تعيش عرسال منذ يوم الجمعة الفائت حالة طوارئ. أعداد كبيرة من النازحين فاقت 2200 عائلة، نزحت الى البلدة المتخمة بالنازحين الآتين من قرى القلمون. التدفق الكبير للنازحين عبر المعابر غير الشرعية، أثار تساؤلات عن القدرة على استيعابهم، فيما أعلنت بلدية عرسال ووزارة الشؤون الاجتماعية وجهات دولية مانحة حالة استنفار لتوفير أماكن الإقامة والاحتياجات الضرورية للنازحين الجدد.
حركة النزوح من قرى قارا والحميرة ودير عطية والساحل والنبك ويبرود تواصلت على مدى الأيام الثلاثة الماضية. البعض وصل سريعاً بسبب انتقاله بالسيارات، فيما تأخر البعض الآخر أكثر من يومين لانتقاله سيراً على الأقدام، أو بواسطة الحمير والبغال. «أم أحمد» التي نزحت من بلدة قارا مع عائلتها المؤلفة من زوج مريض وثلاثة أطفال تؤكد أنها غادرت مع أطفالها «سيراً على الأقدام منذ صباح الخميس الفائت، فيما نقل زوجي بسيارة أحد جيراننا». وتضيف: «غادرنا بعد ضرب البلدة بصواريخ من مروحيات الجيش السوري، وعم يقولو انو المعركة بدها تولع القلمون كلها».
حركة النزوح الكثيفة والمناشدات التي أطلقتها فعاليات البلدة، دفعت وزارة الشؤون الاجتماعية الى التحرك. فعقد لقاء موسع في بلدية عرسال ضمّ رئيسها علي الحجيري ووفداً من برنامج «استجابة» في وزارة الشؤون الاجتماعية وممثلين عن مؤسسات إغاثية عاملة في عرسال (المجلس النرويجي للاجئين، والمجلس الدانمركي للاجئين، واليونيسف، و«إندي كاب» وفرق المفوضية العليا للاجئين). وجرى تأكيد على «ضرورة العمل السريع» من قبل سائر الأجهزة والمؤسسات «لتقديم كل الحاجات الأساسية إلى العائلات النازحة»، بحسب ما أكد الحجيري لـ «الأخبار». وأوضح أن عدد العائلات النازحة من قرى القلمون إلى عرسال وصل الى «2200 عائلة... ولا يزال النزوح مستمراً» حتى يوم أمس. ولفت الى أن غالبية العائلات النازحة تقيم حالياً في «جوامع البلدة والصالات والقاعات العامة وفي بيوت العراسلة، حتى اصبح كل بيت يستضيف ثلاث إلى أربع عائلات».
وزارة الشؤون الاجتماعية التي حضرت إلى عرسال ممثلة بأحد مستشاري الوزير وائل أبو فاعور نالت رضى فعاليات عرسال، نظراً إلى «التجاوب السريع مع مناشداتنا»، وما تقوم به الوزارة والجمعيات والهيئات الدولية المانحة «لا بأس به»، بحسب الحجيري، الذي أكد أن أعداد النازحين «في تزايد مستمر، ما يتطلب من الجميع أن يتابع الملف معنا، وخصوصاً ان بعض العائلات لا يزال في الشارع ويحتاج إلى مأوى».
وأوضح أن وزارة الشؤون الاجتماعية، وضمن إطار تطبيق خطة الاستجابة الفورية للنازحين السوريين، قدّمت «مئة خيمة مخصصة لإقامة النازحين المؤقتة، ويجري العمل لتحديد قطعة أرض في عرسال لتجهيزها كمركز إيواء مؤقت بإدارة الوزارة ومفوضية الأمم المتحدة لاستيعاب العائلات النازحة في حال استمرار موجات النزوح»، فيما سارعت بعض الجهات المانحة إلى تقديم مساعدات فورية وأولية ضرورية للنازحين.
تجدر الإشارة إلى ان حركة النزوح من قرى القلمون لم تقتصر على عرسال، بل شملت قرى الفاكهة ومشاريع القاع ومدينة بعلبك، وإن بأعداد أقل. وقد شدد مصدر في مكتب مساعدة النازحين في دار الفتوى في بعلبك لـ «الأخبار» على «ضرورة إيلاء مشكلة السكن للنازحين الأولوية، وخصوصاً ان عائلات عديدة لا تزال على الطرقات».
حالة الاستنفار طاولت الجيش اللبناني أيضاً، الذي عزز انتشاره على المعابر غير الشرعية التي تصل بلدة عرسال بقرى القلمون، بدءاً من قارا ودير عطية وصولاً حتى النبك والساحل ويبرود، بهدف منع تسلل مسلحين ومشتبه فيهم وسيارات مشبوهة. وتمكن الجيش، من خلال عمليات الرصد والتفتيش، من توقيف تسعة سوريين أثناء محاولتهم التسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية، وضبطت في حوزتهم أسلحة حربية وذخائر وقنابل يدوية، كما أَوقف شخصاً جزائرياً لا يملك أوراقاً ثبوتية.