القاهرة | وجهاً لوجه... كانت الثورة تواجه الإخوان أمس. للمرة الأولى كان الأمر بهذا الوضوح. فقد كانت الصفوف المتلاصقة من أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» تحاول باستماتة منع الحشود الهائلة من متظاهري «ثلاثاء الإصرار» من الوصول إلى مجلس الشعب، على الرغم من أن تلك الحشود جاءت تحمل رسالة إلى أعضاء مجلس الشعب الذي يشغل الإخوان النصيب الأكبر من مقاعده، مفادها «أننا نثق بكم ومن ثم فلتتحملوا مسؤولية إجراء الانتخابات الرئاسية مبكراً تحت إشرافكم. لا تحت إشراف المجلس العسكري الحاكم». فتحي إسماعيل، عضو الإخوان المسلمين الذي كان يواجه المتظاهرين في الصف الأول، تحدث لـ«الأخبار» عن سبب قبوله بأداء هذا الدور، قائلاً بتحفّظ «جئنا إلى هنا لحماية إرادة الشعب». وأضاف «المتظاهرون هنا لهدم مجلس الشعب»، معيداً إلى الأذهان بقوة ما يردّده جنود الأمن المركزي حين يصفون المعارضة بـ«المخربين»، على غرار بيانات وزارة الداخلية.
وإلى جانب تظاهرات «ماسبيرو»، حيث مبنى التلفزيون المصري وضريح سعد زغلول، جابت العاصمة المصرية تظاهرات طلابية من عدة جامعات، كالقاهرة وحلوان وعين شمس التي جاء منها عمرو عادل، طالب الجامعة الألمانية، الذي قال لـ«الأخبار»، بينما كان يجاهد مع رفاقه للضغط على صفوف الإخوان المتراصة، إن «تظاهرته وحدها بدأت بنحو 150 شاباً، لكنها وصلت إلى مستقرها بخمسة آلاف».
وشقّت التظاهرات التي شاركت فيها عشرات القوى السياسية طريقها إلى مجلس الشعب بهتافات مدوية ضد الخروج الآمن لأعضاء المجلس العسكري، وأعاد المشاركون تجديد مطالبهم بتأليف لجنة من أعضاء مجلس الشعب لها صفة الضبطية القضائية للتحقيق في أحداث قتل المتظاهرين وتقديم المسؤولين عنها إلى المحاكمة ورفض صياغة الدستور الجديد في ظل حكم المجلس العسكري وعودة الجيش إلى ثكنه.
في غضون ذلك، تضاربت أمس التصريحات الصادرة عن المجلس الاستشاري الذي أنشئ الشهر الماضي لمعاونة المجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد، خلال الفترة الانتقالية، بعد تأكيد المتحدث باسمه أن المجلس اقترح تبكير موعد الانتخابات الرئاسية لتجرى في 16 أيار المقبل بدلاً من حزيران، قبل أن يعمد رئيس المجلس منصور حسن إلى نفي هذه المعلومات.
أما رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري فكان مشغولاً أمس في البرلمان، محاولاً أن يكتسب منه شرعية بقائه في منصبه. ففي خطبة تراجيدية، وقف الجنزوري يلقي بيانه الأول أمام أعضاء مجلس الشعب، متحدثاً عن تاريخه بإسهاب، رغم اعتراضات عدد من نواب البرلمان الذين طالبوه «بالالتزام بموضوع الجلسة»، قائلاً «أنا ظُلمت مثلكم، وربما قال البعض لماذا استمر 20 عاماً يعمل مع النظام»، قبل أن يضيف «قد يقول البعض لماذا هذا الظلم، أقول لهم لأنني التزمت كل الالتزام بأن أحافظ على مصالح هذا الشعب، وأحمي بلادي».
وبعد الانتهاء من الحديث عن تاريخه، عرض الجنزوري ما أنجزته حكومته منذ أدائها اليمين الدستورية في 7 كانون الأول الماضي حتى الآن، مصطحباً معه وزراء الداخلية والعدل والكهرباء والتأمينات الاجتماعية، في ورقةٍ حملت عنوان «ما قامت به وزارة الدكتور الجنزوري من مهام إصلاحية واجتماعية تهم المواطن منذ تكليفها حتى الآن».
الورقة التي وزّعت على النواب ضمّت 26 بنداً، منها ما قامت به الحكومة في ملف حقوق الشهداء والمصابين، السبب الرئيسي لاستدعاء رئيس الوزراء للمثول أمام مجلس الشعب. رئيس الحكومة الذي استطاع أن يدخل إلى مكتبه في مبنى مجلس الوزراء، أمس، لأول مرة منذ تكليفه، أكد صرف مبلغ 30 ألف جنيه لأسرة كل شهيد، وصرف ما بين 5 آلاف إلى 15 ألف جنية للمصابين، وهو ما اعترض عليه عدد من النواب، مطالبين بأن يجري التعويض عن الشهيد بـ100 ألف جنيه. لكنّ عدداً كبيراً من الأعضاء رفض أن يتحدث رئيس الحكومة عن التعويضات المالية، مطالبين بتأليف محكمة ثورية تقتص من قتلة الشهداء.
من جهةٍ ثانية، اشتكى الجنزوري إلى النواب «كثرة الاعتصامات التي تطالب بمطالب فئوية»، وقطع الطرق من قبل بعض الرافضين لبعض الأمور، وكذلك «قرار عدد من الدول العربية والأجنبية الامتناع عن تقديم مساعدات مالية لمصر».
إلى ذلك، أحكم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسليمن، أمس، قبضته على رئاسة اللجان النوعية في مجلس الشعب، وحصل على رئاسة 11 لجنة من أصل 19، ذهب أربع منها إلى حزب النور «السلفي»، أما باقي اللجان فذهبت إلى الأحزاب المتحالفة مع جماعة الإخوان.
أما في ما يتعلق بانتخابات مجلس الشورى، فلم تخرج عن المتوقع، وتشير الإشارات الأولية إلى سيطرة تيار الإسلام السياسي بجناحيه الإخوان والسلفيين على أغلبية المجلس الذي خرجت أصوات عديدة تطالب بإلغائه لعدم تمتّعه بأيّ صلاحيات رقابية أو تشريعية.