غزة | رفض المجلس التشريعي في غزة، أمس، تأليف رئيس السلطة محمود عباس حكومة الوفاق الوطني، على اعتبار أن الجمع بين منصبي رئيس السلطة ورئيس الحكومة، وفق ما نص عليه «إعلان الدوحة» الذي وقعه عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل برعاية قطرية، ينطوي على مخالفة دستورية.
وقال المجلس التشريعي في مذكرة قانونية إن تعديلات القانون الأساسي لعام 2003 تضمنت استحداث منصب رئيس الوزراء لوقف احتكار رئيس السلطة للصلاحيات التنفيذية بهدف «إقامة توازن في النظام السياسي الفلسطيني، وبالتالي فإن الجمع سيترتب عنه الخلط في السلطات». وأكد أن «العودة مجدداً إلى مسألة الجمع بين رئاسة السلطة ورئاسة مجلس الوزراء تنسف التعديلات التي جرت على القانون الأساسي برمتها، وتفرغها من مضمونها، وتمس جوهر النظام السياسي الفلسطيني وتشوهه وتغير مساره من نظام مختلط مائل بقوة إلى النظام البرلماني إلى نظام مختلط مائل بقوة إلى النظام الرئاسي».
ورأت المذكرة أن الجمع يضعف الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية إلى حدٍّ كبير وخطير، «بل إن هذا الجمع إذا ما تحقق فإنه يجعل التعديلات الدستورية التي جرت على القانون الأساسي عام 2003 فارغة من أي محتوى». وذكرت أن ذلك يؤدي إلى انعكاسات خطيرة على الحقوق والحريات التي تُعاني أساساً، وعلى احترام مبدأ سيادة القانون كأساس للحكم الصالح «وباختصار شديد، إنها ستجعل النظام السياسي برمته، الذي تلقى أساساً ضربات موجعة خلال مرحلة الانقسام، في مهب الريح».
لكن النائب عن حركة «فتح» فيصل أبو شهلا، رأى أن ترؤس عباس حكومة الوفاق الوطني المرتقبة «تضحية منه لإزالة أي عقبات قد تقف أمام تنفيذ المصالحة». وقال: «أعتقد أن لقاء الدوحة بين الرئيس عباس والأخ خالد مشعل قد دفع بوضوح المصالحة قدماً إلى الأمام»، معرباً عن أمله في نجاحه. ورأى أن «المصالحة أضحت قاب قوسين أو أدنى، وتحتاج إلى أن يكون هناك التزام من كافة الأطراف بتطبيق الاتفاق لنجاح مسار المصالحة».
وفي غضون ذلك، اتهم عضو لجنة الحريات العامة النائب عن «حماس»، إسماعيل الأشقر، حركة «فتح» بعدم الجدّية في تنفيذ توصيات اللجنة. وقال لصحيفة «فلسطين» المحلية الصادرة في غزة إن «فتح تقابل عمل اللجنة بمزيد من التلكؤ والمماطلة والتسويف، فتُسمع كلاماً، وعلى أرض الواقع تجري الصورة بنحو مغاير»، مضيفاً أن «ما حصلنا عليه من «فتح» لحل المواضيع العالقة هو صفر كبير». واتهم الأشقر «فتح» بأنها تعاني «خللاً مركباً» في الضفة الغربية، لعدم وجود «إرادة سياسية لتطبيق ما يجري ضمن اللجان العامة المنبثقة من اتفاق المصالحة في القاهرة». وأكد الأشقر أن «حماس» والحكومة الفلسطينية في غزة «نفذت كاملاً كافة الالتزامات التي تعهدتها، وما طلب منا في ملف المعتقلين السياسيين، والتزمت تعهد عدم ملاحقة أي من كوادر «فتح»، والعديد من الملفات الأخرى»، قبل أن يضيف أن «الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية لا تزال مستمرة»، لافتاً إلى وجود «119 معتقلاً سياسياً في سجون الأجهزة الأمنية هناك». وقدر عدد الموظفين المفصولين من وظائفهم على خلفيات سياسية بنحو 770 موظفاً في الضفة، و4760 موظفاً في غزة.
وتتألف لجنة الحريات العامة من ممثلين عن الفصائل ومنظمات أهلية في غزة والضفة وتختص بالبحث في تسعة ملفات، بينها الاستدعاءات الأمنية وحرية التنقل والصحافة والمعتقلين السياسيين، والمفصولين، والمبعدين والهاربين من غزة.
وتأتي تصريحات الأشقر في وقت أعلن فيه عضو اللجنة المركزية لـ«فتح»، عزام الأحمد، أنه سيطالب بحل لجنة الحريات في غزة وسيطرح إعادة تشكيلها مجدداً؛ «لأن عقلية الانقسام ما زالت معششة في أذهان أعضائها»، مثمناً في الوقت نفسه دور لجنة الحريات في الضفة التي يترأسها مصطفى البرغوثي. وكان مصدر فلسطيني موثوق في غزة قد كشف أن لجنة الحريات تنوي تجميد عملها احتجاجاً على عدم تنفيذ قراراتها التي سلمتها إلى الجهات المعنية في كلا الطرفين.
في المقابل، رفض أمين سر لجنة الحريات، خليل أبو شماله، اتهامات الأحمد، وقال إن اللجنة رفعت توصيات لطرفي الانقسام، «إلا أنها واجهت حقيقة مفادها أن عدم الالتزام هو عنوان الواقع». وحمّل حركتي «فتح» و«حماس» المسؤولية الكاملة عن الانقسام وتداعياته، قائلاً: «من العيب أن تكون هناك محاولات للالتفاف على هذه الحقيقة، وتوزيع اتهامات باطلة هدفها تبرير استمرار الانقسام وليس تذليل العقبات».
وطالب الأحمد بأن يلتفت إلى العقبات الموجودة والعمل على حلها، وعدم الانشغال في توتير الأجواء وتوزيع الاتهامات الباطلة. ورفض أن تكون اللجنة مجرد «ديكور سياسي وشماعة تعلق عليها أطراف الانقسام عدم جديتها وعدم توافر إرادة حقيقية لتطبيق بنود المصالحة».