انتقلت المعارك بين الجيش السوري وحلفائه ومسلحي «داعش» إلى داخل المدينة الأثرية الملحقة بأحياء تدمر التاريخية، على نحو خالف التوقعات الميدانية. وبدلاً من دخول القوات إلى القلعة الأثرية والسيطرة على تلتها الاستراتيجية، التفّت القوات باتجاه منطقة العامرية التي تبعد عن وسط مدينة تدمر مسافة 800 متر شمالاً، بهدف تحييد المواقع الأثرية عن العنف القائم، على الرغم من تفخيخ أحياء المدينة بالكامل على يد مسلحي التنظيم. وأكدت مصادر ميدانية لـ«الأخبار» أن القوات السورية تحاشت الاشتباكات العنيفة داخل المدينة الأثرية، متبعة عنصر المفاجأة بالالتفاف نحو الأحياء الشمالية، لكسب الرهان على سقوط دفاعات التنظيم دفعة واحدة، بعد إشعال جميع خطوط التماس في المدينة.
تحاشى الجيش الاشتباكات داخل المدينة الأثرية
ولفتت المصادر إلى أنّ القوات استعاضت، مبدئياً، عن السيطرة السريعة على قلعة تدمر، بمحاولة التقدم للتمركز على تلة السيرياتل، التي تكاد توازيها في الارتفاع وتساهم بتغطية عناصر الجيش بالنار، على نحو مباشر. وبحسب المصادر، فإنّ وحدات الهندسة في الجيش بدأت بتفكيك الألغام في منطقة العامرية، في ظل تمركز مسلحين من التنظيم في مواقع عدة، من بينها المدينة الأثرية وأحياء وسط المدينة وفرع البادية ومطار تدمر. ويأتي التقدّم السريع للجيش وحلفائه على محور المدينة التاريخية بعد مرور أقل من عام على سقوطها المدوّي بيد «داعش»، خلال الربيع الماضي. وبحسب مصدر ميداني، فإن الحشد العسكري الضخم من الجيش وحلفائه وقواته الرديفة، كان له الفضل الأكبر في قلب معادلة معارك الصحراء القاسية، طوال الأشهر الماضية. ويخشى المصدر من إطالة أمد المعركة على نحو يخالف توقعات المخططين العسكريين، حتى حدوث تغيرات مناخية تقلب مجريات الوضع الميداني لمصلحة المسلحين المتقهقرين شرقاً. مسلحو «داعش» استقدموا تعزيزات جديدة، مساء أمس، بحسب المصدر، على أمل منع الجيش من استكمال السيطرة على التلال القليلة الباقية، التي تطل على أحياء المدينة. ويرى المصدر أن أيّ تعزيزات جديدة للتنظيم قد تؤخر نجاح العملية العسكرية، خشية تحصين «داعش» لمنطقة السخنة، الواقعة شمال المدينة، التي مثّلت منطلق عمليات التنظيم لإسقاط المدينة التاريخية. ومن المتوقع استمرار القوات المتقدمة على مشارف تدمر، باتجاه مدينة دير الزور، بعد السيطرة القريبة على المدينة الأثرية، بحسب المصدر. التعزيزات المذكورة تأتي بعد ساعات من بدء تنظيم «داعش» عملية إخلاء عائلات المسلحين من المدينة، باتجاه ريف دير الزور الشرقي، بالتزامن مع انسحاب أعداد محدودة من عناصر التنظيم شرقاً. وكان الجيش في وقت سابق من يوم أمس قد سيطر على مجمع الفنادق والمزارع الغربية من المدينة، إضافة إلى تمركز قواته في القصر القطري («قصر موزة»)، والانطلاق منه نحو باتجاه عمق المدينة. كذلك، سيطر الجيش وحلفاؤه على دوار الزراعة الواقع على المدخل الجنوبي الغربي من المدينة.
وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن سلاح الجو الروسي نفذ خلال الأيام الثلاثة للمعارك في تدمر 41 طلعة جوية، تتضمن 146 ضربة على مواقع مسلحي «داعش». وبحسب موقع الوزارة الرسمي، فإن العمليات أدت الى مقتل 320 مسلحاً وتدمير 6 مراكز قيادة، و5 دبابات، إضافة إلى 15 عربة و6 منظومات مدفعية ومستودعين للذخائر.
وفي ريف دمشق، تعرضت تلة فرزات الاستراتيجية، القريبة من النشابية في الغوطة الشرقية إلى هجوم عنيف من المسلحين، في محاولة لاستعادتها بعد يوم واحد من سيطرة الجيش عليها. وقالت مصادر ميدانية إنّ وحدات الجيش أحبطت الهجوم، ونجحت بتثبيت تمركزها أعلاها، ما يسمح بكشف مناطق واسعة من الغوطة أمام قوات الجيش.