تونس | بعد مخاض طويل وانتظار أطول، أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، التوافق على رئيس الحكومة الجديد، وهو وزير الصناعة الحالي المهدي جمعة، خطوة لاقت انتقاد أحزاب المعارضة التي ابدت عدم راضاها على جمعة. وعد العباسي اختيار جمعة لمنصب رئيس الحكومة، انتصاراً للشعب التونسي يستحق التهنئة، فقد رفضته أهم الأحزاب التي تؤلف جبهة الإنقاذ، والتي لها حضور في الشارع التونسي، بعد أن نجحت حركة النهضة في إبعاد كل الأسماء التي اقترحتها المعارضة والأحزاب التي رفضت التصويت.
وصوتت 9 أحزاب من اصل 19 حزباً شاركت في «الجلسة العامة للحوار الوطني» على ترشيح مهدي جمعة لرئاسة حكومة مستقلة ستحل محل الحكومة الحالية التي يرأسها علي العريض. والملاحظ أن كل هذه الأحزاب، باستثناء حركة النهضة، لا تملك أي حضور في الشارع، بل إن حزبين منها «اشتريا» نواباً من المجلس التأسيسي حتى يتمكنا من المشاركة في الحوار الوطني.
وفي أول تعليق على اختيار جمعة، قال المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي «إن أحزاب جبهة الإنقاذ لم تحدد موقفها من الحكومة المقبلة، غير أن الحكومة المقبلة ستكون مسؤولة أمام الشعب التونسي»، مشيراً إلى أنه لا يعقل اختيار وزير في حكومة فاشلة لرئاسة حكومة جديدة.
وأعلن، رئيس حزب «نداء تونس» الباجي قايد السبسي أن ترشيح جمعة لرئاسة الحكومة القادمة لم يؤد إلى «التوافق» المنشود بين الأحزاب السياسية بل «قسم المشهد السياسي إلى شطرين» معتبراً أن الأحزاب التي اختارت جمعة «عينت شخصية ليست في الميزان». وشدد السبسي في تصريحات بثتها إذاعات محلية أن «الحوار الوطني انحرف عن اتجاهه الصحيح ودخل في متاهات أخرى».
بدوره اعتبر القيادي في الجبهة الشعبية منجي الرحوي، أن الحكومة التي سيشكلها جمعة «ستكون النسخة الثالثة من حكومة الترويكا» التي تضم حركة النهضة وحليفيها العلمانيين «المؤتمر» و«التكتل».
ومن جهته أكد القيادي في الحزب الجمهوري، عصام الشابي أن الأحزاب التي شاركت في التصويت على ترشيح مهدي جمعة «ستتحمل مسؤولية اختياراتها» لافتاً إلى أن «هذه الحكومة مهما كانت، لن تكون حكومة توافق وطني». وجمعة، وزير الصناعة الحالي من مواليد 21 نيسان 1962 في المهدية (الساحل)، حائز شهادة مهندس أول من المدرسة الوطنية للمهندسين في تونس في سنة 1988، ثم شهادة الدراسات المعمقة في الميكانيك والنمذجة من المدرسة نفسها 1989.
وشغل رئيس الحكومة الجديد منذ سنة 2009 منصب المدير العام لقسم «هوتشينسون» في صناعات الفضاء، وعضو لجنة الإدارة إلى حين تعيينه وزيراً للصناعة في حكومة علي العريض، في شهر شباط الماضي. وواجه شبهة فساد مالي في ملفات تتعلق بقطاع الطاقة. ورغم أن «النهضة» تقدّمه مستقلاً، إلّا أن كل المؤشرات تؤكد قربه من «النهضة»، وهو ما جعل ناشطين وأحزاباً سياسية ترى أن «النهضة» خلفت نفسها في رئاسة الحكومة بموافقة رباعي الحوار الوطني.
في هذه الأثناء، لوّحت أحزاب جبهة الإنقاذ، التي لم تشارك في التصويت عليه، بالانسحاب من الحوار الوطني الذي يُفتَرض أن يستأنف يوم الأربعاء الماضي، وهو ما قد يُعمّق جراح البلاد وأزماتها المُتتالية.
أما جمعة، فسيكون في مواجهة الأزمة الاقتصادية والأمنية وفي مواجهة غضب العاطلين من العمل والإدارة التي تئنّ بآلاف التعيينات العشوائية، وسيكون مُطالباً بجلب استثمارات عاجلة وسريعة وضخّ السيولة في خزينة الدولة المتداعية. لكن هل ينجح في ذلك بعد أن عبّرت أبرز مكونات المعارضة عن رفضه؟
وقد تشهد تونس اضطرابات اجتماعية وشعبية يتوقع أن تقودها الأحزاب اليسارية التي رفضت ضمنياً رئيس الحكومة الجديد. وهذه المرة لن تكون هناك مبادرة للمنظمات التي اشترطت التزام مهدي جمعة خريطة الطريق حتى تواصل دعمه. ومن أبرز بنود خريطة الطريق مراجعة التعيينات، لكن إلى أي حد ستسمح له النهضة بذلك؟
رئيس الحكومة الجديد كان متفائلاً؛ ففي أول تصريح وعد الشعب بأن يكون رئيساً لكل التونسيين، وأن يكون على نفس المسافة من كل الأحزاب.



صدّق المجلس الوطني التأسيسي بغالبية 125 عضواً في جلسة عامة على قانون «العدالة الانتقالية» الذي يهدف بالأساس إلى جبر الأضرار التي لحقت بضحايا نظامي الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وسلفه الحبيب بورقيبة.
ويشتمل القانون على 70 فصلاً بعدما رفض المجلس اقتراحاً بإضافة باب «تحصين الثورة».