في خطوةٍ تعكس إقراراً هو الأول من نوعه بقدرة أعدائها على استهداف منشآتها النووية وإصابتها بدقة، قررت تل أبيب وقف النشاط في مفاعلاتها النووية في حال حصول مواجهة عسكرية تؤدي إلى سقوط صواريخ على جبهتها الداخلية، في وقتٍ قدرت مصادر أمنية أن عدد الصواريخ التي ستسقط على إسرائيل خلال مواجهة كهذه، سيصل إلى نحو 15000 صاروخ. وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية، وبالتنسيق مع قيادة الجبهة الداخلية، اتخذت قراراً بوقف الأنشطة النووية في مفاعلي «ديمونا» و«ناحل سوريك» إذا تعرضت الجبهة الداخلية لهجوم صاروخي، وذلك بهدف منع وقوع «ضرر بيئي» إذا تمكنت الصواريخ من اختراق دفاعات هاتين المنشأتين. ويستند هذا القرار إلى فرضية عمل لدى كلٍّ من اللجنة وقيادة الجبهة الداخلية تفيد بأن «كل دفاع قابل للاختراق، وذلك برغم نجاعة شبكة الدفاعات المتعددة الطبقات المنصوبة في المنشأتين، والتي تتضمن صواريخ اعتراضية على ارتفاعات مختلفة، إضافة إلى الأبنية المحصنة في المنشآت، القادرة نظرياً على تقليص الأضرار التي يمكن أن تلحق بالمفاعلات. وبناءً على ذلك، تقرر أن يتوقف العمل في المفاعلات عند توفر إنذار باحتمال اندلاع حرب قريبة، وكذلك في حالات التصعيد التي تتضمن إطلاق صواريخ. وانسجاماً مع سياسة الغموض النووي التي تعتمدها إسرائيل رسمياً، تم تبرير القرار الجديد بادعاء أن النشاط في المفاعلات هو لأغراض بحثية، ولا توجد ضرورة لاستمراريته طوال الوقت ودون انقطاع. وأوضحت التقارير الإسرائيلية أن كلاً من الجيش ولجنة الطاقة النووية يستعدّان لاحتمال شن هجوم على المفاعلات خلال مواجهة عسكرية مع إيران أو سوريا أو حزب الله أو حركة حماس ومنظمات فلسطينية في غزة. ويرجح الجيش أن يأخذ الهجوم شكلاً صاروخياً أو حتى عبر طائرات من دون طيار. وتقع منشأة «ديمونا» داخل «قوس الأمداء» لصواريخ أرض ــ أرض الموجودة بحوزة كل من إيران وسوريا وحزب الله، فيما يمكن الصواريخ التي تطلق من غزة باتجاه منطقة أشدود، بما في ذلك قواعد سلاح الجو في حتسور وبلماخيم وتل نوف، أن تسقط على مفاعل «ناحل سوريك».
يُذكر أن مفاعل ديمونا تعرض لهجوم عراقي بصواريخ «سكود» في كانون الثاني وشباط 1991، إلا أن الصواريخ التي كانت لا تحمل رؤوساً تفجيرية لم تصب أهدافها. وكانت إسرائيل قد حصنت «ديمونا» في ستينيات القرن الماضي عبر نشر شبكة صواريخ «هوك» (صواريخ أرض ــ جو) في المكان.
إلى ذلك، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن ضابط رفيع المستوى في الجيش، قوله إنّ تقديرات المؤسسة الأمنية ترى أنه في حالة حصول مواجهة شاملة، فإنّ عدد الصواريخ التي ستسقط على الجبهة الداخلية يقدَّر بنحو 15000 صاروخ. وأوضح الضابط أنه من أجل مواجهة نصف هذا العدد من الصواريخ، ينبغي تزويد الجيش بتسع إلى ثلاث عشرة بطارية اعتراضية من طراز «القبة الحديدية»، في حين أن الموازنات الحالية تكفي لتمويل شراء ست بطاريات فقط. وأشار الضابط إلى أن كلاً من إيرا ن وسوريا وحزب الله يُنتج بنىً تحتية لنيران دقيقة، مشدداً على ضرورة زيادة موازنة الدفاع من أجل معالجة هذا التهديد. وتوقف الضابط عند سعي «الأعداء» إلى المس بالتفوق الجوي الإسرائيلي وتقليص قدرة المناورة البرية، مشيراً إلى تزود «منظمات إرهابية مختلفة» بصواريخ مضادة للدروع. وفي السياق، قال رئيس شعبة التخطيط في الجيش، الجنرال غاي تسور، إنّ الجيش بحاجة إلى 7 مليارات شيكل لتطوير قدراته الدفاعية ضد الصواريخ المضادة للدروع وتطوير قدرات الحرب الإلكترونية.