القاهرة | عامان على ذكرى أحداث «محمد محمود» الأولى، التي فجرت خلافاً لم ينته حتى الآن بين شباب ثورة «25 يناير» من جهة، والتيار الإسلامي، على رأسه شباب جماعة «الإخوان» المسلمين من جهة أخرى. مرور الزمن لم ينجح على ما يبدو في جسر الهوة بين الطرفين، بل يزيدها اتساعاً لتصعب محاولات التوحد بينهما مرة أخرى.
فشباب ثورة «25 يناير» لا يزالون على اتهامهم لشباب «الإخوان» بالتخلي عن مساندتهم في أحداث «محمد محمود» التي كانت أول مواجهة بين الثوار والشرطة بعد الثورة، عقب انتهاء جمعة «المطلب الواحد» التي دعا إليها عدد من النشطاء السياسيين، مطالبين حينها بنقل السلطة من المجلس العسكري الحاكم للبلاد وقتها، إلى رئيس وحكومة منتخبين وخلفت ما يناهز 50 قتيلاً، وأكثر من 3000 مصاب، وانتهت باستقالة حكومة عصام شرف، وتكليف كمال الجنزوري رئاسة الحكومة.
ورغم مرور عامين، ما زالت الهوة بين الطرفين عصية على كل محاولات التقارب التي بذلتها جماعة «الإخوان» المسلمين، باعتذارها قبل الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة في العام الماضي عن عدم مشاركتها في «محمد محمود» أو بدعوتها إلى التظاهر في الذكرى الثانية للأحداث.
شباب الثورة المتشدد رافض لأي محاولات للتقارب مع جماعة «الإخوان» المسلمين، فيما الجماعة تحاول الآن مصالحة القوى السياسية الأخرى والتوافق معها في معركتها ضد خريطة الطريق التي أعقبت ثورة «30 يونيو».
عضو المكتب التنفيذي لشباب الثورة، خالد السيد، أكد لـ«الأخبار» أن التلاقي الآن «مستحيل» مع شباب «الإخوان»، عازياً السبب إلى أن «الجماعة على مدار عام كامل من الحكم لم تحقق أياً من مطالب الثورة الحقيقية، ولم تحاكم المتهمين من رجال الشرطة في قتل الثوار، ولا رجال الأعمال الذين سرقوا البلد».
مشاركة شباب «الإخوان» في أحداث «محمد محمود» نفسها أصبحت محلاً للنزاع عند شباب الثورة؛ إذ يصر السيد على التأكيد أن «الأحداث لم تشهد أي مشاركة للتيار الإسلامي عموماً، وأن من شاركوا كانوا ممثلين لانفسهم ولا يعبرون عن موقف الجماعة».
اتهامات شباب الثورة يرد عليها شباب الإخوان بالتأكيد أن الكثير منهم خالفوا قرار قيادتهم التي اعتبرت في موقفها الرسمي حينها أن «الأحداث مؤامرة لتعطيل أول انتخابات لمجلس الشعب بعد سقوط (الرئيس حسني) مبارك»، والموقف المناهض للمتظاهرين حينها الذي خرج على لسان الرجل القوي في الجماعة ونائب مرشدها خيرت الشاطر الذي نقلت عنه صحيفة «لوموند» الفرنسية حينها «أن المتظاهرين الموجودين بالتحرير يسعون إلى الفوضى، ويجب التصدي لأي محاولة لعرقلة المسار الديموقراطي وتأجيل الانتخابات».
مشاركة شباب الجماعة وسقوط مصابين منهم كأحمد النشرتي، أول مصاب في الأحداث، لم يشفعا لهم عند القوى الثورية بالتقارب معهم في تظاهراتهم المستمرة منذ 3 تموز الماضي ضد السلطة القضائية.
تبدل المواقع بعد ثورة «30 يونيو» أدى إلى تبدل المواقف والاتهامات بين الطرفين، فالإخوان يحملون على من باعوهم في أحداث المنصة والحرس الجمهوري وأحداث فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة»، ليكرروا نفس خطأ الإخوان مع شباب الثورة في «محمد محمود».
أحمد النشرتي سأل في حديث لـ«الأخبار» شباب الثورة لماذا لم يتحركوا لإنصاف من وقف معهم في أحداث «محمد محمود» كحبيبة عبد العزيز وأسماء البلتاجي، اللتين لقيتا مصرعهما في فض اعتصام «رابعة العدوية»، وهو ما رد عليه خالد السيد بأن «شباب الثورة، ضد إراقة أي دماء مصرية، وهذا مبدأ ثابت لا جدال عليه». وأوضح السيد أن شباب الثورة «لن يتدخلوا في صراع بين طرفين اتفقا على ممارسة الاستبداد، واختلفا في كيفية تنفيذه».
موقف السيد رفضه العضو السابق في حركة «6 أبريل»، وأحد من شاركوا في «محمد محمود»، علي حسن الذي رأى أن «موقف شباب الثورة خطأ أفظع من خطأ الإخوان»، متهماً «شباب الثورة بأنهم هتفوا ضد العسكر الذين ليسوا معهم فقط». واتهم حسن القوى السياسية غير الإسلامية بالقفز على أحداث «محمد محمود» وتسييسها واستخدامها في صراعها السياسي مع الإخوان حينها.