لم تطلْ فترة التخمينات حيال ما كشف عنه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، أول من أمس، عن أن بلاده تعدّ لـ«مبادرة جديدة» بشأن الملف السوري، إذ تولّى وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، أمس، مهمة كشف النقاب عن نوعية هذه المبادرة التي ستكون عبارة عن مؤتمر دولي يضم جميع الدول المعارضة للنظام السوري، وذلك إما على الأراضي التركية، أو في أي بلد، شرط أن يكون «في المنطقة». مبادرة يرجّح أن تتصدّر جدول أعمال زيارة داوود أوغلو التي بدأت أمس إلى الولايات المتحدة، وخصوصاً أن البيت الأبيض أعلن، بعد ساعات قليلة من كلام داوود أوغلو، أنه يأمل «عقد اجتماع مع الشركاء الدوليين قريباً للاتفاق على الخطوات المقبلة لوقف قتل المدنيين في سوريا، وسيتضمن ذلك على الأرجح تقديم مساعدات إنسانية». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، إن اجتماع «أصدقاء سوريا» قد يُعقد في القريب العاجل من دون تقديم تفاصيل. ويلتقي داوود أوغلو في واشنطن نظيرته هيلاري كلينتون ومستشار الأمن القومي الأميركي توماس دانيلون ووزير الدفاع ليون بانيتا وزعماء الكونغرس، قبل أن يعود إلى تركيا يوم الأحد. وأحد أهم الملفات التي سيحملها داوود أوغلو في جعبته إلى واشنطن هو «التطورات التي ستحصل في الفترة المقبلة بشأن الشأن السوري»، بحسب شبكة «تي آر تي» التركية الحكومية.
وفي ضوء إعلان المؤتمر المنوي عقده، ظلّ «حوار الطرشان» سيد الموقف بين أنقرة وموسكو، وهو ما تجلّى في الاتصال الذي أجراه أردوغان مع الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، والذي شهد تكراراً للمواقف نفسها في ما يتعلق بالملف السوري: النظام في دمشق «فقد كل مشروعية» بحسب أردوغان، بينما «التدخل الخارجي ليس خياراً صائباً في سوريا ويجب مواصلة البحث حتى في مجلس الأمن عن أساليب ليكون حل الأزمة بيد السوريين بعيداً عن التدخل الخارجي» وفق تعابير مدفيديف.
وكشف داوود أوغلو أن أنقرة تعمل على عقد منتدى دولي «في أقرب فرصة» لحل الأزمة السورية، «بمشاركة واسعة من أجل توافق دولي بين جميع الدول التي يقلقها الوضع في سوريا». وشدد على أن المؤتمر «قد ينعقد في تركيا أو بلد آخر شرط أن يكون في المنطقة، وفي أقرب فرصة». وأوضح أن تركيا تلتزم سياسة دبلوماسية نشيطة لتحديد «خريطة طريق جديدة» لسوريا. وجدد تحذير دمشق من العزلة قائلاً: «نأمل ألا تتحول سوريا التي تقع في قلب الشرق الاوسط إلى كوريا شمالية أخرى».
وفي السياق، نشرت صحيفة «صباح» الموالية للحكومة التركية، معلومات مفادها أن أنقرة ستسعى في مرحلة أولى إلى «جمع الدول الصديقة» لسوريا بالتعاون مع الجامعة العربية، وستدعو في مرحلة ثانية إلى مؤتمر دولي في إسطنبول تشارك فيه الدول العربية وأعضاء مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي لمناقشة إمكانات حل الأزمة.
كلام مشابه أدلى به داوود أوغلو لوكالة «رويترز»، أعرب فيه عن اقتناعه بضرورة «بعث المجتمع الدولي رسالة دعم قوية للشعب السوري وتقديم مساعدات لسكان مدينة حمص». وعن المؤتمر الذي تنوي أنقرة تنظيمه، رأى الوزير التركي أنه «إذا فشل مجلس الأمن الدولي في حماية المدنيين، ينبغي للدول التي تتبنى فكراً مشتركاً إيجاد سبل لإنهاء القتل وإيصال المساعدات إلى المدنيين المحاصرين، لأن وضع المراقب لا يكفي».
وفكرة المؤتمر الدولي والإقليمي بشأن سوريا قد تحيل على تجربة سابقة تمثلت بإنشاء «مجموعة الاتصال» الخاصة بليبيا قبل سقوط حكم معمر القذافي، وهي «المجموعة» التي كانت تركيا طليعية فيها، إذ استضافت إسطنبول ثاني اجتماعاتها بعدما كانت الدوحة مقر أولها إثر قرار إنشائها في لندن.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز)