عمان | يدخل الحراك الشعبي والشبابي الأردني المطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد، عام 2012 حاملاً معه تبعات العام الماضي المليئة بالاحتجاجات والاعتصامات العمالية والمطلبية والنقابية والحزبية التي عمّت مختلف المدن والمحافظات والقرى. الحركة الإسلامية، التي تمثّل بيضة القبان في الشارع الأردني، تعهدت بأن يكون العام الجديد حمال المفاجآت، في إشارة إلى الإصرار على البقاء في الشارع، وخاصة بعد الحادثة التي تعرضت لها في منطقة المفرق، قبل نحو أسبوعين، والتي أدت إلى إحراق مكتب جماعة الإخوان المسلمين ومكتب حزب العمل الإسلامي، الذراع السياسية للجماعة، إضافة إلى تعرّض عدد من الناشطين للاعتداء من قبل مناوئين للعملية الإصلاحية في المحافظة التي تمثل ثقلاً عشائرياً هو الأبرز في المملكة. ووصف المسؤول السياسي لـ«جبهة العمل الإسلامي»، الشيخ زكي بني أرشيد، ما حصل في محافظة المفرق بأنه «شرارة تشبه شرارة سيدي بوزيد التونسية»، في تلميح مبطّن إلى احتمال انفجار انتفاضة شعبية أردنية. الحادثة دفعت بالحركة الإسلامية، التنظيم المعارض الأكبر في المملكة، إلى النزول في الجمعة الأخيرة من العام الماضي، تحت عنوان «طفح الكيل» كتعبير عن ذروة غضبها. واستعرضت الحركة الإسلامية قوتها في ذاك اليوم، وهو ما دفع بالمحلل السياسي في جريدة «العرب اليوم»، نبيل غيشان، إلى وصف تحرك الحركة بأنه أشبه بـ«الميليشيا». وعلّق غيشان على تظاهرات الإسلاميين في جمعة «طفح الكيل» بالقول إن «المشهد شبه العسكري الذي قدمه شباب جماعة الإخوان المسلمين في وسط عمان بعد صلاة الجمعة لا يتوفر إلا في غزة أو في الأوزاعي في لبنان أو لدى جماعة مقتدى الصدر في حارات بغداد والنجف: شباب في العشرينيات يصطفون في ثمانية صفوف مكونة من 20 شخصاً، يضع كل واحد منهم عصبة خضراء على رأسه تقول طفح الكيل». وكانت شخصيات ونخب سياسية قد أدانت على نحو واسع النطاق ما تعرضت له الحركة الإسلامية، وهو ما فعلته الحكومة نفسها. لكن كل ذلك لم يمنع الحراك الشعبي والشبابي المطالب بالتغيير والإصلاح من اعتبار ما جرى في المفرق رسالة سلبية جداً. وقد بدأ العام الجديد حاملاً رسائل واضحة لجهة الحكومة التي رأت «جبهة العمل الإسلامية» أنها «عاجزة وغير مؤهلة لإدارة الدولة». وفي السياق، دعا الشيخ بني أرشيد، وهو من صقور الحركة الإسلامية، النظام السياسي إلى مراجعة ما جرى من أحداث دامية في المحافظة الشمالية، ومحاسبة المتسبّبين بها «قبل فوات الأوان». وعن الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد، أكد بني أرشيد أن الحركة دخلت في مرحلة «مراجعة شاملة لأدائها الشعبي ليصار إلى بلورة استراتيجيا واضحة للتعامل مع عبثية السلطة». كما حذّر المسؤول الإسلامي من أن وسائل الحراك ستتطور في 16 من الشهر الجاري، الذي يصادف مرور عام على انطلاق الاحتجاجات، «من دون أن تلوح بارقة أمل بأن السلطة لديها نية للإصلاح».
حتى إن بني أرشيد كشف أن «أصوات داخل جماعة الإخوان المسلمين باتت تطالب بتغيير طريقة المسيرات والاعتصامات التي تدعو إليها، وتبنّي خيار الاعتصامات الطويلة»، مشيراً إلى أن «من الممكن أن يلجأ الحراك الشعبي إلى تنفيذ الاعتصامات المذكورة بما أنه لم يتمكن من إقناع صاحب القرار بمطالبه العادلة». ويرى الرجل أن خيار الاعتصامات الطويلة «لن يكون الوحيد في قاموس الحراك الشعبي»، مع عدم استبعاده أن تنقل الحركة الإسلامية احتجاجاتها في الفترة المقبلة من أمام رئاسة الوزراء إلى الديوان الملكي أو دائرة الاستخبارات العامة. أكثر من ذلك، فقد لفت بني أرشيد إلى إمكانية دعوة الأردنيين مستقبلاً للتوقف عن العمل «إذا ما واصل النظام تجاهله لمطالب الشارع»، مع تشديده على أنه لا يزال من المبكر الحديث عن خيار الدعوة إلى العصيان المدني.
تحذيرات دفعت بالبعض كالمحلل السياسي فهد خيطان إلى التعبير عن مخاوفه من أنه «لا يمكن استبعاد أي سيناريو»، ومن مواجهات مقبلة «بين الدولة والحركة الإسلامية، أو بين عشائر مع الحكومة أو في ما بينها».