مع أن ذكرى يوم الأرض تمثل مناسبة وطنية اعتاد الفلسطينيون في مختلف الأماكن داخل الوطن والشتات إحياءها، وكانت في غالبها مناسبة للاشتباك مع العدو في مختلف مواقع التماس، مرت الذكرى الأربعون مثقلة بالانقسام الداخلي الفلسطيني، والتراجع غير المسبوق في أداء القوى الوطنية والإسلامية التي كانت في السابق تحيي الحدث بزخم كبير، وذلك في ظل فقدان الناس الثقة بالقوى السياسية، وتصاعد نجم التنسيق الأمني مع العدو على حساب العمل المقاوم.
اليوم أضحت هذه العلامة الفارقة في تاريخ القضية حينما تلاحم الشعب الفلسطيني للمرة الأولى منذ الاحتلال الكامل لشطري الوطن، مناسبة لالتقاط الصور التذكارية، ليس إلا، بعدما كانت مناسبة يجدد فيها العهد لشهداء هذه الذكرى. ففي رام الله لم تنجح القوى الوطنية والإسلامية في تنظيم فعالية موحدة لإحياء يوم الأرض، بل شهدت المدينة ثلاث دعوات منفصلة. وأدى غياب التنسيق بين هذه الفعاليات إلى إخفاقها جميعها برغم الثقل السياسي للمدينة. وعمليا، لم يحي الذكرى سوى بضعة شبان على طريقتهم الخاصة، تحديداً على حاجز «عوفر» العسكري، الذي شهد مواجهات أسفرت عن إصابة بعضهم.
يقول رئيس «الحملة الشعبية لوحدة وطن»، جمال جواريش، لـ«الأخبار» إن الحملة تمكنت من تنفيذ برنامجها اليوم في كل من بيت لحم والخليل ويطا ونابلس وطوباس وسلفيت، ولكنها لم تكن بالحجم المطلوب ولا بالمشاركة الجماهيرية المعهودة. وحول الأسباب التي أدت لتراجع المشاركة في إحياء هذا اليوم، يرى جواريش أن غياب الأفق السياسي في الساحة الفلسطينية، وشعور المواطن الفلسطيني بالإحباط نتيجة استمرار الانقسام الفلسطيني، وفقدان الثقة بالفصائل، هي أسباب رئيسية، بالإضافة إلى تراجع مكانة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
وفي مدينة الخليل، جنوبي الضفة، جابت الشوارع مسيرة شارك فيها المئات من سكان المدينة، ورفع خلالها المشاركون العلم الفلسطيني، وردووا هتافات تنادي بالوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام. أما في نابلس (شمال)، فانطلقت مسيرة شارك فيها المئات، باتجاه أراضي قرية برقة التي تقام عليها مستوطنة «حومش». وفور وصول المسيرة إلى المنطقة، باشر جيش العدو قمع المشاركين، ما أدى إلى اصابة عدد منهم بحالات الاختناق.
وحول رمزية اختيار «حومش» لإحياء الذكرى، قال عضو لجنة التنسيق الفصائلي في المحافظة نصر أبو جيش، إن هذه الأرض قد أخليت بقرار من محكمة العدو العليا، التي أوصت بإعادة الأراضي لأصحابها الأصليين، ولكن المستوطنين رفضوا تنفيذ القرار، واستمروا في الاعتداء على السكان والأشجار المزروعة في الأراضي المصادرة.
أما في قطاع غزة، فقد نظمت الفصائل الفلسطينية مسيرة حاشدة على مشارف حدود فلسطين المحتلة شمال القطاع، بمشاركة ممثلي الفصائل، الذين أكدوا «الحق الفلسطيني في كامل الأراضي المحتلة التي سلبها العدو بالقوة، وتمسكهم بالمقاومة بكل صورها»، والتشديد أيضا على «دعم واستمرار انتفاضة القدس»، لكن مسيرات غزة جرى تنظيمها بصورة مشتركة بين الفصائل الداعية.
في سياق آخر، عاد وفد «حركة المقاومة الإسلامية ــ حماس»، أمس، إلى غزة، بعد زيارة ثانية إلى مصر وقطر تناولت محادثات مع «المخابرات المصرية» وحركة «فتح». وتكون الوفد من أعضاء المكتب السياسي للحركة، محمود الزهار، وخليل الحية، وعماد العلمي، ونزار عوض الله.
إلى ذلك، قال أمين السر للمجلس الثوري لـ«فتح»، أمين مقبول، في تصريح لوكالة «الأناضول» التركية، إن الاستعدادات تجري في الدوحة لعقد لقاء بين رئيس السلطة، محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، في شهر نيسان المقبل. ويأتي هذا اللقاء المفترض على ضوء ما أشيع عن تقدم ملحوظ طرأ على اجتماعات وفدي الحركتين في قطر قبل أيام.
(الأخبار)