طرابلس | لم يكن حادث شارع الزاوية في العاصمة الليبية طرابلس الثلاثاء الماضي، مجرد حادث «عرضي وشخصي»، حسبما فسّر قائد ثوار مدينة مصراتة العقيد سالم جحا، فثمة قلق فعلي لدى الشعب الليبي، وخصوصاً سكان العاصمة، من استمرار انتشار السلاح بين أيدي مقاتلي ثورة 17 شباط التي قضت على نظام العقيد معمر القذافي. وعد العقيد جحا بمحاسبة المخطئ، وقال «لن نسمح بأن يوجّه أحد من الليبيين فوهة بندقيته لليبي آخر». لكن هذا لم يغيّر من موقف معظم الليبيين بأن الحكومة تتحمّل المسؤولية وعليها المباشرة في تشكيل الجيش وأجهزة الأمن لدمج المسلحين في هيكل الدولة الليبية الجديدة.
الحكومة الليبية المؤقتة أعلنت عن برنامج لإدماج الثوار المقاتلين في مؤسسات المجتمع، بالتعاون بين وزارات الداخلية والدفاع والتخطيط والخدمة المدنية، أعلنت وقسمت الثوار إلى ثلاث فئات، الأولى من أراد منهم الانضمام إلى الجيش الوطني، والثانية من رغب في الانخراط في صفوف الأمن والشرطة، والثالثة من فضّل الحياة المدنية، فهناك قروض وبرامج لاستكمال الدراسة والتدريب وتوفير فرص العمل.
وأمام تحذير رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل، للمرة الثانية من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية، تحدث عدد من الليبيين عن اشكالية بقاء السلاح في أيدي المجموعات المسلّحة، حيث يرى الكاتب الصحافي الليبي عبد الله الكبير، أن التحديات الصعبة تتزايد أمام حكومة عبد الرحيم الكيب، «ولعل أخطرها انتشار السلاح. فرغم الخطط المعلن عنها لاستيعاب الثوار، النجاح محدود خاصة في العاصمة، لأن بعض الثوار من محيط العاصمة، وجدوا أنفسهم مالكين للسلطة وللأموال، وانزلقوا إلى حياة خاصة ماجنة».
ويشير الكبير الى أنه «ولأسباب تافهة يمكن أن يندلع بين المسلحين قتال عنيف، وتصريحات عبد الجليل تعكس مخاوف حقيقية، فكل الأسباب لاندلاع حرب أهلية متوفرة، وتكفي شرارة صغيرة لاشتعالها». الكاتب الليبي يشدد على أن «خروج الثوار من طرابلس بات ضرورياً، وعلى وزارة الداخلية أن تؤسس لقوة ضاربة تطرد من لم ينضم إليها أو إلى الجيش الوطني». ويشير الى ضرورة تفعيل الشرطة والقضاء لكونه «أمراً لا يحتمل التأخير. وعلى الحكومة أن تواجه قادة الكتائب وتخيّرهم بين الاندماج أو العودة إلى حياتهم السابقة». وعن تحركات بعض الليبيين التي شهدتها طرابلس منذ وقت قريب ضد السلاح، يقول الكبير إن «استجابة المجلس الانتقالي للحراك السلمي في المدة الماضية تؤسس لقاعدة شعبية تنبذ العنف، لأن الشارع سيتصدى لمن يعمل على التغيير بقوة السلاح».
لعل الشارع الليبي ينظر بحذر إلى مثل هذه التصرفات، وهنالك إجماع عام تقريباً على استنكار رفع السلاح في المواجهات الشخصية. وهناك رغبة حقيقية لدى المواطنين في فرض القانون وفي أن تقوم وزارتا الداخلية والدفاع بدورهما على أكمل وجه، ففي مدينة مثل مصراتة، والتي تعتبر أكثر المدن تسليحاً وعتاداً، عندما أرادت القوة الشبابية انتخاب المجلس المحلي، لم ترفع السلاح ولم تستخدم القوة بل اعتصمت في ميدان العدالة حتى نالت مطالبها.
رغم الواقع الحالي هناك من هو مطمئن، فالناشطة في إحدى هيئات المجتمع المدني، غيداء التواتي، تصف الوضع هناك بقولها: «طرابلس آمنة والدليل أنني أرجع إلى بيتي من الاعتصام في ميدان الجزائر وحدي الساعة الثانية عشرة ليلاً من دون أن يعترضني أحد».
ويبدو ان ثمة انتقادات من الشعب الليبي لرئيس المجلس الوطني الانتقالي الذي لا يزال يؤخذ عليه عمله في حكومات القذافي، فهو حسبما ترى التواتي «يستخدم نفس طرق القذافي في تخويف الشعب الليبي، وهو رجل قانون وليس رجل سياسة، ونصيحتي له أن يهتم بخدمة الشعب الليبي، وتنفيذ مطالبه، وأن يدع الحكومة تعمل ولا يتدخل في قراراتها». وتجزم الناشطة الليبية المقيمة في طرابلس بأن «الحرب الأهلية لن تحدث في ليبيا وما حدث يعتبر ردود فعل قليلة، إذا ما قورنت بحجم السلاح في الشارع الليبي. كنت أتوقع الأسوأ في بلادي لكني أقول إن طرابلس آمنة».
الا أن الموظف في إحدى الشركات الخاصة، وسيم الحسان، يرى، على العكس، أن «التهويل من سيادة المستشار (عبد الجليل) هو لتوعية الناس». واذ يجد الحسان أن من المستحيل أن تحدث حرب أهلية، يشير الى أن ما حدث «هو تصرف فردي لم يخطط له، والدليل على ذلك أن الأحداث انتهت بسرعة كما بدأت، وعموماً الوضع الأمني للبلاد جيد بمعنى أن المواطن آمن على نفسه».
السبب «الرئيسي» للاشتباكات يتكرر على ألسنة المتحدثين الى «الأخبار»، كذلك في نظر الطالب الجامعي عبد الخالق السويحلي، وهو «تأخر الحكومة في تكوين جيش وطني وجهاز للشرطة، ما أدى إلى سيطرة كتائب الثوار على المشهد». لكن السويحلي يضيف أنه «ربما يكون هناك اختراق من أزلام القذافي لغرف العمليات المتعددة الموجودة في العاصمة من خلال أجهزة اللاسلكي، لتأجيج الخلافات والمواقف، ما يدفع الشباب إلى ارتكاب حماقات».
وفي الخلاصة يختصر الناشط في مجال إعانة ذوي الاحتياجات الخاصة، أبو بكر الأنصار، المشهد الليبي الحالي بقوله «الوضع جيد في العاصمة، لكن الناس قلقون من مستقبل الأمن، وخصوصاً أن هناك أخطاء كثيرة حصلت بعد التحرير وهناك اتهام لأناس بأنهم كانوا مع نظام القذافي وهم لم يفعلوا شيئاً على الإطلاق، وهناك من انتقم لشخصه باسم الثورة». وبقي لسان حال الليبيين كما جاء في كلام الأنصار: «نحتاج إلى قوة الشرطة لضبط أي انفلات أمني في الشارع».



الصلابي ينتقد قانون الانتخاب

وصف عضو الاتحاد العام لعلماء المسلمين المعارض الليبي السابق، الشيخ علي الصلابي، قانون الانتخابات الليبي الجديد بأنه «قانون إقصائي ولا يستوعب المواطنين في الدولة الجديدة التي تعطي حق المواطنة لكافة المواطنين».
ونقل موقع «المنارة» الالكتروني الناطق باسم الاسلاميين في ليبيا عن الصلابي دعوته إلى «إعادة النظر في هذا القانون الجائر، وعلى من وضعوا هذا القانون أن يتواضعوا ويتعلموا من خبرات الشعوب التي سبقتهم». ونشرت صحيفة «الوطن الليبية» تعليق الصلابي الذي كان مقيماً في قطر قبل عودته اخيراً الى بلاده، على تخصيص 10 في المئة من المقاعد للمرأة في هذا القانون، قائلاً «إن هذا التحديد ظالم للمرأة. وضع المرأة متساوٍ مع الرجل ومثلها مثل الرجل في المجتمع».
(الأخبار)