أعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، أول من أمس، عزمه على تأسيس «وثيقة تاريخية» تنص على إجراء إصلاحات سياسية شاملة، ومحاربة الفساد، وإيجاد حل للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وذلك عشية اجازة المكتب القيادي للحزب تعديلاً وزارياً هو «الأكبر» منذ وصول الرئيس السوداني عمر البشير الى السلطة في عام 1989، فيما تحدثت وكالة السودان للأنباء عن تعيين محافظ جديد للبنك المركزي. وقالت القيادية في الحزب الحاكم في السودان، سامية أحمد محمد، عقب اجتماع المكتب القيادي (أعلى هيئة تنفيذيه للحزب)، إن الوثيقة التي ستُطبّق مطلع العام المقبل، ترمي إلى تطوير البيئة السياسية. وأوضحت أن رؤية حزبها للوثيقة «ليست باعتباره حزباً يريد أن يحكم، بل يتطلع إلى تهيئة البيئة السياسية، وكفالة الاستقرار والحريات والحقوق وبناء الاقتصاد». وأشارت محمد إلى أن اجتماع المكتب القيادي ناقش 11 تحدياً يواجه الحزب الحاكم خلال اربع ساعات، وأبرزها «تدهور الاقتصاد، والعلاقات الخارجية، ومحاربة الفساد، وتطوير الخدمة المدنية والدستور، وترسيخ السلام وإنهاء الحرب».
من جانبه، قال القيادي في الحزب، أمين حسن عمر، إن الهدف من تأسيس «الوثيقة التاريخية»، التوافق مع التعديلات الحكومية والحزبية التي أقرها الحزب الحاكم أخيراً، والاستعداد للانتخابات المُزمع عقدها في 2015، والنص على إجراء إصلاحات شاملة، ومحاربة الفساد.

وأضاف، عقب الاجتماع، إن اللجان التي ألّفها حزبه لإجراء الإصلاحات، تقدمت بتقاريرها خلال الاجتماع، ومن المرجح إدماج التقارير في وثيقة واحدة، لتطوير الحزب وتأسيس «الوثيقة التاريخية».
وبالنسبة إلى التعديل الوزاري الذي أجازه حزب المؤتمر امس، فهو «الأكبر» منذ وصول الرئيس السوداني عمر البشير، الى السلطة عام 1989، بحسب مراقبين.
وبموجب التعديل، سيطرت شخصيات شابة على الحكومة الجديدة بدلاً من الوجوه القديمة التي ظلت تتنقل بين الوزارات في الحكومات السابقة. وضمت الحكومة الجديدة 26 حقيبة وزارية، فيما لم يجرِ تغيير 8 حقائب خاصة بأحزاب مشاركة في حكومة البشير، حيث اختار الحزب الحاكم 11 وزيراً جديداً للحقائب التي يمتلكها وعددها 18 حقيبة، فيما أبقى 7 وزراء.
ومن أبرز الوزارات التي شهدت تغييراً: الداخلية، والمالية، والنفط، والزراعة، والتعليم العالي، والكهرباء والسدود، والثقافة، ووزارة رئاسة الجمهورية.
يأتي ذلك فيما احتفظ وزير الخارجية علي كرتي، بمنصبه، وكذلك وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين.
في غضون ذلك، قال النائب الأول السابق للرئيس السوداني، علي عثمان طه، إن التعديل الوزاري سيصحبه تغيير في سياسات الحكومة.
وفي أول تصريح لمسؤول رفيع عن تغيير في سياسات النظام بعد التعديل الوزاري الذي طاولته شخصياً، قال الرجل الثاني السابق في النظام خلال مقابلة مع التلفزيون الرسمي، إن «الذين يطالبون بتغيير في السياسات مصاحب لتغيير الأشخاص محقّون في ذلك، وستكون هناك مراجعة شاملة للسياسات».
وتابع: «ما ظهر الآن هو رأس الجليد فقط، وسيكون هناك مزيد من التغييرات في أجهزة الحزب الحاكم والحكومة وتغيير في السياسات تهتم بالحكم الرشيد والسلام ووقف الحرب وجمع الصف الوطني ومشاكل الاقتصاد». ونبّه إلى أن الحزب الحاكم يشهد الآن حواراً صريحاً حول هذه القضايا عبر لجنة خاصة.
وعما يتردد عن خلاف بينه وبين الرئيس البشير كان سبباً في إبعاده من منصبه، قال: «هذا غير صحيح البتة، وطيلة الفترة التي عملنا فيها سوياً كان بيننا قدر كبير من الاحترام، وكنت أتعامل معه كزميل وأخ يتقدمني في المسؤولية أكثر من كونه رئيساً وأنا نائبه».
في الوقت نفسه، نفى حزب المؤتمر الشعبي المعارض، ما أوردته صحيفة «آخر لحظة» المحلية عن اجتماع عُقد أخيراً بين زعيمه حسن الترابي والرئيس البشير لتقريب المسافة بين الرجلين، وتمخض عنه التعديل الوزاري الذي أعلنه البشير منذ أيام وأطاح فيه كبار معاونيه.
وفي مؤتمر صحافي، عقده في الخرطوم، أمس، قال المسؤول السياسي للحزب الشعبي، كمال عمر، «لا صحة لأي حديث عن لقاء أو تقارب بين البشير والترابي، ونحن أكثر أحزاب المعارضة تمسكا بإسقاط النظام الذي بات يهدد وجود البلاد وأساء إلى المثال الإسلامي»، حسب تعبيره. وأضاف: «التعديل الوزاري الأخير لا يمثل حلاً لأن المطلوب تغيير المنهج والسياسات».
من جهة ثانية، قال عمر إن حزبه يجري اتصالات الآن لـ «تسوية الخلاف بين رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ونائبه السابق رياك مشار، بما له من علاقات قوية مع الطرفين».
في هذه الأثناء، قالت الوكالة الرسمية السودانية، إن «المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية أصدر قراراً جمهورياً اليوم (أمس) عين بموجبه السيد عبد الرحمن حسن عبد الرحمن هاشم، محافظاً لبنك السودان المركزي. وكان السيد عبد الرحمن حسن... مديراً عاماً لبنك أم درمان الوطني منذ عام 2006».
(الأناضول، أ ف ب، رويترز)