الكويت | احتدمت الأوضاع في الكويت على الخط الاقتصادي الاجتماعي، بعدما تفاقمت الإضرابات في مفاصل الدولة، طلباً لزيادات على الرواتب ولمزيد من المزايا المالية، في وقت برزت فيه تحركات شعبية رافضة لهذه الإضرابات، على اعتبار أن ما يجري يعطل الدولة، وأن الزيادات المتواصلة على الرواتب من شأنها أن ترهق الموازنة العامة، وخصوصاً أنّ الزيادات والمنح لا تقابلها أي زيادة فعلية في الإنتاج، في دولة تعتمد اعتماداً شبه كلي على النفط.
وخلافاً لحكومات ناصر المحمد الصباح، التي كانت تتساهل مع الزيادات والمنح دون دراسة الأمر دراسة وافية من الناحية الاقتصادية، يبدو أن الحكومة الحالية، برئاسة جابر المبارك الصباح، قررت المواجهة، إذ أعلنت أنها ملتزمة فقط بالزيادة العامة التي أوصى بها مجلس الخدمة المدنية، والتي تتراوح نسبتها ما بين 20 و25 في المئة. لكن النقابات العمالية رفضت هذه الزيادات، وأعلنت استمرارها بالإضراب حتى الحصول على زياداتها، والتي يصل بعضها الى مئة في المئة، وهو ما يضع أحمالاً ثقيلة على كاهل الخزينة العامة.
وإزاء هذا الاعتراض الذي يدعمه عدد من نواب الأكثرية المعارضة، فوّضت الحكومة إلى لجنة وزارية برئاسة رئيس الوزراء، متابعة التطورات واتخاذ الإجراءات اللازمة لتسيير العمل في كل المرافق المتضررة من الإضرابات، وإنجاز مصالح الناس وأعمالهم وخدماتهم وتجنب أي أضرار محتملة.
وشملت الإضرابات قطاعات أساسية في الدولة، منها مطار الكويت الدولي والموانئ والمنافذ البرّية، ما أدى إلى تعطيل حركة السفر والتجارة، وإعاقة دخول المواد الغذائية والأدوية. وقد أدى إضراب الجمارك الذي بدأ قبل أيام، إلى شح السلع الغذائية من الأسواق، وارتفاع أسعار بعضها بنسبة تزيد على 70 في المئة.
وأكدت الحكومة على لسان وزير الإعلام، محمد عبد الله المبارك الصباح، أن «الزيادات المالية جاءت وفق دراسة قام بها فريق متخصص من قبل الجهات المعنية»، منوّهاً في الوقت نفسه بأن الحكومة ستتعامل مع اعتراضات النقابات العمالية «بسعة صدر، وحسب القوانين المعمول بها في الدولة».
وفي اجتماع اللجنة الوزارية، أمس، تمّ الاطلاع على عدد من التقارير المتعلقة بآخر المستجدات حول «الآثار المترتبة على الإضرابات والأضرار والخسائر التي ألحقتها»، واستعراض «قوائم المواطنين الذين تقدموا برغبتهم للعمل لتعويض أي نقص في الأجهزة الحكومية التي طالتها مظاهر الإضراب». وكان نشطاء كويتيون معارضون للإضرابات قد شكلوا تجمّعاً أطلقوا عليه اسم «كلنا لها» فتح المجال لمتطوعين يرغبون في العمل مكان الموظفين المضربين في الجهات الحكومية لتسيير أمور المواطنين والمقيمين.
وقد أجبر موقف الحكومة، في رفض مطالب النقابات، والتحذير من مغبة الاستمرار في الإضرابات بسبب آثاره الكبيرة، الجمارك وجهات أخرى على فك الإضراب جزئياً لتمرير الشاحنات المحملة بالأدوية والمواد الغذائية. ويبدو أن هذا الأمر انعكس أيضاً على إضراب الخطوط الجوية الكويتية التي تعاني مشكلات كبيرة أساساً، إذ أعلنت أمس أنها لن تعطّل رحلات شركات الطيران الأخرى بعدما كانت قد هددت بذلك.
تجدر الإشارة الى أن مجموع رواتب الموظفين الحكوميين وتقديماتهم يبلغ نحو 7 مليارات دينار، وتصبح 11.5 مليار دينار ( نحو 41 مليار دولار)، إذا ما أضيفت إليها السلع والخدمات الممنوحة للمواطنين. ويبلغ مجموع الزيادات الأخيرة، التي وافقت عليها الحكومة، نحو 600 مليون دينار. وبالتالي، فإن أكثر من نصف ميزانية الدولة المقدرة بـ 22 مليار دينار (2012 ــ 2013)، ستذهب للرواتب الحكومية والتقديمات الخاصة بالمواطنين.
في غضون ذلك، عادت الفتنة القبلية الحضرية إلى الواجهة، مع اقتحام أبناء قبيلة العوازم، أكبر قبيلة في الكويت، مبنى تلفزيون «سكوب» احتجاجاً على ما اعتبروه إهانة بحق شيخ قبيلتهم فلاح بن جامع من قِبل النائب الشيعي حسين القلاف.
وكان القلاف قد ردّ متهكّماً على سؤال من مقدم برنامج على «سكوب» حول سبب خسارة قبيلة العوازم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الدائرة الأولى، حيث ثقلهم الانتخابي، بالقول «الذي جعلهم يخسرون هو من قال يوماً: أعطوا سيارات للكل وأنا لم يعطوني»، في إشارة إلى أمير قبيلة العوازم الذي ظهر قبل الانتخابات على تلفزيون «الوطن»، متحدثاً عن الرشى الحكومية.
ورغم أن القلاف قدّم اعتذاره قائلاً إنه لم يقصد الإهانة، شن نواب القبائل، ومعظمهم من الإسلاميين، هجوماً شرساً عليه وعلى القناة التي استضافته، فيما وصل الأمر بالنائب الإخواني، مبارك الوعلان، إلى اتهام القلاف بأنه يسعى إلى «زعزعة الاستقرار في البلاد خدمة لنظام البعث ومخططات إيران».