رغم أنه عادة ما تُظهَّر المواقف والخطوات التي يقدم عليها اليمين المتطرف في إسرائيل، سواء داخل الليكود أو الأحزاب اليمينية الأخرى، على أنها جزء من محاولة إرباك المسار السياسي الذي يتبناه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلا أنها في كل الأحوال جزء من الأوراق التي يستفيد منها الأخير في مواجهة المطالب والضغوط الخارجية التي تطالبه بتقديم «تنازلات» على المسار الفلسطيني.
يأتي ذلك انطلاقاً من أن موازين القوى داخل الائتلاف الحكومي لا تسمح له بالذهاب بعيداً في هذا المجال، فضلاً عن أن خطوات كهذه تساعده في تقديم نفسه زعيماً يتبنى فعلاً استراتيجية التسوية مع السلطة الفلسطينية، من خلال ما يقوم من خطوات مضادة تهدف إلى كبح اليمين المتطرف.
ضمن الإطار نفسه، يندرج اعتراض نتنياهو على تصديق اللجنة الوزارية للتشريع على قانون ضم غور الأردن، وفي الوقت نفسه على تصويت وزراء الليكود لمصلحته. وبحسب صحيفة «هآرتس»، أوضح نتنياهو خلال جلسة لوزراء الليكود أن هذا القانون قد يُحدث ضرراً بإسرائيل. ولفتت «هآرتس»، نقلاً عن أحد الوزراء الذين حضروا الجلسة، أن نتنياهو لم يطلب منهم عدم التصويت، لكن تبين من كلامه أنه يتحفظ منه وليس راضياً عن التصويت عليه.
وأضاف نتنياهو، بحسب الوزير نفسه، أن المفاوضات التي تجرى الآن ليست قريبة من لحظة الحسم، ولهذا لا مكان لهذه الإجراءات، لأن المسألة تتصل بقرارات ينبغي أن تصدر عن الحكومة، ولا إمكانية لدفعها قدماً عبر تشريع خاص. وأكد نتنياهو في بداية اجتماع لكتلة «الليكود – إسرائيل بيتنا» في الكنيست، أمس أن «التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين سيكون بعد ضمان مصالح إسرائيل، وفق معادلة الأمن لإسرائيل ونزع السلاح من الفلسطينيين، وإذا تحقق ذلك يُطرح الاتفاق في استفتاء شعبي». وأشار إلى أن «اتفاقاً كهذا سيجري التوصل إليه فقط إذا اعتُرف بإسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي، وفقط إذا تنازل الفلسطينيون عن حلم العودة وباقي مطالبهم في مناطق الدولة اليهودية»، لافتاً إلى أن «الأهم من ذلك هو أن هذا سيكون ممكناً فقط إذا تمكنت إسرائيل من الدفاع عن نفسها بقواها الذاتية مقابل أي تهديد، وفي جميع الأحوال فإنه إذا جرى التوصل إلى اتفاق، فسنطرحه في استفتاء شعبي».
وأضاف نتنياهو: «لدولة إسرائيل مصلحة استراتيجية في إجراء مفاوضات سياسية، وتمثل فيها أمام أعيننا مصالحنا الحيوية ومن ضمنها ضمان الاستيطان في أرض إسرائيل وأمننا».
من جهة أخرى، رأى وزير المالية، رئيس حزب «يوجد مستقبل»، يائير لابيد، أن الوقت قد حان لانفصال إسرائيل عن الفلسطينيين، مشيراً خلال كلمة أمام مؤتمر مجلة «كلكاليست» الاقتصادية، أن إسرائيل غير معنية بالزواج مع الفلسطينيين، بل تريد الانفصال عنهم، لكونها عاجزة عن استيعاب أكثر من 4 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في سياق متصل، رأت وزيرة القضاء تسيبي ليفني، أن إسرائيل في السياسة التي تتبعها كمن يضع رأسه في الرمل وتعكس أنها منفصلة عن الواقع الدولي بأسره، محذرةً من النتائج التي ستلحق بإسرائيل. وفي ما يتعلق بتداعيات المسار الفلسطيني، قالت ليفني: «أستطيع القول لكم إن الصراع مع الفلسطينيين هو بمثابة السقف الزجاجي للاقتصاد الإسرائيلي، وعليكم أن تشاهدوا هذا الأمر جيداً، فمن دون حل هذا الصراع ستكون النتائج على الاقتصاد الإسرائيلي سلبية جداً، فالمقاطعة اليوم نحو بضائع المستوطنات، وفي الأيام المقبلة قد تكون ضد إسرائيل بأكملها».
وهاجمت ليفني مشاريع الاستيطان الجديدة متسائلة: «كيف يمكن توضيح موقفنا أمام العالم في الوقت الذي نقول فيه إننا مع حل الصراع على أساس دولتين لشعبين، وبنفس الوقت نطرح عطاءات للبناء في مستوطنات الضفة الغربية؟ كيف يمكن التعامل مع بعض الوزراء الذين يرون أن البناء في المستوطنات مثل البناء في اللد أو هرتسيليا؟ من الصعب توضيح هذا الموقف وهذا التناقض للعالم».
ورأت ليفني أن «المستوطنات ليست جزءاً من أمن إسرائيل، بل تلحق بها الضرر».
من جهة أخرى، ذكر موقع «يديعوت أحرونوت»، أن الجيش الإسرائيلي يرى في الترتيبات الأمنية التي طرحتها خطة الجنرال الأميركي جون ألان، أنها لا توفر الرد الملائم للتهديدات القائمة والمستقبلية المحدقة بإسرائيل، وأنه بالرغم من عدم رفض إسرائيل للخطة بشكل تام، إلا أن الجيش يرى أن عدم استمرار الوجود العسكري في منطقة غور الأردن، سيحول الضفة الغربية إلى غزة، وأيضاً قد نبقى «عمياناً» إزاء الصواريخ الإيرانية.
وفي ما يتعلق بالعلاقة بين الترتيبات الأمنية والحدود، نقل الموقع أيضاً أن الجيش يرى أنه كلما كانت الترتيبات الأمنية معززة، نستطيع الذهاب في اتجاه مناقشة قضية الحدود مع الفلسطينيين، وما دام لا يوجد توافق على الترتيبات الأمنية، بما فيها الوجود المؤقت للجيش على نهر الأردن.