بين مسيرة «لبيك يا بحرين» الأضخم في تاريخ المملكة، التي حشدت لها المعارضة يوم الجمعة، وتسريبات الحوار الشامل الذي تروّج له السلطة، أكّدت المعارضة أنّ الهدف من المسيرة هو الاستفتاء على المطالب الشعبية، وأنّ حديث الحوار «للاستهلاك الإعلامي»، وكل ما جرى هو اجتماع يتيم مع وزير الديوان.وفي اتصال مع «الأخبار»، نفى النائب المستقيل عن جمعية «الوفاق»، عبد الجليل خليل، ما أعلنه مستشار الملك للشؤون الإعلامية نبيل بن يعقوب الحمر عن قرب عقد حوار شامل يضم جميع مكوّنات المجتمع البحريني، أو حتى وجود اتصالات بين «الوفاق» والنظام. وأكد أن كل ما جرى هو حوار يتيم مع وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد، قائلاً «حدث لقاء مع خالد بن أحمد وجرى تسليمه رؤية المعارضة للخروج من الأزمة»، محدداً هذه الرؤية بأربع نقاط هي «حكومة منتخبة عبر تغيير الحكومة الحالية، ومجلس منتخب بغرفة واحدة كامل الصلاحيات وليس كما هي الحال مع وجود مجلس شورى معين يتقاسم الصلاحيات مع المجلس المنتخب، ودوائر انتخابية عادلة وقضاء مستقل»، مشيراً إلى أن هذه النقاط جرت صياغتها بناءً على مبادئ وثيقة المنامة التي صاغتها المعارضة كمخرج للأزمة.
وأكّد عبد الجليل أن المعارضة لم تتسلم أي ردّ رسمي من السلطة، وأنه لم تجر بعدها أي اتصالات لإطلاق حوار. وأضاف «على العكس، لاحظنا سقوط ضحايا جدد بعد مقتل شاب أول من أمس. وكان هناك تقرير للجنة تقصّي الحقائق لم تنفّذ توصياته حتى الآن؛ فلم يُطلق سراح المعتقلين، ولم يُعد المفصولون إلى أعمالهم». ورأى أن التصريحات الأخيرة بشأن حوار «شامل» أو حوار «لم شمل» مجرد تصريحات استهلاكية من قبل النظام.
وكان موقع «سي أن أن» قد نقل عن الحمر قوله إن هناك اتصالات جادة تجري حالياً لبلورة الرؤى بين جميع الأطراف الرسمية والأهلية والوطنية التي تسعى لإيجاد حل للأزمة، وأن هذه الاتصالات بدأت منذ شهر واحد ومستمرة، وسوف ينتج منها حوار. كذلك أشار الموقع إلى أن النائب الوفاقي جميل كاظم أكد هذا الأمر، وقال إن الحوار سيبدأ في غضون عشرة أيام، وأن المعارضة مستعدة للتفاوض والتنازل عن بعض مطالب «وثيقة المنامة». لكن الأخير نفى نفياً قاطعاً هذا التصريح، ووضع ذلك في إطار المفرقعات الإعلامية.
وعمّا قاله قائد قوة دفاع البحرين المشير الركن خليفة بن أحمد لصحيفة «الرأي» الكويتية بوجود مؤامرة انقلابية، قال عبد الجليل إن هذه التصريحات تكتيكية، الهدف منها الحصول على دعم خارجي، «فلا أحد يصدق أن هناك مؤامرة انقلابية. لقد أتت نتائج لجنة تقصّي الحقائق التي عرّت هذه المقولة كوقع الزلزال على أركان النظام، فقد أثبتت عدم وجود أي علاقة بين المعارضة وإيران». ودعا إلى التركيز بدلاً من ذلك على خطوات مفيدة لحل الأزمة، كإطلاق سراح المعتقلين ووقف القمع وإعادة المفصولين.
وقال القائد العام لقوة دفاع البحرين لـ«الرأي» إن هناك أجندات خارجية لا تريد لدول الخليج العربية أن تستقر، مضيفاً أن «هناك منظمات وأحزاباً في الخارج تدعم هذا التوجه، وتدفع أموالاً لكي تخرّب وتدمر وتغيّر نظام الحكم في البحرين ودول الخليج العربية، ونحن على دراية بهذه المنظمات والدول»، وأشار إلى إيران ودول أجنبية أخرى. وزعم وجود «دول تغدق الأموال على من يدّعون أنهم معارضة لكي يقلبوا نظام الحكم».
وفي ردٍّ على كيفية قبول المعارضة بلقاء خالد بن أحمد، الشخصية المثيرة للجدل الذي وقفت وراء الحملة الأمنية التي قمعت الانتفاضة في بدايتها، قال عبد الجليل «ما نريد أن نقوله إن الحل الأمني الذي استُخدم لوأد مبادرة وليّ العهد، أثبت أنه فاشل. لقد قتلوا وهدموا المساجد وقمعوا التظاهرات، لكن الناس عادوا إلى الشارع. الحل للأزمة هو حل سياسي، لا مفر من أن يكون هناك حوار جاد».
وعن مشاركة ما يسمّى المعارضة المتشددة غير المرخصة في أي حوار مرتقب، قال النائب الوفاقي «نحن في وثيقة المنامة أكدنا أن أي حل سياسي يجب أن يختتم باستفتاء شعبي. من حق أي فئة رافضة أن تعبّر عن رأيها. لن يكون هناك حلول مفروضة على الشعب».
الحدث الثاني الذي عاشته المملكة الصغيرة خلال الأيام الماضية، كان مسيرة الجمعة الحاشدة «والأكبر في تاريخ البحرين»، على حدّ تعبير النائب عبد الجليل، مؤكّداً أنها فاقت 250 ألفاً من المتظاهرين. وقال إن الرسالة من هذه المسيرة الحاشدة كان الاستفتاء على المطالب السياسية لغالبية الشعب البحريني، وشارك فيها الليبرالي والسنّي والشيعي. ورفض أن تكون المسيرة ردّاً على ما قاله الملك حمد بن عيسى بأنّ المعارضة هم «شرذمة»، وهو ما أكّده أكثر من مصدر في أكثر من جمعية معارضة لـ«الأخبار». وأشار عبد الجليل إلى أن المعارضة ستستمر في نشاطها، وأن هناك خطوات للضغط من أجل التوصل إلى حل، ستعلن خلال الأيام المقبلة.
زميله الوفاقي، النائب المستقيل، سيد هادي موسوي، قال بدوره لـ«الأخبار»، إن المسيرة هي مقدمة للمرحلة المقبلة «وإثبات للواقع الحقيقي لهذه المطالب الشعبية». وتطرق إلى المحاولات التي جرت للتوجه نحو دوار اللؤلؤة من قبل مجموعة من المتظاهرين، مشيراً إلى أن الخشية كانت من صرف الأنظار عن هذا الحشد الكبير والتركيز على المناوشات التي وقعت ومحاولة الذهاب إلى دوار اللؤلؤة، «لكن هذا لم يحصل». وأضاف «نحن لا نقول للناس أن تذهب الى الجدار ويعاركوه»، في إشارة إلى الحصار المفروض على الدوار الذي أصبح إشارت مرورية. وتابع «أغلق الدوار والساحة، لكن وجدنا البديل، وأكدنا أننا لن نسكت، وهناك مناطق كثيرة يمكن أن نعبّر فيها عن مطالبنا. نحن لا نتاجر بالدماء، وندفع الناس نحو الموت».
مصادر معارضة مقرّبة من «ائتلاف 14 فبراير»، كانت قد ذكرت لـ«الأخبار» وجود خطة للتوجه نحو الدوار، بهدف إيصال رسالة مفادها أن مطلب إسقاط النظام جاد، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار في أي حوار مرتقب، مشيرةً إلى أن مشاركة كل الأطراف في المسيرة كان هدفها أيضاً الردّ على قول الملك إنّ المتظاهرين «شرذمة».



مقتل مواطن برصاص الأمن

أعلنت جمعية «الوفاق» في بيان مقتل مواطن بحريني بنيران قوات الأمن. وقالت إن «الشاب السعيد فاضل ميرزا العبيدي (22 عاماً) من منطقة الدراز استشهد بعدما تعرض لإصابات من قوات الأمن أودت بحياته»، في وقت مبكر من فجر السبت. وأضافت أن العبيدي «أصيب بطلقة مباشرة وقريبة في رأسه من قبل قوات الأمن التي دهمت وقمعت المنطقة مساء الخميس».
في غضون ذلك، أصدر حزب الله بياناً حول مسيرة «لبيك يا بحرين» الحاشدة التي جرت يوم الجمعة، أكد فيه أن «التظاهرات الشعبية الحاشدة التي شهدتها البحرين، بدعوة من قادة الشعب وعلمائه، أثبتت أن الذين ينتفضون من أجل حريتهم ومن أجل نظام سياسي عادل في بلادهم ليسوا شرذمة، بل هم معظم أبناء الشعب البحريني».
ورأى الحزب أن «هذه التظاهرات الجماهيرية تعبرّ عن الوحدة الوطنية بين كل أطياف الشعب البحريني، وتؤكد وجود إجماع وطني على ضرورة التغيير في البلاد، وتحقيق المطالب المحقّة، وبأسرع وقت ممكن». وقال إن «ما يدعو إلى التقدير الكبير في انتفاضة الشعب البحريني هو ثباته وإصراره على سلمية التحركات، وبينها تحركات أمس، على الرغم من وحشية النظام في قمع المتظاهرين العزّل».