في اختبار نتيجة مفاوضات جنيف، بحسب شمعون شيفر في يديعوت أحرونوت، «خسرت إسرائيل معركة كبح المشروع النووي الإيراني، والاتفاق المتبلور سيحول الجمهورية الإسلامية إلى دولة حافة نووية بترخيص دولي». ورأى شيفر أن ما حصل يمثّل «فشلا مزدوجا» بالنسبة إلى إسرائيل التي استثمر رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، «أكثر من عشرة مليارات شيكل في تشييد بنية تحتية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وكان هناك من رأى أن الهدف من هذه البنية كان إرسال رسالة «أمسكوني» للأميركيين ودفعهم إلى العمل بأنفسهم، إلا أنه مهما كان الأمر، لم يخرج أي شيء من ذلك. في واشنطن لم يرتدعوا من تهديدات رئيس الحكومة الإسرائيلية وقادوا توجها يؤدي إلى حل دبلوماسي».
وفي الصحيفة نفسها، رأى كبير المعلقين، ناحوم برنياع، أن نتنياهو، الذي كان شديد الرغبة في التحول إلى ونستون تشرشل قد يصبح دون كيشوت، «الفارس ذا الشخصية البائسة المملوء بروح القتال والمنقض على أعداء حقيقيين ووهميين، وهو انفعالي مقطوع عن الواقع». وأوضح الكاتب ما يعنيه، مشيراً إلى أن «تفكيك المشروع الذري الايراني بالقوة كان الراية التي عاد بها بنيامين نتنياهو الى رئاسة الوزراء. وكانت هذه رؤياه والمشروع الذي أنفق عليه المليارات، وعلى أساسها برر إهمال أمور اخرى. والآن دخلت هذه الراية مرحلة الطي. فقد يحتاج التفاوض الى جهد إضافي، لكن الاتجاه شديد الوضوح». والسؤال الآن، بحسب برنياع، هو «ما الذي يريده نتنياهو حقا. هل عنده خطة؟». وكشف عن أن «شخصيات أجنبية سمعت تصريحاته في الايام الاخيرة صعب عليها أن تفهم لماذا يتسلق سلما خطابيا سيصعب عليه جدا النزول عنه. فقد سمعوه يهدد أكثر من مرة بأنه سيأمر الجيش الاسرائيلي بمهاجمة ايران، وهم يعلمون أن هذا التهديد فارغ من المضمون، فاسرائيل لن تجرؤ على مهاجمة ايران في ذروة التفاوض، بل إن تهديداته لم تعد تؤثر في الايرانيين، وهي في الأساس لا تؤثر في الاميركيين الذين وُجهت إليهم من البداية».
وعلى وتر انتقاد نتنياهو، عزفت افتتاحية صحيفة هآرتس، التي رأت أن بإمكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أن «يسجل لنفسه انجازا مهما ومثيرا للانطباع في أنه وضع التهديد الايراني على رأس جدول الاعمال العالمي»، لكنها شددت في المقابل على أن «قوة اسرائيل متعلقة بالاسناد الاميركي والدولي. فبدونه لا أمل لها في ان تتصدى ليس فقط للتهديد الايراني، بل للتهديدات الاقليمية الاقرب ايضا، ولا سيما حين تكون الولايات المتحدة تقف كالسور المنيع ضد المطالبة بمراجعة وتعطيل القدرة النووية الكاملة لاسرائيل».
واستطردت الصحيفة «مع ان من حق نتنياهو أن يختلف مع المفهوم الاميركي حول الشكل المناسب لاحباط تطلعات ايران، غير أن التباهي المتبجح بقدرة اسرائيل على الاستخفاف بالخطوة الدبلوماسية الدولية هو تهديد خطير بحد ذاته. وهو سهم سياسي مرتد يشق طريقه مباشرة نحو رأس اسرائيل. على نتنياهو أن يشد على اسنانه، ان يقلل من تصريحاته التي لن تؤدي الا الى توسيع الشرخ بين اسرائيل والولايات المتحدة، وأن يترك المفاوضات مع ايران تمر الى مرحلة التجربة. قدراته الخطابية ومصادر قلقه يفضل أن يسهم بها حاليا في دفع المسيرة السياسية مع الفلسطينيين الى الامام».
وفي هآرتس أيضا، محلل الشؤون العسكرية، عاموس هارئيل، كتب «هجوم نتنياهو السافر على الولايات المتحدة» الذي «جاء سابقا لأوانه. فقد تناول نتنياهو أولا اتفاقا لم يُوقَّع حتّى عليه. وثانيا هو يلوّح بمسدس غير محشو»، وإذ أشار الكاتب إلى الدور الذي أدّاه التهديد الاسرائيلي بشن هجوم على إيران في الماضي في إعادتها الى طاولة المحادثات، رأى أن ممارسة التهديد الآن، في ظل تأييد المجتمع الدولي للتصالح مع الجمهورية الإسلامية سيكون له ثمن هو عزلة قاسية لإسرائيل».
وحول تراجع التأثير الإسرائيلي على الموقف الدولي والأميركي في الملف النووي الإيراني، كتب نداف أيال في معاريف، أنه إذا كان قد جرى التعامل مع الاحتجاجات الإسرائيلية في اجتماع جنيف الماضي باستهزاء، فإن الوضع الآن أكثر سوءاً، إذ يجري التعامل معها بتجاهل. وأضاف «إن إسرائيل تلعب لعبة شديدة الوضوح والشفافية، ومواقفها أوتوماتيكية إلى حد أن فعاليتها صارت ضئيلة على نحو خاص. وكل هذا دون التطرق إلى الجوهر، حيث يبعث الإسرائيليون برسائل هستيرية من أجل محاولة التأثير على مواقف الغرب».
وحول التنازلات الإيرانية في الاتفاق المزمع، رأى الكاتب أن «إيران لم توافق على بث آيات من التوراة في قناة «برس تي في»، لكنها أبدت مرونة استراتيجية، فيما، من الجهة الأخرى، مسدس رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فارغ من الرصاص». وأضاف «إن أي اتفاق مع إيران سيحول تماما دون أي احتمال لهجوم عسكري إسرائيل ضد طهران، كما أن الانجرار إلى جمود عميق في الاتصالات سيعطل فرص إسرائيل للتحرك. لقد هبطت صدقية التهديد العسكري الإسرائيلي إلى الدرجة الصفر، على الأقل خلال الفترة المقبلة».
وتناول محلل الشؤون العسكرية في يديعوت، أليكس فيشمان، أزمة العلاقات بين إسرائيل والإدارة الأميركية، مشيرا إلى أن مفاوضات جنيف «زادت في عمق الانقسام بين القدس وواشنطن، إذ كانت اسرائيل تؤمن حتى نهاية الاسبوع بأن الادارة الاميركية لن توقع تسوية مع ايران تخالف موقفها مخالفة مطلقة، وأدركت في نهاية الاسبوع أنها تلقت لطمة على وجهها». وفي رأي فيشمان فإن المشكلة القائمة «هي أنه لا شيء من الخطوات التي التزم بها الايرانيون سيوقف الانطلاق نحو القنبلة الذرية، فضلا عن إعادة الساعة الى الوراء».