مع أنّ الحركات الفلسطينية أطلقت معركتها الانتخابية باكراً، وزعم كلٍّ منها أنّه سيظفر في الانتخابات التي ستجري وفق مشروع المصالحة الوطنية، يبدو أن هناك تياراً واسعاً من «المتذمرين» الحانقين على حركتي «فتح» و«حماس»، قد يمثّل قنبلة انتخابية. وكانت الفصائل الفلسطينية قد اتفقت خلال اجتماعها في القاهرة من 20 إلى 22 كانون الأول الماضي، على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ولأعضاء المجلس الوطني في أيار المقبل. ويقول أستاذ الإعلام في جامعة «بيرزيت»، نشأت الأقطش، الذي شارك في إدارة حملات انتخابية سابقة، إن «التقديرات تشير إلى انقسامات أهمها في حركة «فتح»، التي ترجّح إمكان أن تخوض شخصيات فتحاوية الانتخابات بنحو منفصل عن وحدة الحركة، ما يؤدي إلى تشتيت أصواتها». قبل أن يضيف أن الأصوات التي ستحصل عليها «فتح» والتي تقدر بـ35 في المئة «ستتوزع بنسب 5 في المئة و6 في المئة و10 في المئة».
وبالنسبة إلى حركة «حماس»، يشير الأقطش إلى أنه «إذا خاضت «حماس» الانتخابات موحدة، فستحصل على ما نسبته ثلاثون إلى 35 في المئة من الأصوات، مثلها مثل حركة فتح».
ويعطي الأقطش نسبة 10 في المئة لفصائل اليسار الفلسطيني، إذا خاض اليسار هذه الانتخابات موحداً، وهو أمر مستبعد. لكنه تحدث عن «اتجاه رابع» قد يحدث تغييراً في توزيع الأصوات، وقال إنه يمثّل «قنبلة انتخابية». هذا الاتجاه «سيتكون على الأرجح من شخصيات سياسية مستقلة وهاربة من فصائلها الصغيرة ومتذمرة من الواقع المرير الذي ساد خلال السنوات الماضية»، ومن المتوقع أن «يحصل على ما بين 40 و50 في المئة من أصوات الناخبين»، ما يعيد توزيع الأصوات على الساحة الفلسطينية.
أما مدير مرصد العالم العربي للديموقراطية والانتخابات، عارف جفال، فيشير الى إمكان ظهور اتجاهات انتخابية جديدة لا يتوقعها كثيرون، «خاصة بعد سنوات الانقسام والتخاصم التي وقعت عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزّة». لكنه يضيف أن «هذا الاتجاه لا يزال يعيش مخاضاً وقد لا تظهر ملامحه إلا عند موعد الانتخابات».
ومنذ فوز «حماس» في الانتخابات التشريعية السابقة، ارتفعت حدة التوتر بينها وبين «فتح». وتوج هذا التصادم بسيطرة الحركة على قطاع غزة منتصف 2007، ما أدى إلى انقسام فلسطيني داخلي لا يزال قائماً حتى اليوم، ويفترض أن يرممه مشروع المصالحة الموقع في القاهرة. ويقول جفال إن «السنوات الخمس الماضية أحدثت فعلها في الشارع الانتخابي الفلسطيني، وهذا قد يصعب على مراكز استطلاعات الرأي تقدير النتائج المسبقة». لكنه يضيف أن «كثيراً من استطلاعات الرأي مثلاً تتنبأ بأن «فتح» ستحظى بأصوات أعلى من «حماس» في غزة، إذا جرت الانتخابات اليوم؛ إذ إن الناخب سيتوجه للتعبير عن تذمره من الوضع هناك عبر صناديق الاقتراع»، وإن الأمر نفسه «سيحدث تماماً في الضفة الغربية، حيث من المتوقع أن الغالبية ستصوت لحماس».
ويتفق الخبير في النظم الانتخابية، طلب عوض، مع جفال والأقطش في احتمال كبير لظهور تيار رابع «متذمر» في أي انتخابات فلسطينية مقبلة، إلا أنه يشير إلى أهمية اعتماد النظام الانتخابي النسبي حتى يتحقق ذلك.
وكانت الانتخابات الفلسطينية تجري وفق النظام المختلط النسبي 75 في المئة والدوائر 25 في المئة. لكن الرئيس محمود عباس أصدر في 2007 قراراً بقانون غيّر بموجبه النظام الانتخابي إلى النسبي الكامل 100 في المئة، وهو ما عارضته «حماس». ويضيف عوض أن «الإجراء المهم الآن هو تأليف الحكومة المؤقتة خلال الشهر المقبل كي تتلاءم الفترة القانونية بين قيام الحكومة بمهماتها وموعد الانتخابات المتفق عليه في أيار المقبل».
(أ ف ب)