القاهرة | جمهور واسع في مدرج كرة قدم في صورة فوتوغرافية. التعليق تحتها ليس لقطة من مباراة فريق لكرة قدم، بل «صورة لمرشحي الرئاسة»، أو هكذا على الأقل ينظر رسام الكاريكاتور الأشهر وليد طاهر في كاريكاتور نشرته جريدة «الشروق» اليومية لفتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، الذي أدّى بعد يومين فقط إلى سحب عدد غير متوقع من المرشحين أوراق ترشيحهم لشغل المنصب الرفيع، في ثانية انتخابات رئاسية تعددية تشهدها مصر بعد انتخابات عام 2005. «300 عملية سحب للأوراق، مئتان في اليوم الأول، ومئة تقريباً في الثاني»، بحسب ما يقول حاتم بجاتو، الأمين العام للجنة العليا للانتخابات الرئاسية لـ « لأخبار». إلاّ أن سحب الاوراق لم يؤدّ إلى تقديم طلب واحد رسمي للترشح، حسبما يضيف بجاتو «ما يعني أن أحداً إلى الآن لم يترشح رسمياً»، اذ يفترض بالمرشح لسباق الرئاسة، الذي ينطلق يومي 23 و24 أيار، قبل التقدم رسمياً أن يثبت قبل 8 نيسان القادم، عبر توكيلات رسمية، تأييد 30 ألف مواطن موزعين على 15 محافظة على الأقل، أو تأييد 30 نائباً من مجلس الشعب أو الشورى، أو أن يحظى بتأييد أحد الأحزاب السياسية، شريطة أن يكون الحزب السياسي قد تمكن من الفوز بمقعد واحد على الأقل في مجلس الشعب أو الشورى.
شروط وجدها عدد من المرشحين المحتملين تعجيزية وتعسفية، مشيرين إلى أن شرط حصول المرشح على 30 ألف توكيل موثّق من المواطنين أمر من المستحيل واقعياً أن يتحقق لأي مرشح خلال شهر واحد فقط، كما يرى البعض أن تمسك اللجنة بهذه الإجراءات يعني أن هناك مرشحاً رئاسياً تدعمه اجهزة الدولة وسلطتها مسبقاً.
كذلك، فإن الانتقادات لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل أيضاً اجراءات ما بعد الترشح، وخصوصاً قرارات اللجنة الخاصة بالدعاية الانتخابية، بعدما حظرت لجنة الانتخابات الرئاسية كل الدعاية الانتخابية لأي من المرشحين قبل 30 نيسان.
الإعلامية بثينة كامل، المرشحة المحتملة للرئاسة، قالت لـ «الأخبار» إنها «ترفض تماماً وقف الحملات الانتخابية». فمن غير المعقول تقييد المرشحين في مدة عشرين يوماً فقط لاستكمال حملاتهم الانتخابية التي كانوا قد بدأوها منذ فترة، مشيرةً إلى «أنها سوف تستكمل برنامجها الانتخابي خلال الأيام المقبلة، في كل الأحوال».
ويشترط قانون الانتخابات الرئاسية أن يكون المرشح من أبوين مصريين دون أن يحملا أيّ جنسية أخرى، وألا يكون متزوجاً غير مصرية، وألا يقل عمره عن40 سنة، وأن ينفق على حملته الانتخابية من أمواله الخاصة أو مما يقدمه إليه الحزب الذي رشحه أو من حصيلة التبرعات النقدية والعينية التي يتلقاها من الأشخاص المصريين فقط، بما لا يجاوز عشرة ملايين جنيه في الجولة الأولى، ومليوني جنيه في جولة الاعادة المحدد لها 16 و 17 من شهر حزيران المقبل.
في هذه الأثناء، تواصل الجدل حول ترشح رئيس المجلس الاستشاري السابق، منصور حسن، الذي استقال من منصبه وسط توقعات أن يكون هو المرشح «التوافقي» بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وخصوصاً بعد الهجوم الذي لاقاه من المرشحين المحتملين للرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسى في جولاتهما الانتخابية قبل يومين، حين حذرا من مؤامرة مسبقة تهدد نزاهة الانتخابات. وهي اتهامات رفض حسن، في تصريحاته لـ «الأخبار» التعقيب عليها، قائلًا إنه يحترم كل المرشحين. وأضاف «أما عن دعم القوى السياسية لي، فقد فاتحتني بعضها في الأمر بالفعل، لكن لا يمكننني الكشف عنها قبل أن تعلن من جانبها، تجنباً لأي إحراج قد أسببه لها».
وكان العضو السابق في القوات المسلحة، سامح سيف اليزل، الذي أعلن أول من أمس استقالته من ادارة حملة منصور حسن، قد أعلن تأييد حزب المصريين الأحرار الليبرالي لترشيح رئيس المجلس الاستشاري بالرغم من بيان سابق للحزب بأنه لن يعلن تأييد أي مرشح قبل إغلاق باب الترشح رسمياً. وهو ما شدد عليه مجدداً أحمد خيري، عضو المكتب السياسي للحزب، والمتحدث الرسمي باسمه في تصريحاته لـ «الأخبار». وأوضح خيري أن «حزبه لا يزال يفاضل بين المرشحين المحتملين بيد أنه استبعد منهم حازم صلاح أبو اسماعيل ومحمد سليم العوا وأحمد شفيق، بالرغم من اعترافه بأن استقالة سيف اليزل حسنت من فرص حسن لنيل تأييد الحزب نسبياً».
لكن منصور حسن قال لـ «الأخبار» إن «استقالة (اليزل) لم يكن متفقاً عليها مع نائبه إذا وصل إلى المنصب. وأنه اضطر إلى قبولها نزولاً فقط عند ارادة الرجل الذي أرجع قراره لأسباب شخصية رفض أن يفصح عنها، واحترمت رغبته في الاحتفاظ بها لنفسه». ولفت حسن إلى «أنه لا يرغب في تأييد المجلس العسكري الذي لا بد له أن يحتفظ بمسافة متساوية بين كل المرشحين».
أما حزب الوفد، وهو الحزب الأقدم في مصر، فأكد أنه لن يتراجع عن دعمه لمنصور حسن، الذي أعلنه عقب اجتماع الهيئة العليا للحزب قبل أيام «بالرغم من اعتراض عدد من شباب الحزب»، على حد تعبير معتز صلاح الدين المتحدث الاعلامي باسم الحزب في تصريحاته لـ «الأخبار».
إلى ذلك، يستعد المصريون في الخارج للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الأولى منذ تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك. وبحسب الموقع الرسمي لانتخابات الرئاسة قام 388 ألف و468 مواطن مصري مقيم خارج حدودها بتسجيل بياناتهم على الموقع استعداداً للإدلاء بأصواتهم، وفقاً للموعد المحدد لهم في الحادي عشر من شهر أيار المقبل ولمدة أسبوع.