أكدت دمشق، أمس، مشاركتها «بوفد رسمي» في مؤتمر جنيف، حسبما أفادت وزارة الخارجية في بيان. وقالت إنّ على الدول الغربية التي تطالب بتنحّي الرئيس بشار الأسد أن تستفيق من أحلامها أو تنسى مسألة حضور محادثات جنيف في كانون الثاني. ورداً على دعوات فرنسا وبريطانيا إلى تنحّي الأسد، قال مصدر في وزارة الخارجية السورية: «عهود الاستعمار، هي وما كانت تفعله من تنصيب حكومات وعزلها، قد ولّت إلى غير رجعة، وعليه ما لهم إلا أن يستفيقوا من أحلامهم».
وقال المصدر، في بيان، «الوفد السوري الرسمي ذاهب إلى جنيف ليس من أجل تسليم السلطة لأحد، بل لمشاركة أولئك الحريصين على مصلحة الشعب السوري، المؤيدين للحل السياسي، في صنع مستقبل سوريا ». وأضاف أنّ وفد الحكومة السورية في محادثات جنيف سيكون «محمّلاً بمطالب الشعب السوري، وفي مقدمتها القضاء على الإرهاب».
في موازاة ذلك، قال رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي إن السلطات السورية لن تذعن للمطالب الغربية بتنحّي الرئيس بشار الاسد عن السلطة. وأكد أن حكومته ستشارك في جنيف2، وستذهب إلى المؤتمر بدون شروط مسبقة.
من جهة ثانية، قال رئيس «الائتلاف الوطني» المعارض أحمد الجربا، في حديث لوكالة «روتيرز» أمس، إن الائتلاف سيحضر مؤتمر «جنيف 2» المقرر عقده في كانون الثاني.
ورداً على الخارجية السورية، أصدر مكتب رئيس «الائتلاف»، بياناً رأى فيه أنّ ما صدر عن «النظام يكشف نواياه الحقيقية، وهي استخدام تعاون مزعوم مع المجتمع الدولي من أجل التغطية على المضي في حربه ضد الشعب السوري».
وقال إنّ «النظام يدّعي أن طلب إنهاء النظام السوري هو سياسة غربية استعمارية، بينما الحقيقة أنه مطلب الشعب السوري الذي يريد إزاحته». وأشار إلى أن مؤتمر جنيف يتناول العملية الانتقالية، و«هدفنا من خلال المشاركة فيه ينسجم تماماً مع تطلعات الشعب السوري لإنهاء التسلط ومع قرار مجلس الأمن وبيان لندن الصادر في 22 تشرين الأول».
على صعيد آخر، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ضرورة عقد مؤتمر «جنيف 2» من دون شروط مسبقة، قائلاً «لن تكون هناك ظروف مثالية لعقد المؤتمر». ورأى، في مؤتمر صحافي في موسكو أمس، أنّ الجهات التي تحاول طرح شروط لعقد «جنيف 2» تسعى أساساً إلى تأجيله أو حتى إجهاضه. كذلك أكد لافروف أنّ موسكو كانت ترغب في عقد المؤتمر في وقت سابق، وستحاول الآن استخدام الفترة قبل انعقاد المؤتمر للتشاور مع كافة الأطراف السورية. ولفت الى أنّ الجميع يفضّلون أن تكون المعارضة السورية ممثلة في «جنيف 2» بوفد موحّد، إلا أن ذلك يتوقف قبل كل شيء على قدرة القوى المعارضة الرئيسة على التوصل إلى اتفاق في ما بينها على أساس بيان جنيف. إلى ذلك، دعت تركيا وإيران إلى وقف لإطلاق النار في سوريا قبل انعقاد مؤتمر «جنيف 2». وأعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إثر لقائه في طهران نظيره التركي أحمد داوود أوغلو أنّ «كل جهودنا يجب أن تركز الآن على طريقة إنهاء هذا النزاع».
من جهته، قال داوود أوغلو «علينا ألا ننتظر شهرين» للتوصل إلى وقف محتمل للمعارك. وأضاف: «قبل ذلك علينا إعداد الأرضية لوقف لإطلاق النار يفترض أن يؤدي إلى نجاح جنيف 2».

فشل هجوم مسلح على جرمانا

ميدانياً، استمرت الاشتباكات الضارية في منطقتي القلمون والغوطة الشرقية في ريف دمشق، اللتين تشهدان المعارك الأعنف بين الجيش السوري والجماعات المعارضة المسلّحة منذ أكثر من أسبوع. وجرت اشتباكات عنيفة أمس في محيط جرمانا والخط الفاصل بينها وبين بيت سحم، في الوقت الذي أحرز فيه الجيش تقدّماً كبيراً في دير عطية في القلمون، حيث قتل قياديين معارضين. وبحسب مصادر ميدانية لـ«الأخبار»، كان لدى المسلحين مخطط لاقتحام جرمانا، غير أن الجيش استطاع التصدي لهم، وارتفعت حدة المعارك ليل أمس على الخط الفاصل بين جرمانا وبيت سحم. وألقى الجيش قنابل مضيئة في سماء بيت سحم شوهدت بوضوح من الأبنية العالية في حي الروضة وسط جرمانا، ثم دارت اشتباكات طاحنة بين عناصر مسلحين تابعين للمعارضة وقوات الجيش السوري مرفقة بعناصر من الدفاع الوطني. وبحسب المصدر، تراجع المسلحون. كذلك سمعت أصوات راجمة الصواريخ المتموضعة على حاجز المليحة القريب من مدخل جرمانا الغربي قبل تاميكو.
وفي دير عطية، قضت وحدات الجيش على مجموعات مسلحة بكامل أفرادها، بعضهم من الجنسيتين السعودية والشيشانية، ومن بينهم الرائد السعودي عادل الشمري، الى جانب قائد «لواء المهاجرين» في المنطقة العماني أحمد البريكي. من جهة أخرى، أعلن الجيش السوري سيطرته بشكل كامل على مزارع عين البيضا جنوبي غربي قارة.
وفي الغوطة الشرقية، استمرت الاشتباكات العنيفة على جبهات منطقة المرج، وتعرضت بلدات المنطقة لقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة والهاون وراجمات الصواريخ من جهة بلدة حران العواميد ومطار دمشق الدولي. وتركز القصف على بلدات النشابية والبلالية وحزرما.
وذكر مصدر أمني لوكالة «فرانس برس» أن «الطوق محكم على منطقة الغوطة الشرقية لحجب أي شكل من الإمداد الذي يمكن أن تحصل عليه المجموعات المسلحة التي لا تزال هناك. وبالتالي، فإن المنطقة مسرح عمليات». وأشار الى أن الجيش «يحاول تضييق الطوق من خلال خطة معينة، بينما يحاول المسلحون فكّ الطوق في محاولة بائسة تكبّدهم خسائر فادحة، ما يضطرهم إلى الانكفاء الى جحورهم».
في المقابل، أعلنت «جبهة النصرة» إعدام خمسة شبان، هم عسكريان وثلاثة «متعاونين مع النظام» في الغوطة الشرقية، بحسب ما جاء في بيان نشر على مواقع جهادية على الإنترنت.