نجحت المملكة العربية السعودية في تأجيل موعد انعقاد مؤتمر جنيف 2. رضخت للضغوط الأميركية للقبول بأصل انعقاد المؤتمر، لكنها فازت بإرجاء انعقاد المؤتمر، بذريعة رفض المعارضة السورية التابعة لها المشاركة في جنيف 2. مصدر دبلوماسي عربي قال لـ«الأخبار» إن الملفات الخلافية بين السعودية والولايات المتحدة ثلاثة: الاول، عدم توجيه واشنطن ضربة عسكرية للنظام السوري؛ والثاني، اختلاف في النظرة تجاه الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر والاداء السياسي لحكام القاهرة الجدد؛ والثالث، المفاوضات مع إيران بشأن ملفها النووي. ويضيف المصدر أن زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرياض أول من أمس أتت من البوابة المصرية. وفي العاصمة السعودية، رفع وزير الخارجية الأميركي من لهجة خطابه في وجه إيران وحزب الله. «منحة أميركية للسعودية، في الشكل والخطاب»، في مقابل تعهد سعودي بالمشاركة في جنيف 2، لكن، بعد حين. وترى مصادر دبلوامسية عربية أن السعودية تريد فرصة إضافية لمحاولة تعديل موازين القوى في الميدان السوري، وخاصة من الجبهة الجنوبية في درعا. في المحصلة، مؤتمر جنيف 2 لن يُعقد في 23 تشرين الثاني الجاري. وخلف الغرف المغلقة لاجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، جرى الحديث عن احتمال تأجيل المؤتمر إلى بداية العام المقبل، في حال لم يُعقد خلال أول أسبوعين من كانون الأول المقبل، بحسب دبلوماسي عربي. وليل أمس، أعلن الموفد الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا، الاخضر الابراهيمي، ان المحادثات التي جرت أمس في جنيف مع ممثلين عن روسيا والولايات المتحدة لم تتح «للاسف» تحديد موعد لمؤتمر «جنيف 2». واعرب الابراهيمي في مؤتمر صحافي عقده بعد الاجتماعات الممهدة للمؤتمر «عن الامل» بالتوصل الى عقد «جنيف 2 قبل نهاية العام الحالي» معتبرا ان «عملا مكثفا قد أنجز». واعلن ان اجتماعا ثلاثيا ثانيا بينه وبين الاميركيين والروس سيعقد في الخامس والعشرين من الشهر الحالي. كما كشف الابراهيمي ان «المعارضة السورية غير جاهزة حتى الآن للمشاركة في جنيف-2».
من جهته، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن مؤتمر «جنيف ــ 2» قد يعقد في نهاية العام الحالي في حال كانت هناك تفاهمات بشأن هذا الجدول. وقال غاتيلوف في أعقاب المشاورات الثلاثية انه «يجب مناقشة المسائل المتعلقة بمشاركة المعارضة السورية في جنيف ــ 2»، مشيرا «الى أنه ليس هناك وضوح بهذا الشأن حتى الآن». وأضاف غاتيلوف «أشرنا الى ان التصريحات الأخيرة من قبل بعض قادة المعارضة مخيبة للأمل. كما شعرنا بأن ليست لدى الأميركيين أذرع كافية للتأثير من شأنها أن توحد المعارضة». وتابع انه «من الضروري أن نلفت هنا الى أنه يجب ليس فقط أن يكون هناك تمثيل للمعارضة، بل مشاركة أكبر دائرة ممكنة من قوى المعارضة، والأميركيون لم يفلحوا في ذلك حتى الآن».
واجتمع الابراهيمي مع نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، والسفير الأميركي روبرت فورد ونائبي وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وغينادي غاتيلوف، في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف.
وبعد انتهاء المحادثات المغلقة، انضم إليهم مسؤولون من بريطانيا وفرنسا والصين، بالاضافة إلى دول مجاورة لسوريا هي العراق والأردن ولبنان وتركيا وجامعة الدول العربية.
واعتبر توسيع الاجتماع في الاوساط الدبلوماسية في الأمم المتحدة على أنه إشارة إلى تسريع التحضيرات لمؤتمر «جنيف 2».
وقال مصدر في الأمم المتحدة إنّه حتى إذا لم يتسنّ تحديد موعد للمؤتمر، فإنّ الهدف هو «أن تصبح كل الاطراف والجماعات مستعدة للموعد على الأقل».
كذلك أفادت قناة «روسيا اليوم»، بأنّ الاطراف الراعية للمؤتمر لا تتوقع انعقاده هذا الشهر، «ولكنها تأمل عقده قبل انتهاء العام 2013». وأضافت، نقلاً عن مصادر دبلوماسية في جنيف، تحدثها عن توافق روسي ــ أميركي على تأجيل المؤتمر وسط انطباع عام بأن نتائج المعارك في سوريا تفرض أجندة المؤتمر وتحديد موعده. بدورها، نقلت وكالة «ايتار تاس» الروسية للأنباء عن مصدر قريب من المحادثات قوله إنّ المؤتمر لن يعقد هذا الشهر.
في السياق نفسه، كشف مصدر «مطلع ومقرب من الاجتماعات التحضيرية» لمؤتمر «جنيف 2» أن دبلوماسيي روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة توافقوا على نص الدعوات لجميع المشاركين في المؤتمر. وقال المصدر لقناة «روسيا اليوم»، أيضاً، إنّ «نص الدعوات تم التوافق عليه». ويدور الحديث عن الرسائل التي سترسل إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والحكومة السورية وقوى المعارضة والأطراف الخارجية.

لافروف: يجب دعوة إيران

من جهته، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنّه يجب دعوة إيران لمؤتمر «جنيف 2»، في تأكيد لموقف بلاده، بعدما قال رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد الجربا إنّ «الائتلاف» لن يشارك إذا حضرت إيران. وأضاف، في مؤتمر صحافي، «لذلك من المهم هنا العمل في سبيل النتيجة النهائية وليس من منطلق التفضيل الايديولوجي مثلما هو الحال مع من يصرون على استثناء إيران من قائمة المدعوين». كذلك انتقد لافروف طلب الجربا وضع إطار زمني واضح لرحيل الرئيس بشار الأسد، قائلاً إنّه يجب عدم وضع شروط مسبقة لمؤتمر «جنيف 2».
على صعيد آخر، أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس، إلى ان طهران قد تستخدم نفوذها لتشجيع المقاتلين الاجانب الذين يقاتلون في سوريا على الانسحاب من هناك. وقال ظريف لقناة «فرانس 24»، ان «إيران مستعدة لمطالبة جميع القوى الاجنبية بالانسحاب من سوريا.. نحن مستعدون.. للضغط من اجل انسحاب كل غير السوريين من الاراضي السورية».
في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إنّ هدف المفاوضات التي ستجري في إطار «جنيف 2» هو تنفيذ بيان «جنيف 1». وذكر، في مؤتمر صحافي عقده في بولندا أمس، إنّ السلطات السورية وافقت على حضور المؤتمر، داعياً المعارضة إلى الذهاب إلى جنيف أيضاً، لأنه «لا يوجد حل عسكري للصراع في سوريا». وشدّد وزير الخارجية الأميركي على ضرورة تسوية الأزمة السورية بوسائل سلمية وتشكيل حكومة انتقالية محايدة تضمن للشعب السوري حرية تحديد مستقبله.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)



«منظمة الكيميائي» مفلسة

لم تجمع الهيئة الدولية المكلفة بالتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية من الأموال حتى الآن إلا ما يكفي لتمويل بعثتها خلال هذا الشهر، وسيتعيّن تدبير المزيد من الأموال سريعاً لدفع تكاليف تدمير مخزونات الغاز السام العام المقبل. وجمعت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية حتى الآن نحو عشرة ملايين يورو (13.5 مليون دولار) لهذه المهمة. وفي نهاية الأسبوع المقبل سيتعين على المنظمة وسوريا أن تتفقا على خطة مفصلة للتدمير، تشرح بالتفصيل مكان وكيفية تدمير هذه الغازات السامة.
ومن التكاليف الضخمة المنتظرة، تلك التي ستمول شحن المواد الكيميائية الخام إلى خارج سوريا لتدميرها. وذكر مصدران أنّ النقاشات دائرة مع الدول المستعدة لاستضافة المنشآت لاحراق الغازات السامة أو تحييدها كيميائياً، ومنها ألبانيا وبلجيكا ودولة اسكندنافية لم تحدّد. وقالت مصادر إنّ شركات في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا تتنافس على عقود لتوفير منشآت التدمير.