حلب | عاد الظلام إلى مدينة حلب مجدداً بعد الاعتداء على المحطة الحرارية التي تغذي المدينة بالكهرباء. فبعد تراجع المسلحين في مدينة السفيرة وبلدة تلعرن جنوبي شرقي المدينة، شن المسلحون التكفيريون هجوماً مفاجئاً على المحطة الواقعة شرقي حلب، ناكثين باتفاق «جنتلمان» سبق أن عُقد مع لجنة أهلية، يقضي بتحييد المحطة عن المعارك لكونها تزود كافة أحياء حلب بالكهرباء.وبدأ الهجوم في ساعة مبكرة من صباح أمس، انطلاقاً من منطقة سكن عمال المحطة التي سبق أن اقتحمها المسلحون قبل شهور، وتوقفت المحطة عن العمل إثر الهجوم وتفجير الخط الذي يزودها بالغاز. وأدى ذلك إلى انقطاع الكهرباء عن أجزاء واسعة من محافظة حلب مدينة وريفها، بما فيها المناطق التي ينتشر فيها المسلحون، إضافة إلى توقف مضخات المياه عن العمل في الباب وحلب ومناطق أخرى.
وحذّر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي من احتمال وقوع كارثة بيئية وصحية إن واصل تنظيم «دولة الإسلام في العراق والشام» (داعش)، هجومه على المحطة. وتداول السوريون تحذيرات من أن انفجار خزانات الهيدروجين الذي يستخدم في تبريد المراجل، سيؤدي إلى انفجار يلحق دماراً في دائرة قطرها عشرون كيلومتراً. كذلك إن معمل الكلور القريب من المحطة يضم المئات من أسطوانات غاز الكلور الشديد السمية.
من جهته، شرح خبير كيميائي في محطات التوليد الحرارية، قائلاً إن محطة دير حافر في حلب تضم في تصميمها خزانات هيدروجين للتبريد، و«إن تفجيرها مع خزانات الغاز سيؤدي إلى انفجار ضخم وكتلة لهب كبيرة جداً وتدميرها بشكل كامل». وأشار الخبير إلى أن «المخاطر التي تتهدد العاملين في المحطة والقرى القريبة منها كبيرة، إذا ما فُجِّرت أو امتد التخريب إلى مستودعات المواد الكيميائية الأخرى التي تستخدم في العمل».
وذكر مصدر مقرب من «مبادرة أهل حلب» طلب عدم نشر اسمه أن «مجموعة من المبادرة تضم رئيس المبادرة طريف عطورة وفريقين من الأطباء ومهندسي الكهرباء توجهت إلى المحطة في مسعى لوقف هجوم المسلحين وعلاج الجرحى من عمال المحطة وحراسها». ووصف المصدر مهمة أعضاء المبادرة بـ«الاستشهادية»، نظراً إلى تكرار تعرضهم في مهمات سابقة لنيران المسلحين واستشهاد بعضهم.
تجدر الإشارة إلى أن «مبادرة أهل حلب» هي لجنة شعبية تعمل على التوسط في القضايا الإنسانية والخدمية، وتُعَدّ قناة اتصال بين الإدارات الخدمية والجماعات المسلحة. وكانت قد توصلت في وقت سابق إلى أخذ تعهد من المسلحين بعدم الهجوم على المحطة أو تعطيل العمل فيها، فتم الالتفاف على ذلك بضرب خطوط الغاز وأبراج خطوط الكهرباء في مناطق بعيدة عن المحطة.
انتحاري في السويداء
ميدانياً، استهدف انتحاري بسيارة مفخخة فرعاً للمخابرات الجوية قرب دوار العمران في السويداء (جنوبي شرقي دمشق) أمس، المدينة التي تشهد هدوءاً نسبياً مقارنة بباقي المناطق السورية. وكان المسلحون قد حاولوا مراراً الوصول إلى السويداء، من درعا المجاورة التي تشهد معارك عنيفة ووصلت إليها «داعش» أخيراً، لكن من دون نتيجة. وأدى التفجير إلى قتل ضابط برتبة رائد وسبعة عناصر من المخابرات الجوية التي تُعَدّ من أقوى الأجهزة الأمنية.
على صعيد آخر، اشتدّت وطأة المعارك في مدينة حلب وريفها، في ظل إحراز تقدّم عسكري كبير في تل عرن. ويبدو أن الجيش السوري عازم على تحرير ريف حلب الجنوبي بالكامل من المسلحين، بعد استعادة مدينة السفيرة (جنوبي شرقي حلب) منذ أيام، والتقدم داخل بلدة تل عرن (بين السفيرة وحلب) ابتداءً من أول من أمس. وسيطر الجيش على عدد من أحياء تل عرن، ورفع جندي سوري العلم الوطني على قمة تلعرن التي تتوسط البلدة، فيما تقوم وحدات الإسناد الناري بتغطية تقدم عناصر الجيش نحو تل حاصل، وسط انسحاب قسم من المسلحين نحو الشمال الشرقي لمهاجمة المحطة الحرارية، وفق مصدر لـ«الأخبار».
وأعلنت محافظة حلب بدء أعمال إعادة تأهيل المرافق العامة في مدينة السفيرة بعد جولة استطلاعية قام بها المحافظ محمد وحيد العقاد برفقة المديرين المعنيين تمهيداً لعودة الأهالي.
وقال العقاد لـ«الأخبار» إن «الورش ستبدأ فوراً في إعادة خدمات الماء والكهرباء وتأهيل المدارس ورفع الأنقاض»، مضيفاً: «هنالك معونات حكومية فورية ستوزع على المواطنين المتضررين من الأعمال الإرهابية». وكشف أن «الحكومة قررت دفع رواتب مئة عامل يُوظَّفون فوراً بعقود مؤقتة لأعمال التأهيل».
وفي السياق نفسه، دارت معارك في منطقة معامل الليرمون ـــ صالات في مدينة حلب، حيث سيطر الجيش على مبنيي الغاز والأخشاب بعد تحصن عدد من المسلحين فيهما.
واستهدف سلاحا الجو والمدفعية مقارّ وتجمعات للمسلحين وآليات محملة بالذخائر والأسلحة في محيط جمعية الصحفيين في خان العسل في الريف الجنوبي، والجديدة وكويرس ورسم العبود ومحيط المحطة الحرارية في الريف الشرقي، ومحيطي مشفى الكندي والسجن المركزي في الريف الشمالي.
وفي قرى وبلدات ريف دمشق، استمر الجيش السوري عملياته ضد المسلحين، ولا سيّما في الحجر الأسود والسبينة، حسبما نقلت مواقع «التنسيقيات» أمس. وقتل 8 مواطنين بينهم سيدتان وأصيب آخرون بجروح جراء تفجير عبوة ناسفة في ساحة الحجاز في دمشق. وأفاد مصدر رسمي لـ«سانا» بأن مسلحين فجروا عبوة ناسفة على مدخل مبنى المؤسسة العامة للخط الحديدي في وسط ساحة الحجاز.
في ريف حمص، وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش ومسلحي المعارضة، على محور صدد ـــ مهين. وفيما أعلن مسلحون سيطرتهم على أجزاء من مستودعات ضخمة للأسلحة تابعة للجيش قرب بلدة مهين بعد معارك مستمرة منذ أكثر من أسبوعين، نفى مصدر أمني سوري لوكالة «فرانس برس» هذا الأمر، مشيراً إلى أن «المسلحين يتكبدون خسائر فادحة. ما لا يقل عن 50 شخصاً قتلوا في المعارك التي دارت، بينهم مقاتلون غير سوريين».
على صعيد آخر، أعلن المركز الإعلامي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، أمس، انتهاء المرحلة الثانية من حملة «الوفاء لشهداء سريه كانيه (رأس العين في محافظة الحسكة)» بتحرير بلدة تل حلف والمناجير من مسلحي التنظيمات التابعة لـ«القاعدة» وتلك المتحالفة معها، مؤكداً أن حصيلة هذه المرحلة أسفرت عن «طرد المجموعات الإرهابية من محيط منطقة سريه كانيه، وتطهير طريق سريه كانيه ـــ الحسكة، وسريه كانيه ـــ تل تمر بالكامل».
ثمّ أعلن في وقت متأخر أمس، بدء «الحملة الثالثة» في غرب مدينة تل تمر، حيث حُرّرت قريتا غيبش وتل شاميران.