القاهرة | هدية غير متوقعة بعث بها وزير الخارجية الأميركية جون كيري للادارة المؤقتة في مصر. تصريح مفاجئ هو الاشد من الجانب الأميركي على جماعة الإخوان المسلمين منذ ثورة «30 يونيو»، كسر جمود العلاقة المتوترة بين الطرفين منذ الثورة وما تبعها من وقف للمساعدات الأميركية لمصر. موقف كيري الذي سبقه أمس ما نقل عن وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل من أن الدعم الأميركي لمصر لم يتوقف، جاء في سياق تبدو فيه الادارة الأميركية في مرحلة اعادة صياغة لموقفها من الادارة الحالية في مصر، وخاصة بعد التقارب المصري الروسي.
التصريحات الأخيرة لكيري هاجم فيها جماعة الإخوان المسلمين واتهمها بـ«سرقة» الثورة في مصر، مشيراً إلى أن «فتيان ميدان التحرير لم يتحركوا بدافع من أي دين أو أيديولوجية» بل «كانوا يريدون أن يدرسوا وأن يعملوا وأن يكون لهم مستقبل»، كما رأى أن الهدف مما قام به الجيش هو «إعادة الديمقراطية».
وزارة الخارجية المصرية، وفي اول تعليق لها على كلام كيري، رأت أن «الإدارة الأميركية ترسل بإشارات إيجابية حول وقوفها إلى جانب إرادة الشعب المصري وثورته المتمثلة في 30 حزيران الماضي».
ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي، في تصريح لـ«الأخبار»، أن التصريحات «تطور إيجابي في الموقف الأميركي تجاه مصر»، مرجعاً ذلك إلى الجهد الذي تبذله وزارة الخارجية المصرية خلال الفترة الماضية من التواصل المستمر بين المسؤولين المصريين والأميركيين لتوضيح حقيقة الوضع في مصر، وكذلك الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية نبيل فهمى مع نظيره كيري.
وأكد عبد العاطي أن «هناك رغبة صادقة واضحة من الجانب الأميركي لدفع العلاقات بيننا إلى آفاق أرحب، وهناك حرص مصري على ذلك أيضاً» .
كذلك كشف عبد العاطي لوكالة «الأناضول»، «أنه من المقرر اطلاق حوار استراتيجي بين القاهرة وواشنطن قريباً، اتفق عليه بين الجانبين المصري والأميركي أخيراً»، موضحاً أن «الحوار الاستراتيجي سيشمل كافة المجالات، سواء السياسية والعسكرية والاقتصادية والتجارية».
وفيما لم تصدر القوات المسلحة أي تعليقات رسمية على التصريحات الجديدة لوزير الخارجية الاميركي، قال مصدر عسكري لـ«الأخبار» إن هناك رضى بين قيادات القوات المسلحة عن كلام كيري. وأكد المصدر أن «القيادة ترى أن هذا التغيير في الموقف الاميركي نتيجة لوضوح الرؤية حول ما تقوم به جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها من الجماعات الإسلامية المتطرفة، من أعمال إرهابية تستهدف منشآت ومؤسسات الدولة في الفترة الأخيرة، وبالتحديد استهداف ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة».
ولفت المصدر العسكري إلى أن «التعاون الأميركي المصري لا يمكن باي حال أن يتوقف، لكن ما حدث خلال الفترة الماضية هو مرحلة عدم وضوح للرؤية، لأن ما حدث في «30 يونيو» غير حسابات كثيرة».
الترحيب الحكومي بما قاله كيرى قابله غضب على الجانب جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
ولفت القيادي في حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، عمرو دراج، الى أن تصريحات كيري الجديدة تكشف عن أن الولايات المتحدة تدعم مسارات «إجهاض» ثورات الربيع العربي في المنطقة.
وأضاف دارج إن التصريحات الأخيرة تكشف «بما لا يدع مجالاً للشك، دعم الولايات المتحدة للانقلاب وتؤيد مسارات تتناقض مع الحقوق الإنسانية والقيم الأميركية».
بدوره، رأى القيادي في جبهة الإنقاذ، ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وحيد عبد المجيد، أن تصريحات جون كيري لا تعد تغيراً في السياسية الأميركية تجاه مصر، وأن هذا رأي كيري منذ فترة. ولفت عبد الحميد في حديث لـ«الأخبار» إلى أن «كيري كان يتواصل مع جبهة الإنقاذ منذ فترة، وكان متفقاً مع الجبهة على أن الإخوان يسيرون في طريق مسدود، ولا يقبلون الحلول التي تعرض، ولذلك كان لديه قدر من المعرفة المعمقة بما يحدث في القاهرة وهو ما بنى عليه موقفه». وأشار إلى أن السياسية الأميركية على نحو عام لا تتغير بتصريحات أفراد منها وإنما هي محصلة اتجاهات متعددة في مؤسسات صنع القرار هناك، التي من بينها وزارة الخارجية بالطبع، مضيفاً إن ما قاله كيري لا يتعدى الرأي الشخصي له.