ريف دمشق | بعد ستة أشهر من الحصار المفروض على مخيم اليرموك في دمشق، ارتفع في الأيام الماضية عدد المواطنين الذين لقوا مصرعهم، بسبب نقص في المواد الغذائية والادوية والإسعافات الأولية في مستشفيات المخيم. وبلغت الحصيلة الأخيرة لضحايا الجوع 10 لاجئين. وعلى إثر التداول الإعلامي المكثّف لحصار مخيم اليرموك، أكبر المخيمات الفلسطينية في العاصمة، أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تعليماته للسفير الفلسطيني في سوريا، أنور عبد الهادي، لإدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية بشكلٍ فوري إلى مخيم اليرموك. تتعدّد المعوقات التي تحول دون إنجاز مهمة إدخال هذه المساعدات إلى المخيم. فبحسب سكان المخيم، هناك ثلاثة أسباب فرضت عدم دخول المساعدات إلى اليرموك. أوّلها، استمرار التضييق الذي يفرضه حاجز «البشير» على إدخال الحاجيات إلى المخيم، وثانيها، هو استهداف مسلحي المعارضة قافلات المعونات الغذائية أكثر من مرة وبشكلٍ مقصود. «وفي أحسن الأحوال يمنعك ارتفاع حدة الاشتباكات بين الفصائل العسكرية في الداخل من الخروج من منزلك، وبالتالي إدخال الطعام»، بحسب مصدر أهلي. وفي هذا السياق، أعلن أمين أبو راشد، منسق حملة «الوفاء» الأوروبية، منذ ثلاثة أيام، فشل الحملة في إدخال المساعدات الإنسانية إلى المخيم، وذلك بسبب «الاشتباكات على جميع المحاور». وفي اتصالٍ هاتفي أجرته «الأخبار» مع س. ع.، أحد أطباء مستشفى فلسطين في المخيم، أكد أن «أكثر الأمراض انتشاراً في المخيم هي سوء التغذية والجفاف واليرقان، وهناك العديد من المعوقات التي تحول دون تلقّي المرضى للعلاج اللازم، أولها عدم توافر الأمصال السكرية والملحية التي تستخدم في معالجة حالات الجفاف واليرقان التي يتكاثر توافدها إلى المستشفى». يذكر أن أهالي المخيم كانوا قد خرجوا عصر يوم الجمعة الفائت في تظاهرة تحت شعار «الجوع القاتل»، انطلقت من أمام جامع فلسطين، مطالبةً بإدخال الطعام، وفك الحصار عن المخيم.
وعن مستجدات المفاوضات الرامية إلى تحقيق تسوية في المخيم، تتناقل مصادر مطلعة على تفاصيل العمل الجاري لإنجازها معلومات عن الاتجاه لتغيير بنود الاتفاقية القديمة، بعد أن أبدت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــ القيادة العامة» «حسن النية»، بتراجعها عن اشتراطاتها المسبقة حول وجوب سيطرتها على بعض الحواجز في داخل المخيم. وتنص تسريبات الاتفاقية الجديدة على السماح لمسلحي «الجيش الحر» الفلسطينيين بالبقاء على أطراف المخيم، مع تعهدهم بمنع دخول أي من الكتائب والتشكيلات العسكرية الأخرى إليه. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يصدر عن المكتب الإعلامي لـ«الجبهة»، حتى اليوم، ما يؤكد أو ينفي هذه التسريبات.
ميدانياً، سجّلت الأوضاع في مخيم اليرموك هدوءاً حذراً أمس مقارنة مع ارتفاع وتيرة المعارك خلال الأيام الماضية، عندما كثرت الاشتباكات عند الحاجز الشمالي للمخيم، بالتوازي مع قيام الطائرات السورية بقصف أماكن المسلحين فيه. كذلك قتل عناصر «القيادة العامة» و«فتح الانتفاضة»، التي ازدادت مشاركتها العسكرية في الأسابيع الماضية، أكثر من سبعة مسلحين تابعين لكتيبة «أهل السنة» بالقرب من المركز الروسي الطبي في الشارع الرئيسي لليرموك، وجرح عدد من مقاتلي «القيادة العامة» خلال محاولتهم التقدم باتجاه محور «علي بابا»، حيث فجّر مسلحو «أكناف بيت المقدس» (التابعون لحركة حماس) مبنيين بعد انسحابهم منهما.