بغداد | لن يكون يوم غد الخميس يوماً اعتيادياً في حياة العراقيين وعمليّتهم السياسية، التي تشهد أقسى اختبار لها منذ ولادتها القيصرية بعد عام 2003، ذلك أن المهلة التي حددها البرلمان العراقي لرئيس الحكومة حيدر العبادي لتقديم حكومة «التكنوقراط» الجديدة ستنتهي، فيما يستمر زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر في الاعتصام داخل «المنطقة الخضراء» التي دخلها لأول مرة الأحد الماضي.
وفاجأ «الصدريون» الشارع العراقي بقرار عدم مشاركتهم في الحكومة الجديدة، التي من المقرر أن يطرحها العبادي على البرلمان غداً، لكنهم في الوقت ذاته دعوا الكتل السياسية إلى حضور للجلسة بكثافة والتصويت للحكومة، فيما أعلن وزيرا الزراعة والتخطيط اللذان ينتميان إلى «تحالف القوى» العدول عن قرار استقالتيهما اللتين تقدما بهما إلى العبادي نهاية الأسبوع الماضي.
وبالرغم من العد التنازلي للجلسة وتسارع التطورات والتكهنات، إلا أن أكثر من مصدر أكد عدم حسم الجدل الدائر حول أسماء الوزراء والوزارات التي سيشملها التغيير وتلك التي لن يشملها، فيما علمت «الأخبار» أن العبادي سيلجأ إلى التعديل الوزاري على ثلاث مراحل تبدأ الأولى منها غداً.
وبحسب مصادر مقرّبة من الحكومة ومطلعة على مناقشات التعديل الوزاري، فإن العبادي سيلجأ إلى تلك الخطوة بسبب «تعنّت» بعض الوزراء ورفضهم ترك وزارتهم، مشيرة إلى أن بعض الوزراء باتوا يشكلون «عقدة» أمام التغيير.
وأكدت المصادر أن وزراء الشباب والرياضة والنقل (المجلس الأعلى – عمار الحكيم) والصناعة والموارد المائية (التيار الصدري) والتعليم العالي (دولة القانون) في صدارة الوزارات التي سيشملها التغيير، لافتة في الوقت ذاته إلى أن الجدل لا يزال مستمراً، لكن من المتوقع أن يُحسَم الجدل في خلال الساعات المقبلة.
في موازاة ذلك، كشفت المصادر أن رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، بات يشكل ما يمكن تسميته «حلقة الوصل» أو «الوسيط» بين الصدر والعبادي، موضحة أن كتلة الحكيم قد تصوّت على الحكومة الجديدة شرط ضمان بقاء وزير النفط عادل عبد المهدي في منصبه.
وافق العبادي على تشكيل قيادة عمليات للبدء بتحرير الفلوجة

وبشأن مصير اعتصام «الصدريين» وزعيمهم، رجحت المصادر أن تصدر دعوة إلى فض الاعتصامات وإنهائها، في خلال الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن قيادات «التيار الصدري» تخشى من «حالة الاستنزاف» التي قد تتعرض لها الاعتصامات إذا طالت مدتها التي تقترب من دخول أسبوعها الثالث.
في مقابل ذلك، اتهم قيادي في ائتلاف «دولة القانون» الصدر والحكيم بالعمل على تفكيك «التحالف الوطني» والانشقاق عنه وترشيح وزير من تياريهما. وقال لـ«الأخبار» إن «كتلتي الأحرار والمواطن يعقدان، منذ أيام، اجتماعات مع التحالف الكردستاني وتحالف القوى العراقية من أجل التوافق على ترشيح شخصية بديلة من العبادي لرئاسة الوزراء».
القيادي الذي يحسب على جناح رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، أشار أيضاً إلى أن الصدر والحكيم يسعيان إلى تشكيل تحالف جديد يكون موازياً لـ«التحالف الوطني» الحالي، ويكون داعماً للحكومة المقبلة.
في غضون ذلك، رأى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري، أن العبادي لا يزال يملك زمام المبادرة حتى الآن، مؤكداً أنه سيحضر إلى جلسة مجلس النواب، يوم غد، أو يدعو إلى جلسة طارئة قبل الموعد الذي حدده البرلمان.
وأكد الشمري أن التدخل الدولي والإقليمي، الذي بدأ يزداد، سيلقي بالتأكيد بثقله على قضية حسم التعديل الوزاري والإصلاحات التي وعد بها العبادي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الصمت الأميركي، حتى الآن، حيال الجدل السياسي يثير الكثير من علامات الاستفهام وقد يشير إلى عدم اكتراثها بالأمر.
وفي سياق منفصل، وافق رئيس الحكومة حيدر العبادي، أمس، على تشكيل قيادة عمليات الفلوجة للبدء بتحريرها من سيطرة «داعش». المتحدث باسم مجلس الفلوجة المحلي سلام الحلوبسي قال لـ«الأخبار» إن موافقة العبادي جاءت بعد طلب قدمته الحكومة المحلية وعشائر في الأنبار للعبادي، مشيراً إلى أنها لن تكون بديلة من قيادة عمليات الأنبار.
من جهته، كشف رئيس البرلمان سليم الجبوري عن موافقة العبادي على تسليح 2500 متطوع ليشاركوا في عمليات تحرير الفلوجة. وقال الجبوري، خلال استقباله وجهاء وعشائر الفلوجة، بحسب بيان صادر عن مكتبه، إن «هناك 2500 من المتطوعين قدم أسماءهم محافظ الأنبار لرئيس الوزراء، وجرت الموافقة على تسليحهم ليباشروا عملية التحرير بالتعاون مع قوات الجيش وبالتنسيق مع قوات التحالف الدولي».
الجبوري أكد «أهمية البدء بتحرير المدينة»، مشيراً إلى أن «الانتصارات المهمة التي تحققت في مدن غرب الأنبار، من قبل قواتنا الباسلة من جيش وحشد عشائري، تشير إلى قدرة أبناء تلك المدن البدء بعملية تحريرها وبأسرع وقت ممكن».