نابلس | مرّ ما يقارب الثمانية أشهر على التهام نيران المستوطنين الإسرائيليين جسد الطفل الرضيع علي دوابشة (18 شهراً) وأبويه، وقد استشهدوا جميعاً متأثرين بإصابات، بعد إحراق مستوطنين في منظمة «تدفيع الثمن»، منزلهم في قرية دوما جنوبي نابلس في الضفة المحتلة. بقي من العائلة شقيق علي الأكبر، أحمد (5 سنوات)، حيّاً وشاهداً يعاني آثار الحروق الموزعة على جسده.
حينذاك، شكّل أبناء القرية، الواقعة في مناطق (ج) الخاضعة لحكم الاحتلال، لجاناً شعبية لحماية المنازل. لكن حقد المستوطنين على سكان «دوما» مستمر، وإصرارهم على حرق بيوت أهلها صار سياسة متبعة لأنصار «تدفيع الثمن»، الذين هاجموا منزل الشاهد الوحيد على إحراق دوابشة. إبراهيم دوابشة، الشاهد على جريمة إحراق منزل سعد وريهام، كتبت له النجاة مع زوجته بعدما أحرق المستوطنون منزلهم بالطريقة نفسها قبل يومين.
تقول مصادر من العائلة إن «إبراهيم أبلغ السلطة الفلسطينية أكثر من مرة عن سماعه تحركات حول منزله ليلاً وإنه قلق موجود منذ تقدمه للإدلاء بشهادته في قضية جريمة إحراق منزل دوابشة»، فقد كان الشاهد الوحيد على فرار المستوطنين من المكان بعد تنفيذ الجريمة. وبرغم مخاوف العائلة للتعرض لأي مكروه، لم توفر السلطة لإبراهيم أو لسكان قرية دوما أي حماية فعلية، أو حتى شكلية.
يقول رئيس المجلس القروي لقرية دوما، عبد السلام دوابشة، لـ«الأخبار»، إن «وعوداً قدمتها جهات مختلفة في السلطة لحماية القرية بعد الجريمة الأولى، ولم ينفذ منها شيء». ويضيف دوابشة: «طلبنا تأمين معدات بسيطة مثل: إضاءة وعصيّ ووسائل اتصال وأكشاك تسهر فيها لجان الحراسة الشعبية، هذا كله أمّنّاه بإمكانات المجلس القروي والأهالي، لكنه لم يكن كافياً لمنع وقوع جريمة إحراق المنزل الثانية».
في السياق، يقول مسؤول «ملف الاستيطان» في شمال الضفة، غسان دغلس، إن «جريمة المستوطنين الثانية في دوما تشكل تطوراً مخيفاً على الجريمة الأولى، فقد بحث المعتدون على الشاهد إبراهيم دوابشة خاصة، وحاولوا تصفيته»، مؤكداً أن «لجان الحراسة الشعبية في القرى والبلدات شكّلت درعاً حامية للأهالي في مواقف كثيرة».
وانتقد دغلس غياب توجه رسمي لحماية القرى والبلدات من اعتداءات المستوطنين التي «أسهمت الانتفاضة الجارية في التقليل منها».
وكان العدو قد استدعى إلى أحد معسكراته الشاهد إبراهيم دوابشة وزوجته ووالده محمد، للتحقيق معهم، كما أبلغ الوالد «الأخبار». وقال دوابشة إنه خلال استجوابه تصرف المحققون معه كأنه المسؤول عن إحراق منزله!