القاهرة | في أشد إجراء دبلوماسي تتخذه في مواجهة التدخلات التركية المستمرة في شؤونها الداخلية، استدعت مصر صباح السبت سفير تركيا في القاهرة لابلاغه أنه بات «شخصاً غير مرغوب فيه» بعد تصريحات لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الخميس الماضي أعلن فيها أنه لا يكن «أي احترام لهؤلاء الذين اقتادوا (الرئيس المعزول محمد) مرسي أمام القضاء»، لكن ذلك لم يكن انتقاد أردوغان الأول للسلطات المصرية الجديدة، فما الذي دفع الأخيرة لاتخاذ هذه الخطوة الآن؟
كشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى لـ«الأخبار» أن قرار طرد السفير التركي من القاهرة اتخذ بعدما «تبين دوره في تمويل أنصار جماعة الإخوان المسلمين، وفتح أبواب سفارته لعقد لقاءات بين قادة «الإخوان» ونظرائهم في التنظيم الدولي، لتلقي التعليمات بنشر الفوضى والتخريب في البلاد، وهو ما نجحت الاستخبارات المصرية في كشفه، وبثت مقتطفات منه للمصريين والعالم».
وقالت المصادر إن السفير التركي «قدم غطاءً لإدخال أموال قطرية إلى مصر على نحو غير شرعي، حيث جرى ضبط عدد منها ومصادرته، كما أنه تولى مهمة تقديم التمويل لكل القيادات الإخوانية على اعتبار أن تركيا هي الراعي الدولي» لـ«الإخوان».
وأضافت المصادر إن «تركيا سخّرت أيضاً وسائل إعلامها لنشر بعض الأخبار الكاذبة التي تضلل الشارع المصري وتؤثر فيه على نحو سلبي، فضلاً عن تجنيد جهاز الاستخبارات التركي لتنفيذ عمليات تضر بمصالح مصر»، التي رفضت المصادر الكشف عنها «نظراً إلى حساسية المعلومات الخاصة بها». وتابعت «إن بعض القيادات التركية البارزة – الموالية لجماعة الإخوان المحظورة – حرّضت ضد مصر، وعملت على تقليب الرأي العام العالمي ضد إرادة المصريين، ورفض الثورة التي قام بها الشعب في 30 حزيران الماضي، ووجّهت الاتهامات جُزافاً ضد قادة الجيش المصري».
وأكدت المصادر أن «تركيا حاولت إقناع الحكومة الروسية بالتراجع عن اتفاقيات التسليح التي أبرمت أخيراً مع الجانب المصري، في إطار سعي الأخير لتنوع مصادره وخياراته»، مشيرةً إلى أن «أنقرة سعت لإغراء موسكو بزيادة التبادلات التجارية لتصل إلى مليار دولار مقابل وقف تقربها من القاهرة».
وفي آب الماضي، سحبت القاهرة سفيرها من أنقرة بعدما رصدت أجهزة الاستخبارات المصرية تحركات «مريبة» للسفير التركي، تبعها الكشف عن مخطط للرئيس مرسي يرمي إلى اختطاف 83 ضابطاً رفيعاً من قيادات الجيش، قبل عزله بـ6 أسابيع بالتعاون من جهات تركية، بحسب المصادر.
وأوضحت المصادر أن «مرسي اجتمع مع رئيس الاستخبارات التركية، الذي نصحه بضرورة إجهاض التظاهرات التي ستخرج في 30 حزيران، وهو ما استجاب له مرسي. وبناءً عليه قرر أن يختطف عدداً من قادة الجيش، بينهم قادة أفرع ورؤساء مناطق حتى يُحدث ارتباكاً في الجيش، ويمنع القادة الآخرين من مساندة مطالب الشعب، بالتزامن مع ترقية عدد من الضباط ذوي الرتب الأقل لمناصب هؤلاء القادة الكبار».
في المقابل، وفي بادرة تؤكد استمرار تحديه للسلطات المصرية الجديدة، لوح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مجددا السبت باشارة «رابعة» (أربعة اصابع مرفوعه الى اعلى) خلال مؤتمر جماهيري لحزيه في مدينة ترابزون بشمال تركيا. وسبق ان لوح اردوغان بهذه الاشارة عدة مرات من قبل ليؤكد تضامنه مع الاخوان المسلمين في مصر.
وفي تصريحات للصحافيين بعد ذلك، قال اردوغان انه «لن يحترم ابدا الذين وصلوا للسلطة بانقلاب»، فيما قال وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو ان مصر اعلنت طرد السفير التركي قبل ان تبلغه ذلك، مشيرا إلى ان هذا السلوك يتنافي مع «اللياقة الديبلوماسية». وتابع داود أوغلو أن «اللياقة الديبلوماسية تحترم حتى في وقت الازمات بين الدول».