لا شروط على القرض. هي العبارة المتكررة والمشتركة بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الذي يرجح منح مصر قرضاً بقيمة 3.2 مليارات دولار. فمدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، رئيس بعثة الصندوق الى مصر، مسعود أحمد، يتباهى بـ«إيماننا الراسخ بأن برنامج الإصلاح ينبغي أن يكون مصري الهوية في تصميمه وملكيته»، حسبما يقول على مدونة الصندوق، في اشارة إلى برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي أعدته الحكومة للحصول على القرض.
لكن لسوء حظ الحكومة ربما تسرب برنامج الاصلاح، فتبين أنه يتضمن ما قد يعد للأغلبية الفقيرة أو «محدودي الدخل»، وفقاً للمسمى الحكومي، أسوأ من الشروط التي كان يتم الحديث عن نية صندوق النقد الدولي فرضها. ومن بين ما يتضمنه برنامج الاصلاح «زيادة القيمة الايجارية للأطيان الزراعية والتي لم يطرأ عليها أي تعديل منذ العام 1989»، فضلاً عن التدرج في زيادة الضرائب على السجائر للوصول إلى المعدلات العالمية، بحسب نص «مقترحات الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية»، وهي الوثيقة التي اعدتها وزارتا المال والتخطيط والتعاون الدولي والبنك المركزي للعرض على لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب. كذلك تضمنت المقترحات اصلاح منظومة الضريبة على المبيعات من خلال تبسيط الاطار التشريعي وترشيد الاعفاءات الموجودة بالقانون، وهي الضريبة التي وعدت وزارة المال في بيان صادر عنها مؤخراً بإلغائها وتطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلاً منها.
ويعيد البرنامج تسليط الضوء مجدداً على أسباب التحفظ الشعبي على خيار الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وخصوصاً أن لجوء الحكومات في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك لهذا الخيار ارتبط باجراءات من قبيل السير قدماً في برنامج الخصخصة الذي انتهى فعلياً إلى مئات من صفقات بيع الأصول الانتاجية سيئة الصيت وتسريح آلاف العمال.
واللافت أن آخر تقارير ما يسمى «مشاورات المادة الرابعة» عن مصر في العام 2010، وهي تقييمات منتظمة للسياسات الاقتصادية في البلدان الاعضاء في الصندوق، كانت تمتدح احراز مصر «تقدماً ملموساً في تنفيذ اصلاحات هيكلية واسعة النطاق تسارعت وتيرتها بعد عام 2004»، قبل أن يقر صندوق النقد الدولي بعد الربيع العربي أنه «حتى النمو الاقتصادي السريع لا يمكن أن يستمر ما لم يعم بنفعه الجميع». لكن هذا الدرس لا يبدو أنه قد تم الالتفات إليه في نص الوثيقة المسربة.