجموعات المعارضة السورية حذو دمشق وتعلن بوضوح موافقتها على اقتراح التسوية السلمية التي اقترحها أنان». وأضافت: «من الواضح أن الكثير يعتمد الآن على تدخل جهات خارجية، وعلى الأخص تلك التي يمكنها التأثير إيجاباً على المعارضين». وقالت الخارجية الروسية: «إننا مقتنعون بوجود فرصة حقيقية هنا لتلبية التطلعات المشروعة لجميع السوريين، عبر احترام سيادة البلد واستقلاله وبدعم المجتمع الدولي كاملاً». وأضافت: «ينبغي عدم تفويت فرصة كهذه».
بدورها، حثت الصين الحكومة السورية والمعارضة على احترام «التزاماتهما» في إطار خطة الخروج من الأزمة التي أعدها أنان، معلنة أنها لن تحضر مؤتمر «أصدقاء سوريا» في إسطنبول في الأول من نيسان. ودعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي سوريا إلى تطبيق سريع لخطة أنان. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض في برلين إنه «بعد سقوط عدد كبير من القتلى أصبحنا في وضع لا يمكن أن يساعد فيه سوى وقف تام لأعمال العنف».
وفي باريس، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن اجتماع «أصدقاء سوريا» الذي يعقد الأحد في إسطنبول سيسمح بالتحقق مما إذا كان الرئيس السوري يطبق أو لا خطة أنان. وقال برنار فاليرو، المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، خلال مؤتمر صحافي، إن «اجتماع إسطنبول سيكون مناسبة للأسرة الدولية للتحقق مما إذا كان نظام دمشق يطبق هذه الخطة أو لا».
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري إلى التطبيق «الفوري» لخطة أنان. وقال، خلال مؤتمر صحافي في الكويت قبل توجهه إلى بغداد لحضور القمة العربية: «أناشد الرئيس الأسد تنفيذ تعهداته فوراً. ليس هناك وقت لنضيعه».
من جهة ثانية، أعربت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي عن اعتقادها أن مجلس الأمن الدولي يملك معلومات موثوقاً بها بما يكفي، لتبرير تحويل سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقالت بيلاي، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس، إن الرئيس السوري «يمكن أن ينهي الاعتقالات ووقف قتل المدنيين فوراً بإصدار أمر»، لكنها اتهمت نظامه بـ«تعمد استهداف الأطفال بصورة منهجية». ورداً على سؤال عما إذا كان الرئيس السوري يتحمل مسؤولية القيادة عن الانتهاكات، أجابت بيلاي: «هذا وضع قانوني واقعي، وهناك ما يكفي من الأدلة التي تشير إلى حقيقة أن الكثير من هذه الممارسات ارتكبتها قوات الأمن السورية التي لا بد أن تكون قد حصلت على الضوء الأخضر من أعلى المستويات، لأن بوسع الأسد إصدار أمر لقواته بالتوقف عن أعمال القتل».
وفي تحرك لافت، تفقّد قائد القوات البرية التركية الجنرال خيري كفرك أوغلو بنحو مفاجئ أمس الوحدات على الحدود مع سوريا. وأفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية بأن قائد القوات البريّة تفقّد برفقة قائد القوة الثانية في الجيش سيرفيت يوروكلو، بصورة مفاجئة الوحدات في إقليم هاتاي على الحدود مع سوريا. وأضافت الوكالة أن هذه الزيارة المفاجئة تأتي في الوقت الذي أعلنت فيه تركيا إمكانية إنشاء منطقة عازلة في ظل التدفّق الكبير للاجئين من سوريا.
ميدانياً، تجددت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري النظامي ومنشقين في بلدة قلعة المضيق في ريف حماة أمس بعد اقتحامها صباحاً. وقالت مصادر المعارضة في حماة إن العناصر المنشقين «يخوضون معارك كر وفر مع القوات النظامية، وإن البلدة محاصرة وتتعرض للقصف منذ 17 يوماً».
وفي إدلب، اقتحمت القوات النظامية قرية خان السبل المجاورة لبلدة سراقب، ونفذت فيها حملة اعتقالات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى تخوف أهالي خان السبل من أن يتكرر في قريتهم ما جرى في سراقب التي انسحبت منها القوات النظامية أمس بعد ثلاثة أيام من العمليات العسكرية. وأعلن المجلس الوطني السوري المعارض سراقب في ريف إدلب «مدينة منكوبة». وطالب المجلس في بيان «منظمة الصليب الأحمر الدولية والمنظمات الإنسانية الدولية بتوفير المساعدات العاجلة للمدينة وإخلاء الجرحى ودفن الشهداء»، مشيراً إلى أن عدداً من الجثث «ملقاة في الشوارع منذ يومين». وطالب أيضاً «دول الجوار، وتحديداً الصديقة تركيا بفتح ممرات إنسانية فورية لإيصال المساعدات الإغاثية والطبية بأسرع وقت ممكن».
وكان المرصد قد أفاد بأن مدينة سراقب «شهدت حالة نزوح كبيرة ازدادت وتيرتها خلال الساعات الـ48 الفائتة، مع بدء العملية العسكرية في المدينة السبت الفائت وطاولت سبعين في المئة من سكانها». ويبلغ عدد سكان سراقب نحو 38 ألف نسمة، وهي خارجة عن سيطرة النظام منذ حزيران الماضي، وتشهد حركات احتجاجية مستمرة إضافة إلى نشاط واسع للمنشقين. وتكتسب سراقب أهمية لوقوعها على الطريق الدولي الذي يربط دمشق وحلب. وقد عرقل المنشقون حركة القوات النظامية وتعزيزاتها مرات عدة على هذا الطريق في الأشهر الماضية. وفي ريف حمص، حاولت القوات النظامية فجر أمس اقتحام مدينة الرستن الخارجة عن سيطرة النظام منذ أسابيع، ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود نظاميين بحسب المرصد. وفي مدينة حمص تتعرض أحياء حمص القديمة لقصف عنيف يتركز خصوصاً على حي الحميدية. وفي درعا دارت اشتباكات عنيفة فجر أمس بين القوات النظامية السورية ومجموعة مسلحة منشقة في بلدة بصر الحرير. في المقابل، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مطلع قوله إن «مجموعة إرهابية اغتالت العميد خليف العبد الله من مرتبات الكلية الجوية أثناء توجهه إلى عمله».
(سانا، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)