القاهرة| في ما تبدو بوادر أزمة بين البرلمان والحكومة، اتهم النواب ورئيس المجلس الحكومة، أمس، بتعمد وضعهم في موقف محرج أمام ناخبيهم، وتصدير أزماتها إلى البرلمان، وإلقاء فشلها عليه، بعدما تغيبت الحكومة عن جلسة البرلمان أمس، فيما حصل تطور مهم في الحملة الرئاسية الانتخابية تمثل في تراجع الإخوان عن التزامهم عدم الترشح لهذه الانتخابات. وما يزيد من حدة الأزمة ما يتردّد بشأن صعوبة إقدام البرلمان على سحب الثقة من الحكومة وإقالتها؛ لأن الأمر لا يزال، حسب الإعلان الدستوري، في يد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم. وعبّر عن ذلك انتقاد النواب خلال جلستهم ما صرحت به وزيرة التعاون الدولي، فايزة أبو النجا، بأن حكومة كمال الجنزوري باقية في عملها حتى تنصيب رئيس الجمهورية في 30 حزيران المقبل.
ورفع رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني جلسة أمس، بعد موافقة أعضاء المجلس على عدم مناقشة أي من الموضوعات في ظلّ غياب الحكومة، وقال ردّاً على ذلك: «أقول للحكومة وللشعب المصري إن البرلمان قادر على تحديد مسؤولية رئيس الوزراء وسحب الثقة من الحكومة طبقاً للائحة». وأضاف: «هذا مجلس منتخب من الشعب، ويجب أن يكون على مستوى المسؤولية».
بدوره، قال النائب حسين إبراهيم، زعيم الغالبية البرلمانية «الحرية والعدالة» (الإخوان)، إن الحكومة لا تزال لا تستوعب أن هذا برلمان ثورة، وغياب الوزراء عن الجلسة يعني أن هذه الحكومة لا تحترم البرلمان. وأضاف: «يجب أن ترحل هذه الحكومة؛ لأن الشعب لم يعد يثق بها». بينما قال ممثل الهيئة البرلمانية لحزب «الوسط»، عصام سلطان، إن البرلمان دوره تشريعي ورقابي، وليس تنفيذياً، والآن «الشارع يحاسبنا وكأننا من بيده حل المشاكل».
وطالب النائب محسن راضي عن «الحرية والعدالة»، بطرد ممثل الحكومة الوحيد الذي حضر جلسة أمس متأخراً عن موعد الجلسة لساعتين، مشيراً إلى أن تبريرات الحكومة لعدم الحضور مستفزة، وهو ما رفضه الكتاتني. وقال النائب ممدوح إسماعيل إن الحكومة والمجلس العسكري يروجان أن البرلمان لا يستطيع سحب الثقة من الحكومة، وهذا غير صحيح؛ لأن المادة 61 من الإعلان الدستوري تنص على «أن تنقل لمجلسي الشعب والشورى كافة الصلاحية فور انتخابهما»، وهو ما يعني أن بمقدورها سحب الثقة من تلك الحكومة.
أما النائب مصطفي الجندي، فقد طالب بأن يتعامل البرلمان مع الحكومة القائمة بروح ثورية، بعيداً عن البيروقراطية التي تتطلب لوائح وتعقيدات، وظلّ يصرخ في رئيس المجلس «اتعامل معاهم كثورة يا ريس». بينما حمّل النائب جمال حشمت، الحكومة والمجلس العسكري، المسؤولية عن تدهور الأوضاع في البلاد، رافضاً محاكمة الحكومة وحدها، قائلاً: «المجلس العسكري هو مسبب تلك المشاكل، ولا بد أن نعي جيداً من نواجه حالياً». وأضاف: «الواضح أن هناك مخططاً لتلغيم البلاد قبل تسليمها للسلطات المنتخبة».
وفي تطور لافت بملف الانتخابات الرئاسية، أعلن أعضاء بارزون في جماعة الإخوان المسلمين أن الجماعة يمكن أن ترجع عن موقفها الذي تمثل في تجنب ترشيح عضو منها لمنصب رئيس البلاد، لكنها ستظل في الوقت الحاضر تبحث عن أحد المرشحين المحتملين من خارجها تكون مستعدة لتأييده.
وقال عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، مدحت حداد، «جماعة الإخوان يمكن أن تختار مساندة أحد أعضائها مرشحاً لرئاسة مصر إذا لم تجد من تختاره». وأضاف: «الجماعة لم تجد من بين من سعوا للترشح إلى الآن المرشح الرئاسي الذي تريد أن تؤيده»، فيما أكد مصدر آخر في الجماعة أن مجلس شورى الجماعة ومكتب الإرشاد، الذي يقوم مقام لجنة تنفيذية، سيجتمعان غداً، الجمعة، لبحث تقديم مرشح من الجماعة أو التمسك بالاختيار السابق.
من جهة ثانية، سبّب رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار عبد المعز إبراهيم، صاحب قرار رفع حظر السفر عن المتهمين الأميركيين في قضية التمويل الأجنبي، تفجير أزمة جديدة داخل الوسط القضائي، بعدما قرر التنحي عن جميع اختصاصاته داخل المحكمة، على خلفية تدخله في قضية التمويل، واتصاله بالمستشار محمد شكري هاتفياً للإفراج عن المتهمين الأميركيين بناءً على تعليمات من المجلس العسكري الحاكم في مصر، وهو ما أدى إلى تنحي المحكمة بكامل هيئتها عن نظر الدعوى، واستغلاله لمنصبه في إصدار قرار من دائرة قضائية أخرى.
إلا أن عبد المعز عاد وتراجع عن قراره ونفى تنحيه، رغم أنه سبق أن أعلن ذلك في حضور عدد كبير من القضاة في مقدّمتهم رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار حسام الغرياني. أحد قضاة محكمة الاستئناف، المستشار هشام رؤوف، قال لـ«الأخبار» إن «عدول عبد المعز عن قراره كارثة تسيء إلى كل قضاة مصر». وطالب بعزل عبد المعز من عضوية لجنة الانتخابات الرئاسية، متسائلاً: «كيف نستأمن كاذباً على انتخابات رئيس مصر القادم؟».