القاهرة | بعد قرار مجلس الدفاع الوطني المصري تأجيل إقرار مشروع قانون تنظيم التظاهر، وطرحه على حوار مجتمعي لمدة أسبوع، بعد الاعتراضات الكثيرة التي أثارته حوله الأحزاب والحركات المنددة بمشروع القانون، بقي الغموض مخيماً على مستقبل القانون بين تأجيله أو تعديل بعض فقراته، فيما وضع مجلس الدولة تعديلات لمزيد من تقييد الحريات مع استمرار الحوار المجتمعي. وعلمت «الأخبار» أن الحكومة المصرية تبحث طرحين بشأن القانون؛ إما تعديله، حسبما أفاد رئيسها، أو إرجاء اعتماده إلى ما بعد الانتخابات التشريعية ليضعه البرلمان بموافقة مختلف ممثلي الشعب، على الرغم من إرساله إلى مجلس الدولة ليدرس القسم التشريعي والذي أقرّ بدوره تعديلات جديدة عليه تضع مزيداً من القيود على الحريات.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن الاتجاه الغالب حتى الآن داخل الحكومة يفضّل تأجيل اعتماد القانون وليس تعديله، حتى لا تُحشد القوى السياسية ضده وتخسر الحكومة دعم القوى السياسية الداعمة لها، على أن يصدر قرار من رئاسة الجمهورية أو الحكومة بسحبه من مجلس الدولة الذي ينظر فيه حتى يوم الأحد المقبل والذي سينتهي فيه من تعديله.
كذلك كشف عضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري وعضو المجلس القومي لحقوق الانسان، محمد عبدالعزيز، لـ«اﻷخبار» أن المجلس يتجه لإصدار توصية بتأجيل إصدار القانون على أن يقرّه البرلمان المقبل.
وكان مجلس الدولة قد أجرى تعديلاته بالتوازي مع الحوار المجتمعي حول القانون، الذي سينتهي يوم الأحد المقبل. وكشف الصحافي المتخصص في شؤون القضاء، محمد بصل، لـ«الأخبار»، أن التعديلات التي أجراها مجلس الدولة حتى الآن أشد سوءاً وتقييداً للحريات عن تلك التي يتضمنها المشروع الأصلي. وأضاف بصل أن من أهم التعديلات تشديد صياغة مادة حظر الاعتصام والمبيت في أماكن التظاهر، بحيث أصبح نصها «يحظر في ممارسة الحق في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة، الاعتصام أو المبيت بأماكنها، أو الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذاؤهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو الجوي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة أو تعريضها للخطر»، وبذلك جرى استخدام مصطلح الحظر بدلاً من مصطلح «لا يجوز» الذي كان في المسودة السابقة، وأضيفت عبارة «الإخلال بالأمن والنظام أو تعطيل الإنتاج» إلى غيرها من محاذير الاعتصام.
كذلك كشف بصل أن تسريبات وصلته أفادت بأن الحكومة أجرت تغييراً جوهرياً في ما يتعلق بطلب الإخطار، حيث تشترط المسودة الجديدة إخطار قسم أو مركز الشرطة الذي يقع في دائرته المكان المستهدف بالمظاهرة، قبل إجرائها بسبعة أيام عمل على الأقل، بعدما كانت المسودة السابقة تشترط الإخطار قبلها بأربع وعشرين ساعة فقط.
كذلك أدخلت الحكومة تعديلاً على طرق مواجهة قوات الأمن للعنف إذا حدث في التظاهرة والوسائل الأمنية لفض أو تفريق الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة، بحيث جرى تقسيم هذه المواجهة على 3 مراحل: الأولى، مرحلة مطالبة المتظاهرين بالانصراف، وفيها توجّه إنذارات شفهية متكررة وبصوت مسموع، ويحدد في الإنذار الطرق التي يسلكها المشاركون في التظاهرة لدى انصرافهم، وكذلك تتولى قوات الشرطة إجراء تأمين لمحيط تجمع المشاركين في التظاهرة. المرحلة الثانية تأتي في حالة عدم استجابة المتظاهرين أو المجتمعين للنداءات، بحيث تستخدم خراطيم المياه المندفعة، ثم الغازات المسيلة للدموع، ثم الهراوات.
والمرحلة الثالثة تأتي في حالة عدم جدوى الوسائل السابقة، أو تعدّى المتظاهرون على الأشخاص والقوات، بحيث تستخدم الشرطة الطلقات التحذيرية، ثم قنابل الصوت أو الدخان، ثم طلقات الخرطوش المطاطي. وفي حالة لجوء المتظاهرين إلى أعمال العنف أو استخدام الأسلحة النارية، يجري التعامل معهم لرد الاعتداء بوسائل تتناسب مع قدر الخطر المحدق بالنفس والمال والممتلكات، ولا يجوز لقوات الأمن عند فضّ أو تفريق التظاهرة استعمال القوة بأكثر من المنصوص عليه في القانون.
وكانت المسودة السابقة تمنح قوات الأمن إمكانية استخدام قوة أكبر في حالات الدفاع الشرعي عن النفس والمال، وطبقاً للقواعد المنصوص عليها في قانون الشرطة، أو بناءً على أمر من قاضي الأمور الوقتية.
ومن التعديلات الجديدة أيضاً توسيع أماكن الحرم الآمن التي يحظر على المتظاهرين تجاوزها أمام كل من المقار الرئاسية، والمجالس التشريعية، ومجلس الوزراء والوزارات والمحافظات، والمحاكم والنيابات والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، وأقسام ومراكز الشرطة ومديريات الأمن والسجون والأجهزة والجهات الأمنية والرقابية والمستشفيات والمرافق، لتصبح من 100 إلى 300 متر، بدلاً من 50 إلى 100 متر.
وأضيف نص جديد يسمح للمحافظين بأن يضيفوا أي مواقع جديدة يحدَّد هذا الحرم الآمن أمامها حسب مقتضيات الظروف، مع استمرار حظر دخول أي فرد إلى حرم المواقع المشار إليها لنصب منصات أو خيام بغرض الاعتصام أو المبيت فيها. وبعدما كانت المسودة السابقة تتجاهل وضع مدد لفترات الحبس المقررة لمعاقبة المخالفين بها، جاء في المشروع الجديد أنه «يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 10 سنوات»، إضافة إلى الغرامة القديمة من 100 ألف إلى 300 ألف جنيه لكل من حاز أو أحرز أسلحة وذخائر ومفرقعات أو مواد حارقة أو نارية أثناء مشاركته في التظاهرة، كما يعاقب بالحبس من سنتين إلى 5 سنوات إضافة إلى الغرامة القديمة من 50 إلى 100 ألف جنيه كل من خالف مواد القانون، بينما يعاقب بالحبس أو الغرامة من 50 إلى 100 ألف جنيه كل من ارتدى أقنعة أو أغطية بقصد إخفاء الوجه خلال المظاهرة، بعدما كانت عقوبة ذلك هي المقررة لمجرد مخالفة القانون.