ساد الهدوء عاصمة جنوب السودان جوبا، أمس، فيما مارس السكان أمور حياتهم اليومية بصورة طبيعية، بعد نحو أسبوع من الاشتباكات بين الموالين للرئيس سلفاكير ميارديت، وخصمه السياسي نائبه السابق ريك مشار، أدت الى مقتل المئات. وفيما امتد القتال من العاصمة جوبا الى حقول النفط، أعلنت الحكومة أن قائداً كبيراً في الجيش انشق وانضم الى صف مشار في ولاية الوحدة المنتجة للنفط.
وقال وزير الخارجية، بارنابا ماريال بنجامين، إن من واجب بلاده تأكيد سيادتها، ولهذا أُرسلت قوات الى بور أول من أمس.
وأضاف أن مشار تمكن من الهرب باستخدام زورق الى قريته آدوك، قائلاً: «كان على الحكومة أن تؤكد سيادتها وترسل قوات لمحاولة دحر هؤلاء المتمردين في مدينة بور الرئيسية، وهو ما حدث أمس (السبت). في الحقيقة، يجري تطهير المدينة التي يحتلونها منهم. الحكومة الآن أرسلت قوات لإخراجهم وتأكيد السيادة على البلاد. بالطبع، تمكن ريك من الهرب. استخدم زورقه في النيل ووصل الى قريته آدوك وذهب الى بنتيو حيث هاجم مؤسسات حكومية في الليلة السابقة».
ورغم استمرار المعارك، أعلن قائد جيش جنوب السودان، جيمس هوث ماي، أن بلاده ليست بعد على شفير حرب اهلية. وقال لوكالة «فرانس برس» إن «الحرب الأهلية ليست قريبة وسنتجنبها بأي ثمن».
كذلك نفى القائد العسكري شائعات مفادها أن شباناً مسلحين انضموا الى المتمردين، وقد يزحفون على العاصمة خلال الايام القليلة المقبلة.
وأقرّ بأن الحكومة تواجه «مشاكل» في ولايتي جونقلي في الشرق، والوحدة، النفطية الاساسية. لكنه أعرب عن ثقته بقدرة الجيش على «استعادة التحكم في الوضع في بعضة أيام».
وفي سياق الوساطات الاقليمية والدولية، أعربت الجامعة العربية عن استعدادها الكامل للمساهمة في أي جهد أفريقي ودولي، يهدف إلى استقرار جنوب السودان.
وفي بيان صحافي أصدرته أمانة الجامعة العربية أمس، قالت إن هذه المساعي تأتي انطلاقاً من العلاقات والروابط التاريخية بين جنوب السودان والوطن العربي، وقناعةً منها بأن استقرار الأوضاع في الجنوب ينعكس إيجاباً على جواره العربي والأفريقي.
وذكر البيان أن الأمانة العامة للجامعة تتابع تطورات الأوضاع في جنوب السودان، وتدعم الجهود التي تبذلها اللجنة الوزارية للهيئة الحكومية للتنمية (الإيغاد)؛ من أجل احتواء الموقف.
ويقوم في الوقت نفسه مبعوثان، أحدهما الأميركي دونالد بوث والثاني نيجيري في جوبا بمساعٍ دبلوماسية من المجتمع الدولي من أجل تفادي امتداد الحرب الأهلية. وأنهت مجموعة وزراء خارجية من دول شرق افريقيا مهمة وساطة دامت ثلاثة أيام السبت بلقاء مع رئيس جنوب السودان الذي وعد بعد ذلك «بفتح حوار بلا شروط» مع خصمه.
ودعا الاتحاد الأفريقي أطراف النزاع إلى «هدنة إنسانية» فورية في مناسبة عيد الميلاد، مؤكداً أن «الحوار» هو السبيل الوحيد لحل خلافات مواطني هذا البلد الأفريقي.
بدوره، حث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، على الحوار ومحاولة وقف العنف، قائلاً: «يساورني قلق عميق إزاء تدهور الوضع الأمني في جنوب السودان. أطالب جميع القادة السياسيين والعسكريين وزعماء الميليشيات بوقف الأعمال القتالية وإنهاء العنف ضد المدنيين».
وقال: «نحاول الآن نقل جنود من بعثات أخرى لحفظ السلام من المغرب وبعض المناطق الأخرى. نسعى أيضاً الى الحصول على دعم من دول رئيسية أخرى تستطيع توفير ما يلزم. تنقصنا القدرة. حين دهم ألفا عنصر مسلح مجمع الأمم المتحدة واجهنا صعوبة. لهذا في إطار هذه الحماية للمدنيين للأسف قتل اثنان من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة». وفي السياق نفسه، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، أنها بدأت اجلاء «موظفيها غير الاساسيين» من العاصمة جوبا وسترسل تعزيزات عسكرية الى بور وبنتيو.
(أ ف ب، رويترز، الأناضول)