بعد نحو تسع سنوات من وفاته الغامضة، خلص خبراء سويسريون من معهد لوزان للفيزياء الإشعاعية إلى أنّ من المرجح أن يكون الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) قد توفي نتيجة تسممه بالبولونيوم، بحسب تقرير نشرته قناة «الجزيرة» القطرية أمس. بيد أن أرملته سهى الطويل عرفات، التي تسلمت نتائج التحاليل الطبية الشرعية من سويسرا لعيّنات من جثته، حسمت الأمر بأن عرفات مات مسموماً بالبولونيوم المشع عام 2004، استناداً إلى التقرير الطبي السويسري. وقال التقرير إن نتائج التحاليل لرفات عرفات «تدعم باعتدال الفرضية القائلة إن وفاته كانت نتيجة لتسممه بالبولونيوم -210». وأشار التقرير إلى أنه «أُجريت تحاليل سمية وسمية إشعاعية جديدة أظهرت نسبة عالية لم تكن متوقعة من البولونيوم 210 والرصاص 210 النشطة في العديد من العينات التي حُلِّلت».
في الوقت نفسه، أكد ذلك مصدر فلسطيني مطلع على الملف، طلب عدم الكشف عن اسمه، لوكالة «فرانس برس» قائلاً: «تضمن التقرير معلومات عن نسبة عالية من البولونيوم في العينة التي أُخذت» من جثة عرفات.
أما أرملته، فقالت من ناحيتها لوكالة «رويترز» في باريس: «نحن نكشف جريمة حقيقية. اغتيال سياسي»، وذلك بعدما تسلمت تقريراً من معهد فيزياء الإشعاع في مستشفى جامعة لوزان، ويتعلق التقرير بعينات أخذت من قبر عرفات في رام الله حين فتح في تشرين الثاني الماضي.
وذكر تلفزيون «الجزيرة» أن الخبراء السويسريين عثروا على مستوى مميت من البولونيوم -210 في العينات. ويؤكد ذلك نتائج تحقيق للقناة التلفزيونية كشف العام الماضي عن آثار للنظير المشع على مقتنيات شخصية لعرفات.
وفي رام الله، أعلنت لجنة التحقيق الفلسطينية في قضية وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل، أول من أمس، أنها تسلمت تقرير معهد لوزان للفيزياء الإشعاعية في قضية وفاة عرفات.
وقال رئيس اللجنة توفيق الطيراوي إن اللجنة «تسلمت التقرير» من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
ومن جهتها، قالت وكالة «وفا» الرسمية الفلسطينية للأنباء، إن اللجنة الفلسطينية تسلمت أيضاً تقرير الوكالة الفدرالية الروسية للتحاليل البيولوجية في الثاني من تشرين الثاني الجاري.
وأشارت الوكالة إلى أنّ الطرفين سيدرسان التقارير «لاستخلاص النتائج وإعلام الشعب الفلسطيني بها حال الانتهاء من دراستها ومعرفة مضمونها العلمي».
ووُزِّعت ستون عينة لتحليلها بين فرق المحققين الثلاثة السويسرية والفرنسية والروسية، وقام كل فريق بعمله على انفراد من دون أي اتصال بالفريق الآخر.
ويتهم العديد من الفلسطينيين إسرائيل بتسميم عرفات، وهو ما تنفيه الدولة العبرية على
الدوام.
وتوفي عرفات عن 75 عاماً في 11 تشرين الثاني 2004 في مستشفى بيرسي دو كلامار العسكري قرب العاصمة الفرنسية باريس، حيث نقل في نهاية تشرين الأول بعد أن عانى من آلام في الأمعاء من دون حرارة، في مقره العام (المقاطعة) في رام الله، حيث كان يعيش محاصراً من الجيش الإسرائيلي منذ كانون الأول عام 2001. ولم تطلب أرملته سهى تشريح الجثة.
والتقرير الطبي الفرنسي الذي نُشر في 14 تشرين الثاني 2004 أشار إلى التهاب في الأمعاء ومشاكل «جدية» في تخثر الدم، لكنه لم يكشف أسباب الوفاة.
من ناحيتها، اتهمت حركة حماس، أمس، إسرائيل بالمسؤولية عن «اغتيال» عرفات، مطالبة السلطة الفلسطينية بوقف المفاوضات مع إسرائيل.
وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، في بيان صحافي إن «نتائج تحليل عرفات تؤكد أنه تعرض لعملية اغتيال، وأن الوفاة ليست طبيعية، والحركة تتهم الاحتلال الإسرائيلي بالمسؤولية عن عملية الاغتيال».
(رويترز، أ ف ب)