قدم مستشار الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل، يعقوب عميدرور، قراءة استراتيجية في التهديدات والفرص التي تحيط بإسرائيل متناولاً الموضوعات الساخنة في المنطقة بدءاً بالملف النووي الإيراني، وصولاً إلى الأوضاع في مصر، مروراً بعملية التسوية مع الفلسطينيين والحرب في سوريا والمكانة الدولية للولايات المتحدة وانعكاسها على إسرائيل.
وعرض عميدرور، الذي قدم استقالته من منصبه قبل أشهر، تقدير الوضع الأخير خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأحد الماضي قبل أن تجري مراسم التسلم والتسليم مع خلفه، يوسي كوهين، في حفل وداعي مغلق حضره قادة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية إضافة إلى السفير الأميركي لدى تل أبيب، دان شابيرو.
وعُين عميدرور في منصبه في آذار 2011 خلفاً لعوزي أراد، وكان طوال هذه الفترة من الشخصيات القوية في الساحة السياسية ــ الأمنية في اسرائيل وأحد المستشارين الأكثر قرباً من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. وخلال الفترة الأولى من إشغاله منصبه عُرف الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي بأنه أحد الصقور الإيديولوجيين. ورأى فيه البعض ممثلاً لتيار اليمين الديني الاستيطاني في حاشية نتنياهو، لكن تعديلاً طرأ على مواقفه السياسية مع الوقت دفع ببعض المعلقين إلى القول إنه تحول إلى شخصية براغماتية، فيما اتهمته أوساط المستوطنين بالنزعة اليسارية.
وقد وجد هذا التحول تعبيره في الأقوال التي أدلى بها عميدرور في موضوع التسوية، إذ حذّر من الجمود السياسي وشدد على أن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين يساهم بشكل كبير في مكانة إسرائيل الدولية، منذراً بأن «فشل المفاوضات سيعمّق فقط نزعة المقاطعة والعزلة الدوليتين على اسرائيل».
وفي الشأن السوري، قال عميدرور إن نظام الرئيس بشار الأسد، طور تعلقاً وثيقاً للغاية بحزب الله في اطار حربه ضد المسلحين، مشيراً إلى أن من شأن هذا التعلق أن يدفع النظام إلى نقل سلاح أكثر تطوراً وفتكاً إلى حزب الله.
وإذ لفت إلى أن التقدم في نزع السلاح الكيميائي من سوريا يمثل تطوراً إيجابياً بالنسبة لإسرائيل، أعرب عميدرور عن اعتقاده بأن تحدياً مقلقاً يكمن في هذا الأمر، حيث قد تجد إسرائيل نفسها في حالة دفاع أمام ضغط دولي يطالبها بإبداء الشفافية في يتعلق بالأسلحة غير التقليدية الموجودة بحوزتها.
واحتل الموضوع الإيراني الحيز الأهم في كلام عميدرور، الذي رأى أن تغييراً طرأ على موقف طهران في ما يتعلق بالاستعداد لخوض المفاوضات مع الغرب من دون أن ينعكس ذلك على موقفها من الاستمرار في تخصيب اليورانيوم. واعتبر أن هذا التغيير ينبع من الضغط الذي يعيشه النظام في إيران جراء العقوبات الدولية عليه، داعياً إلى الإبقاء على هذه العقوبات وتدعيمها بتهديد عسكري ذي صدقية من أجل «التقدم في المفاوضات مع الغرب». وقال عميدرور إن على إسرائيل أن تطرح سقفاً متصلباً في كل ما يتعلق بشروط التسوية بين ايران والغرب، وذلك رغم الانتقاد الذي يوجه اليها في العالم. وشدد على أنه من الممنوع بالنسبة لإسرائيل إزالة الخيار العسكري عن الطاولة، حيث «فقط إذا كان واضحاً للعالم أن لدينا قدرة حقيقية على تنفيذ عملية عسكرية في ايران فلن تتمكن الأسرة الدولية من تجاهل مطالب اسرائيل». وأوضح أنه «يوجد تهديد وجودي واحد على إسرائيل هو إيران ويجب فعل كل شيء لإزالته. إذا كان ذلك ممكناً عبر المفاوضات، فليكن، وإن لم يكن ممكناً، فبوسيلة أخرى».
وفي الشأن المصري بدا عميدرور أكثر تفاؤلاً، إذ رأى جنرالات الجيش المصري نجحوا في صد الموجة الإسلامية، وهكذا نقلوا رسالة الى دول أخرى في المنطقة ايضاً. وعلى حد قوله، فإن التطورات في مصر أدت إلى إضعاف كبير لحركة حماس في غزة. وحول علاقة تل أبيب بواشنطن، قال عميدرور إن العالم ينظر إلى إسرائيل بوصفها مندوبة للولايات المتحدة في المنطقة