دعا الأمين العام السابق للأمم المتحدة ومبعوث المنظمة الدولية وجامعة الدول العربية الجديد في سوريا كوفي أنان، أمس، كل الأطراف إلى التعاون لإنهاء العنف والتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية.
وفي أول تصريح له عقب تعيينه في مهمته الجديدة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، قال أنان، في بيان أصدره مقر الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف: «يشرفني قبول دور المبعوث الخاص المشترك في الأزمة السورية، وتشرفني الثقة التي أوليت إياها». وأضاف: «أتطلع إلى التعاون الكامل من كل الأطراف المعنية لدعم هذا الجهد المشترك والحازم من الأمم المتحدة والجامعة العربية للمساعدة على وضع حد للعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والعمل على التوصل لحل سلمي للأزمة السورية».
وكان بان كي مون والعربي قد أعلنا، في بيان مشترك، أن أنان بصفته مبعوثاً خاصاً للهيئتين «سيقوم بمساع حميدة بهدف وقف كل أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وتشجيع حل سلمي للأزمة السورية». وقال بان والعربي إن الدبلوماسي الغاني سيعمل الآن بموجب القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي وقرارات الجامعة العربية بشأن سوريا.
وأضاف أن كوفي أنان «سيجري مشاورات واسعة داخل سوريا وخارجها مع كل المحاورين المعنيين، بما يؤدي إلى إنهاء العنف والأزمة الإنسانية» في البلاد. كذلك سيسهم في «تسهيل حل سلمي وكامل (للأزمة) يقوده السوريون أنفسهم ويستجيب للتطلعات الديموقراطية للشعب من طريق حوار سياسي واسع بين الحكومة السورية والمعارضة السورية في مجملها». وأكد الطرفان أنهما «شاكران لأنان لقبوله هذه المهمة الضرورية في وقت حساس للشعب السوري».
وأوضح البيان المشترك أنه «سيُختار مساعد للموفد الخاص من المنطقة العربية».
وكشف دبلوماسيون دوليون أنه طرحت أسماء عدة لتولي المهمة، بينها رئيس الوزراء الجزائري السابق مولود همروش ووزير خارجية الكويت السابق محمد صباح السالم الصباح. وأضافوا أن بان كان يفضل مبعوثاً عربياً من بلد مثل الجزائر، لكن الحكومات العربية لم ترغب في اختيار موفد من المنطقة بسبب الانقسامات بشأن سوريا.
ولاقت الخطوة المشتركة بين الأمين العام للأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية استحسان روسيا والصين وتركيا. وأملت روسيا، في بيان لوزارة الخارجية، «أن يساعد عمل هذا الرجل الذي يحظى بالاحترام على حل المشاكل السياسية والإنسانية الملحّة في سوريا». وأضاف البيان أن «الجانب الروسي سيكون مستعداً للتعاون الوثيق معه في بحثه عن سبل مقبولة من الجميع لإيجاد حلول في هذه المهمات». وأكدت ضرورة أن يعمل أنان مع طرفي النزاع وأن يبحث عن حل سلمي من خلال الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة.
بدورها، رحبت الصين أمس، بتعيين أنان في مهمته الجديدة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي إن بلاده تأمل أن يسمح عمله بحل سياسي للمسألة السورية وتسوية سلمية ومناسبة للأزمة السورية. كذلك، رحبت تركيا بالخطوة. وأفادت وزارة الخارجية التركية في بيان، بأنه بالاستناد إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 16 شباط الماضي، سيجري أنان، في إطار مهمة النية الحسنة التي يقوم بها، محادثات لإنهاء العنف في سوريا وتخطي الأزمة الإنسانية هناك. وأشارت إلى أنه سيفتح المجال أمام عملية الانتقال السياسي بحسب المطالب والتوقعات الشرعية للشعب السوري.
وفي الإطار عينه، أكد ريتشارد غوان، من مركز التعاون الدولي في جامعة نيويورك، أن أنان قد يتمكن من تحقيق نجاح في مهمته الجديدة قياساً على خبرته وسيطاً في كينيا التي «تُعَدّ إلى حد كبير من أهم أعمال الدبلوماسية الوقائية في السنوات الأخيرة». وأضاف غوان أن موقف أنان من الحملة «الغربية على معمر القذافي في ليبيا» قد يعطيه صدقية إضافية في نظر نظام الأسد.
وتابع غوان أنه «رغم سيرته، إن مفتاح نجاح وساطة أنان هو الحصول على دعم سياسي حقيقي من النظام الدولي». وأضاف: «إذا لم يدعمه الروس والصينيون دعماً كافياً، فمن المرجح أن يرفض الأسد ومؤيدوه إجراء محادثات جدية معه».
من جهته، قال جيمس تروب، أحد الذين كتبوا سيرة أنان، إن اختياره «لهذا النوع من المهمات (...) منطقي تماماً». وأضاف أن «لديه قدرة على الإقناع وأسلوبه هادئ ولبق إلى درجة أن محادثيه يعتقدون أنه ضعيف، بينما هو بكل بساطة لم يصبه حب الذات بالعمى». وتابع قائلاً إن كوفي أنان يستخدم هذا التواضع الظاهري «استراتيجية» لإقناع محادثيه «بتقديم تنازلات ما كانوا سيقدمونها في إطار خلافي أعمق».
و كان الغاني كوفي أنان (73 عاماً) قد شغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة على مدى عشر سنوات من 1997 إلى 2006. وقد منح جائزة نوبل للسلام عام 2001. واختير وسيطاً لوقف أعمال العنف التي شهدتها كينيا في 2008.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)