واصل قادة دولة الاحتلال، السياسيون منهم والعسكريون، تصعيدهم الكلامي المرفق باستمرار العدوان الدموي على قطاع غزة؛ فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداد جيشه لتوسيع عملياته في حال «تطلب الأمر ذلك». وقد تعهّد بضرب «كل من يخطط للمسّ بمواطنينا»، وبمواصلة مهاجمة فصائل المقاومة الفلسطينية «بقوة وحزم». وكان «بيبي» قد أطلق، قبل ذلك، سلسلة من المواقف، خلال لقاء مع رؤساء السلطات المحلية في جنوب فلسطين المحتلة، أعرب خلالها عن تعاطفه مع السكان، وتقديره العميق للجيش وجهاز «الشاباك». ورد نتنياهو على دعوة بعض رؤساء السلطات لشن عملية عسكرية في غزة، بالقول «نحن سنضرب كل من يخطط للمس بنا». وأشار إلى أن الجيش يوجه ضربات مؤلمة لـ«المنظمات الإرهابية»، لافتاً إلى تحسّن «القدرات الدفاعية لإسرائيل بعد نجاح القبة الحديدية في اعتراض جزء أساسي من الصواريخ»، رغم تحذيره من الاعتقاد بقدرة هذه المنظومة على تحقيق نجاح تام في حماية المدنيين من الصواريخ. وفيما أكد نتنياهو على مواصلة العمليات في غزة، عبر سلاح الجو حصراً في هذه المرحلة، فإنه حاول حثّ المواطنين على التحلي بالصبر «الضروري لتحقيق النصر»، مشيراً إلى أن «الدمج بين وسائل الهجوم والدفاع ومناعة المواطنين، يسمح لنا بضرب الإرهاب بشكل دقيق ومؤلم».
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، في احتفال بذكرى مرور عشرين عاماً على تفجير السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، أنه «طالما استمرت حماس في السيطرة على قطاع غزة، فليس هناك أي فرصة لموافقتنا على ممر آمن أو غير آمن بين الضفة والقطاع، سواء كان عُلوياً أو سفلياً».
إلى ذلك، رأت مصادر إسرائيلية أن تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع في المرحلة الحالية، يشكل «خطوة إشكالية» بالنسبة إلى الدولة العبرية، بما أن مصلحتها الحالية تتمثل بمواصلة تركيز العالم على إيران وليس على غزة، فضلاً عن وجود توافق شامل داخل القيادة السياسية بعدم البدء حالياً بعملية برية في القطاع، خوفاً من تداعيات ذلك وتعريض اتفاقية السلام مع مصر الهشة للخطر.
بموازاة ذلك، أجرى وزير الدفاع إيهود باراك، ورئيس أركان جيش الاحتلال بني غانتس، ورئيس جهاز «الشاباك» يورام كوهين، تقديراً للوضع، جرى خلاله عرض «عدة إنجازات» تم تحقيقها حتى الآن، بدءاً بالمس بكبار مسؤولي لجان المقاومة الفلسطينية، رغم أن رجالها يواصلون إطلاق الصواريخ على إسرائيل، واستهداف قاسٍ نسبياً للمستوى العملياتي في «الجهاد الإسلامي»، وخصوصاً مَن يطلقون الصواريخ. وعلى ضوء الاحتفال بـ«نجاح» منظومة الاعتراض الصاروخي «القبة الحديدية»، فقد أوضح باراك أنه ينوي طلب إنتاج ونشر المزيد من بطاريات «القبة»، وهو ما أثار خلافاً في أوساط الحكومة المصغَّرة (الثمانية الوزارية)، بحسب وسائل إعلام عبرية لأن الكلفة المالية العالية لمنظومة الدفاع من شأنها أن تؤثّر على تطوير القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي.
وقد ظلّت فرضية القيادة العسكرية في إسرائيل متمحورة حول مواصلة شن الهجمات ضد القطاع، طالما تواصل إطلاق الصواريخ، وهو ما دفع بباراك إلى التحذير من أن «التصعيد الحالي يمكن أن يطول، والمطلوب الصبر». ولم يفت تل أبيب التذكير بالدور الإيراني في دعم فصائل المقاومة الفلسطينية، إذ اتهم الجيش إيران بالوقوف خلف ما يجري في القطاع من ناحية الدعم والتمويل الذي تقدمه طهران لـ«الجهاد الإسلامي».
من جهة أخرى، ذكر موقع «Israel deffense» أن الصواريخ التي تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية أصبحت أكثر دقة وتصل إلى أداء أبعد مما كانت عليه في الماضي. وأشار الموقع المتخصص بالشؤون العسكرية إلى أن نشاط سلاح الجو المكثف لم يفلح في إسكات مصادر النيران الفلسطينية.