تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بفرض العقوبات وزيادة الضغوط على حكومة الرئيس السوري بشار الأسد حتى تتخلى عن السلطة، لكنه قال إنه يمكن حل الأزمة السورية من دون تدخل عسكري من الخارج. وقال، في مقابلة مع برنامج «توداي» في «ان.بي.سي»، «أعتقد أن من المهم جداً لنا محاولة حل هذا الأمر من دون اللجوء الى تدخل عسكري من الخارج. وأعتقد أن هذا ممكن». وقال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن «الرهان على الأسد بكل شيء هو وصفة للفشل»، مضيفاً أن سيطرة الرئيس السوري على السلطة «أصبحت محدودة جداً على أفضل تقدير». وأضاف «نحن نعمل مع المجتمع الدولي لبذل كل الجهود التي نقدر عليها لزيادة الضغوط عليه». وقال إنه رغم خيبة أمله بفشل الجهود لإدانة الأسد في الأمم المتحدة، إلا أن واشنطن «تريد أن توضح للجميع أن عليهم ألا يراهنوا على نظام الاسد، لأن ذلك رهان خاسر».
بدورها، أعلنت السفيرة الاميركية في الامم المتحدة، سوزان رايس، أن الصين وروسيا ستندمان على استخدام الفيتو ضد مشروع قرار دولي يدين العنف في سوريا. وصرّحت، في مقابلة مع قناة «سي أن أن» الاميركية، بأن الدبلوماسيين الذين كانوا موجودين السبت في الامم المتحدة كانوا على علم بأن روسيا والصين ستستخدمان الفيتو، وأنه «كان من الضروري عدم الوقوع في فخ المناورات التسويفية الجديدة من قبل روسيا».
تصريحات واشنطن المسائية استبقتها صباحاً بالإعلان عن إغلاق سفارتها في دمشق. وقالت وزارة الخارجية الاميركية في بيان إن السفارة علّقت عملياتها، وإن السفير الاميركي في سوريا روبرت فورد وكل العاملين في السفارة غادروا البلاد، داعية كل الاميركيين الذين لا يزالون في سوريا الى مغادرة البلاد. وأعلنت وزارة الخارجية البولندية أن سفارتها ستمثل مصالح الولايات المتحدة في سوريا. وأفادت شبكة «سي أن أن» بأن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اتخذت القرار النهائي بإغلاق السفارة بعد اطّلاعها على مخاوف وتوصيات إدارة وزارة الخارجية وطاقمها الأمني. وقال مسؤول كبير «إنه قرار لا نأخذه بخفة بتاتاً. فسفاراتنا عنصر مهم جداً في دبلوماسيتنا حول العالم». وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند، في بيان، «إن فورد سيحتفظ بمنصبه سفيراً للولايات المتحدة لدى سوريا، وسيعمل مع فريقه من واشنطن».
كذلك، أعلنت الولايات المتحدة أنها أوفدت الى موسكو مسؤولاً كبيراً في وزارة الخزانة مكلّفاً بنظام العقوبات الذي تعتمده الحكومة الاميركية. وقالت وزارة الخزانة إن دانيال غلايزر، مساعد نائب وزير الخزانة المكلف بمكافحة تمويل الارهاب، سيزور العاصمة الروسية في إطار جولة دولية مخصصة لـ«مروحة واسعة من الموضوعات»، في مقدمها إيران وسوريا.
وفي لندن، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن بلاده استدعت سفيرها في دمشق للتشاور. وفي تصريح أمام مجلس العموم، قال هيغ إنه استدعى السفير السوري في لندن سامي الخيمي إلى وزارة الخارجية احتجاجاً على الوضع في سوريا. وقال «سنستخدم جميع القنوات المتبقية لدينا مع النظام السوري لنوضح لهم اشمئزازنا من العنف الذي نعتبره غير مقبول مطلقاً بالنسبة إلى العالم المتحضّر». وأضاف أنه «جرى استدعاء السفير السوري في لندن الى وزارة الخارجية لتلقّي هذه الرسالة. وفي موازاة ذلك، استدعيت سفيرنا في دمشق الى لندن اليوم للتشاور». وأضاف أن بريطانيا ودولاً أخرى ستدرس قراراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة في غياب قرار لمجلس الأمن بشأن سوريا. وقال إن بريطانيا ستضاعف الضغوط على سوريا من خلال الاتحاد الأوروبي. وأضاف «اعتمدنا بالفعل 11 جولة عقوبات من الاتحاد الأوروبي، ونأمل باتفاق مجلس الشؤون الخارجية (للاتحاد) على مزيد من الإجراءات في 27 شباط».
ومن باريس، أعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أنه متفق مع نظيره الفرنسي ألان جوبيه على أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يبادر الى إصدار مزيد من العقوبات ضد سوريا. وأضاف: «نهدف الآن إلى تأليف مجموعة اتصال من أصدقاء سوريا الديموقراطية، حيث سيجري الاتفاق على الخطوات المستقبلية».
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن جوبيه استقبل أمس في باريس رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون، وتشاور مع مسؤولين عربيين كبيرين. وأكد جوبيه أن فرنسا لن تظل «مكتوفة اليدين» بعد الفيتو الروسي والصيني، وستتخذ مبادرات، وخصوصاً بهدف إنشاء «مجموعة أصدقاء لسوريا». والتقى جوبيه غليون لأكثر من ساعة، وأعرب له عن «دعم» فرنسا للشعب السوري، وفق مصادر دبلوماسية. كذلك، تشاور الوزير الفرنسي هاتفياً مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني. وأضافت المصادر أن جوبيه أجرى مع الشيخ حمد «مشاورات مكثفة» في شأن إنشاء «مجموعة أصدقاء سوريا».
وكان جوبيه قد أوضح الأحد أن هذه المجموعة يمكن أن تضم الدول الـ13 الأعضاء في مجلس الأمن التي صوّتت لمصلحة مشروع القرار الذي عرقله الفيتو الروسي والصيني، إضافة الى كل دول الجامعة العربية، و«جميع من يريدون الانضمام إلينا لممارسة ضغط على سوريا».
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «من المهم أن تستمر التعبئة بعد رفض القرار في الأمم المتحدة، وأن نظهر تضامننا مع السوريين الذين تستمر حكومتهم باضطهادهم، وأن نضع حداً لمأساة هذا الشعب».
ومن كاراكاس، أكدت دول تجمّع ألبا، في بيان أصدرته إثر اجتماع قمتها أول من أمس في كراكاس وتلاه الرئيس الفنزويلي أوغو تشافيز، أن سوريا دولة ذات سيادة ويجب احترام سيادتها، معبّرة عن إدانتها الشديدة للسياسة الممنهجة التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون ضد الشعب السوري، والهادفة إلى زعزعة استقرار سوريا عبر دعم أعمال العنف التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة.
(الأخبار، روتيرز، أ ف ب، يو بي آي)