ندّدت مصر، أمس، بانتقادات الولايات المتحدة لقانون التظاهر الذي أصدره الرئيس المصري المؤقت، عدلي منصور، معتبرةً أنه تدخل غير مقبول على الإطلاق في الشؤون الداخلية. وبعد يوم على الانتقاد الأميركي، ويومين على انتقادات منظمات حقوقية مصرية، انضمت المفوضة العليا لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، إلى المنتقدين لهذا القانون، مطالبة بتعديله أو إلغائه. وقالت بيلاي إن «القانون يمنح السلطات الأمنية صلاحيات واسعة لحظر التجمعات، وينتهك بشكل جدي حق التجمع السلمي»، معتبرةً أن مخاوف المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر بخصوص القانون لم تؤخذ بعين الاعتبار. وأضافت أن القانون يقيّد الكثير من حقوق الإنسان، ويحد من الأماكن المسموح فيها بالتظاهر، مؤكدةً أنه «لا يجب أن يتعرض من يطالبون بأمور متعلقة بحقوق الإنسان عن طريق التظاهر السلمي لأي نوع من العنف، أو التعذيب، أو التهديد».
وكانت الولايات المتحدة عبّرت عن «قلقها» بشأن قانون التظاهر، معتبرةً أنه «لا يفي بالمعايير الدولية ويعرقل تحرك البلاد نحو الديمقراطية». وقالت جين بساكي، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، «تريد الولايات المتحدة أن ينجح انتقال مصر إلى ديمقراطية تمثل جميع الأطياف». وحثّت الحكومة المؤقتة «على احترام حقوق الأفراد، وأن يحمي الدستور الجديد مثل هذه الحقوق».
إلا أن وزارة الخارجية المصرية أعلنت رفضها الكامل للانتقادات الأميركية، معتبرة ذلك «تدخلاً واضحاً في الشأن الداخلي المصري، ما يمثل أمراً غير مقبول بأي صورة من الصور من أي دولة في العالم». وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية، بدر عبدالعاطي، في تصريحات صحافية «غير مسموح لأي دولة أن تتدخل في الشأن الداخلي المصري»، مشيراً إلى أن «من الطبيعي أن تهتم كل دول العالم، خاصة الكبرى منها، بتطورات الأوضاع في دولة بحجم مصر، ولكن ذلك لا يعني تجاوز الخطوط المسموح بها في هذا الإطار، أو التعليق على قرارات تتعلق بالشأن الداخلي».
وكشف عبدالعاطي أنه يجرى حالياً إعداد دراسة مقارنة بين القانون المصري والعديد من قوانين التظاهر في عدد من الدول الأخرى، لتوضيح الاختلافات، وكيف أن القانون المصري يراعي جميع الشروط التي تضمن حرية التظاهر السلمي.
ويبدو أن هذا المناخ لاءم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي جدد أمس انتقاداته للسلطات المصرية. وقال أمام البرلمان «لن نتوقف عن قول الحق والوقوف بجانب الشعب المصري لمجرد أن الحكومة التي جاءت عن طريق الانقلاب في مصر منزعجة»، مشدداً على أنه «لن يكون شيطاناً أخرس».
ولم يُبدِ أردوغان أي أسف على تصريحاته السابقة التي أثارت أزمة دبلوماسية بين أنقرة والقاهرة، وأكد «سنواصل إبلاغ العالم عن حكومة الانقلاب وعن المأساة الانسانية التي تتكشف في مصر».
هذه الانتقادات لم توقف الحكومة المصرية التي استمرت في تطبيق قانون التظاهر حيث فرّقت تظاهرة نظمها نشطاء أمام مجلس الشورى، احتجاجاً على مادة محاكمة المدنيين عسكرياً في الدستور الذي يجري تعديله حالياً. واستخدمت قوات الأمن قنابل الغاز وخراطيم المياه، وذلك بعد أن حذرت المتظاهرين، ثم لاحقتهم وقبضت على عددٍ منهم.
كذلك فرّقت الشرطة عشرات الناشطين الذين تظاهروا في وسط القاهرة احتجاجاً على قانون التظاهر الجديد، ولاحقت المتظاهرين في الشوارع وألقت القبض على نحو 20 منهم. وقال شاهد إن الشرطة استخدمت خراطيم المياه في تفريق المتظاهرين بعد أن طالبتهم لنحو 20 دقيقة بفض المظاهرة من دون استجابة منهم.
واحتجاجاً على احتجاز المتظاهرين، أعلن عشرة أعضاء من لجنة «الـ50» لتعديل الدستور تجميد عضويتهم في اللجنة، إلى حين انتهاء أزمة المتظاهرين الذين تم احتجازهم أثناء مشاركتهم في وقفة احتجاجية للمطالبة بإلغاء المحاكمات العسكرية في الدستور، أمام مجلس الشورى.
من جهته، أكد مدير إدارة الإعلام في وزارة الداخلية عبدالفتاح عثمان أن «قانون التظاهر لا يحظر التظاهر، فهو حق مكفول يحتاج إلى إخطار، وفي حالة استخدام العنف يتم التدخل من أجل فض التظاهرات وتطبيق القانون».
وأوضح أن القانون يخضع للمعايير الدولية، وأنه حدد تدرجاً في التعامل مع التظاهرات، وأن «التدرج يتم في وقت خروج المظاهرة على السلمية، وتبدأ القوات التدرج في وسائل تفريق المظاهرات، وتنتهي بطلقات الخرطوش غير القاتلة». وتابع: «القانون الجديد لا يسمح باستخدام الأسلحة النارية، لكن قانون الشرطة يعطي لأبنائها حق الدفاع الشرعي عن النفس»، مشيراً إلى أن الجهات الأمنية ستتعامل بمنتهى الحزم والقوة مع أي مسيرات تخرج من دون إخطار.