بعد أسبوع من إطلاق التحالف السعودي حملة مسلحة ضد عناصر «القاعدة» في مديرية المنصورة في عدن، حيث انسحب أولئك العناصر إثر اتفاق بين الجانبين، يبدو أن التباين بين الامارات والسعودية يحتدم على خلفية هذه القضية. فقد لجأت السعودية لحزب «الإصلاح» للوقوف في وجه تلك العمليات «التحالف» التي انطلقت بإرادة إماراتية للحد من انتشار «القاعدة» وتوسعه في المنصورة.
وقد فوجئ المصلون في مساجد عدن، أمس، بدعوات أطلقها خطباء الجمعة للخروج في تظاهرة مناوئة للعمليات الأمنية ضد مسلحي «القاعدة»، وعلى أثر ذلك وجهت اتهامات لحزب «الإصلاح» بالوقوف وراء تلك الدعوات من جانب قادة محسوبين على الحراك الجنوبي، الذين أشاروا إلى أن الدعوات أطلقها خطباء محسوبون على الحزب الإخواني الذي يسيطر على مساجد عدن الى جانب السلفيين.
وأثارت تلك الدعوات جدلاً كبيراً برغم أنها لم تشهد استجابة، حيث يصر قيادي في الحراك الجنوبي على أن «الإصلاح» يقف وراء دعوات التظاهر تلك، مشيراً إلى أن الحزب لم يكن يأمل خروج الناس للتظاهر إلا أنه أراد أن يوصل رسالة سعودية للبدء بعرقلة الحملة الأمنية ضد «القاعدة» و«داعش».
«التحالف» قتل من المدنيين «أكثر بمرتين» من القوات الأخرى

وأكد القيادي أن الأوراق مكشوفة في الجنوب عامة وعدن بصورة خاصة، حيث أصبح معروفاً أن «القاعدة» و»داعش» و«الإصلاح» يعملون بأجندة سعودية تسعى للقضاء على «المقاومة الجنوبية».
من جهته، حاول «الإصلاح» التنصل من الدعوة التي أطلقها خطباء المساجد للتظاهر ودفع برئيس دائرته الإعلامية في عدن خالد حيدان، إلى نفي علاقة الحزب بالدعوة للتظاهر، معتبراً أنها دعوات مجهولة وهو ما علق عليه القيادي بالحراك الجنوبي بالقول «يسعى الإصلاح للتنصل من ذلك لكنه لم ينف تلك الدعوات ويريد أن يقول إن هناك رفضا للعمليات الأمنية حتى لو لم يكن له علاقة بها». وذكّر القيادي الجنوبي بالحملة الإعلامية الشرسة التي تبناها إعلام «الإصلاح» ضد الجيش اليمني في عام 2014 على خلفية الحرب التي شنها على تنظيم «القاعدة» في أبين ما أدى إلى إيقافها. ولم تسلم العملية التي شنها طيران «التحالف» ضد «القاعدة» و«داعش» في المنصورة في عدن من اتهامات وجهت للأطراف السعوديين باستغلال الحملة لاستهداف مواقع ومقار الحراك الجنوبي.
ومع انطلاق تلك الحملة صدر بيان عن أحد فصائل الحراك الجنوبي في 12 من آذار الجاري اتهم فيه طيران التحالف السعودي باستهداف مقارهم والأطقم العسكرية التابعة لهم.
واتهم البيان التحالف بالسعي لإبادة الحراك الجنوبي، مستغلا الحملة القائمة على «القاعدة» بعد موجة الاغتيالات التي طاولت العشرات من كوادر الحراك الجنوبي، مشيراً إلى أن كل ذلك يأتي في سياق واحد بحسب البيان نفسه.
وشهدت المنصورة هدوءًا مفاجئاً في اليومين الماضيين، وهو ما عُدّ نجاحاً سعودياً في إيقاف الحملة ضد «القاعدة» و«داعش»، التي لم تنهِ وجودهما، حيث حصلت إعادة تموضع وتغيير لمواقع السيطرة فقط.
في سياق منفصل، ومع ازدياد الضغوط الدولية على السعودية في الآونة الأخيرة، أعلنت المفوضية الدولية لحقوق الإنسان، يوم أمس، أن التحالف السعودي قتل في اليمن من المدنيين «أكثر بمرتين» مما تسببت به القوات الأخرى المشاركة في الحرب.
وجاء في بيان صدر عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين في جنيف، أن الحرب الدائرة في اليمن منذ آذار الماضي، «حصدت أرواح 3218 مدنياً وأصابت 5778 شخصاً بجروح.
وقال الحسين: «يبدو أن التحالف مسؤول عن مقتل عدد من المدنيين أكبر بمرتين مما تسببت به كل القوات الأخرى مجتمعة»، مضيفاً أن «التحالف» قصف أسواقاً ومستشفيات وعيادات ومدارس ومصانع وقاعات استقبال لحفلات الزفاف ومئات المساكن الخاصة في قرى ومدن بما فيها العاصمة صنعاء.
وندد الحسين في البيان بالمجزرة التي تسببت بها غارة جوية لـ«التحالف» على سوق الخميس في محافظة حجة، مشيراً إلى أن الغارة أدت الى مقتل 106 مدنيين بينهم 24 طفلاً.
من جهته، أشار المتحدث باسم المفوضية روبرت كولفيل إلى أن «طاقم فريق حقوق الإنسان لم يعثر على دليل على حصول مواجهات مسلحة أو وجود هدف عسكري مهم في القطاع وقت الهجوم باستثناء نقطة تفتيش على بعد 250 متراً من السوق».